السرد المقنّع بالرسالة لبناء سيرة ذاتيّة

*فراس حج محمد

لم يدخل السجن كاتب أو مثقف إلّا وكتب رسائلَ إلى محبّيه ومريديه أو ممّن له علاقة معهم، لذلك من الطبيعي أن تظلّ الرسائل- على اختلاف أنواعها- حاضرة في حركة التأليف الإبداعي الإنساني. وقد شهد تاريخ الأدب كثيراً ممن كتبوا رسائل داخل السجن، فعلى سبيل المثال لا الحصر أذكر قصائد أبي فراس- وهو أسير- لأمّه ولابن عمّه سيف الدولة الحمداني، وكتاب “ابن تيمية”- رحمه الله- “رسائل من السجن”، ويتألف الكتاب من (10) رسائل، سبع رسائل منها كُتبت داخل السجن، ورسائل أنطونيو غرامشي إلى أمّه، وصولا إلى رسائل الأدباء الفلسطينيين الذين كان للرسائل حضور لافت في كتابتهم داخل السجن وخارجه؛ كمحمود درويش، وعزّت الغزاوي، وسميح القاسم، وكميل أبو حنيش وباسم خندقجي وحسام زهدي شاهين. وأيضاً على سبيل التمثيل لا الحصر والاستقصاء.

ولعلّ المتأمّل لعمل الكاتب الأسير حسام شاهين “رسائل إلى قمر” يُصاب بالحيرة تجاه تجنيسه الأدبي، ولعلّه تعمّد أن يربك النقّاد والقرّاء إلى حدّ كبير، ليوقعهم في مغبّة عدم التفكير بما هو خارج “فنّ الرسائل”، وقد مارس هذه العمليّة التضليليّة عبر كثير من الإرباكات، وكان من أهمّها وأوّلها العنوان “رسائل إلى قمر”، إذ يفترض العنوان طرفين؛ مرسل ومرسل إليه، ومجموعة نصوص مكتوبة بتقنيات كتابة الرسالة، علماً أنّ الكاتب خالف معهود الكتّاب في كتابة الرسائل، بدءاً من عنونة النصوص، فلم يكن الكتّاب يُعَنْوِنون رسائلهم الشخصيّة إلى ذويهم وأصدقائهم أو إلى محبوباتهم، بل كانت تبدأ بالتحيّة وذكر المرسل إليه وبصفته المحبّبة إليه، حبيبتي أو أخي أو بنيّ أو زوجتي أو عزيزتي أو ما شابه، وتنتهي بالتوقيع والمكان وتاريخ كتابة الرسالة الذي هو غالباً هو تاريخ الإرسال.

إنّ هذه العنونة تشير إلى قصديّة الكاتب في أن يكتب كتاباً موظِّفاً الرسالة في بنائه، وهذا ما حدث بالفعل، فقد خلت تلك الرسائل المعنونة من تاريخ كتابة الرسالة ومكانها، على الرغم من أنّ الكاتب وضع في نهاية الكتاب إشارة بيّن فيها التاريخين اللذين يقع بينهما أوّل نصّ وآخر نصّ، وكذلك أماكن كتابة تلك الرسائل (أسماء معتقلات)، هذه الطريقة في التوضيح هي المستخدمة عند الكتّاب في توضيح بعض المسائل المتعلقة بظروف كتابة نصوصهم السرديّة، أضف إلى أنّ الكاتب في هذه الإشارة لم يسمّها رسائل، بل نصوصاً.

عدا ذلك، فإنّ العنوان الفرعي للكتاب “شظايا سيرة” جاء يربك المتلقّي مرّة أخرى، قبل الدخول إلى الكتاب، وعلى ذلك؛ فإنّ هذه النصوص بمجموعها تحاول أن تبني صورة للكاتب أراد أن يعرّف بها القرّاء، واتّخذ من “قمر” حُجّة لهذا الغرض، فلم تحضر قمر في صلب هذه النصوص ليكون الشكل الفنّيّ للنصّ هو رسالة إلّا في القليل من النصوص، بل شكّلت بمجموعها سرداً ذاتيّاً، يرسم من خلاله حسام شاهين صورة له، مؤكّداً تلك المقولة التي تقال دائماً عن كتّاب السيرة، وهي إشباع نزعة ذاتيّة نرجسيّة، تساعده في حالته كأسير على أن يكون حاضراً بالكتابة، لأهداف خاصّة سأذكرها لاحقاً.

ولأهمّيّة هذه الأهداف، فقد تناول الكاتب في بداية الكتاب أهمّيّة الكتابة بشكل عامّ للأسير، وأهمّيّة كتابة الرسالة أيضاً، ومَنْ كتبها، متتبّعاً ذلك عند كتّاب آخرين حشدهم في النصّ الأوّل من ثقافات متعدّدة عربيّة وفلسطينيّة وعالميّة، قديمة وحديثة. هذا يؤكّد للباحث مرّة أخرى أنّه يتقصّد إنشاء عمل سردي متّكئاً على فنّ الرسالة، لكنّه لم يشأ أن يكتب رسائل بمفهومها التقليدي المتعارف عليه.

يحيلني هذا العمل إلى ما قامت به الكاتبة حميدة نعنع التي كتبت روايتها “الوطن في العينين”، واختارت لها قالب الرسالة، مع اختلاف بين الأسلوبين، فقد استهلكت الرسالة الرواية بكاملها إلّا قليلاً. أمّا حسام فإنّه بنى معماره الفنّي السردي على مجموعة نصوص، لم تأخذ من الرسالة إلّا عبارتها الأولى “حبيبتي قمر” التي التزم بها في كلّ الكتاب عدا مرّتين أو ثلاث عندما قال: “حبيبتي الصغيرة”. لذلك جنحت هذه الرسائل إلى فنّ المقالة كثيراً، واتكأت على السرد والحوار، والحديث عن الآخرين. فهل أراد الكاتب أن يطوّر من أسلوب كتابة الرسالة؟ وأين العنوان من الكتاب؟ وما هي ملامح شخصيّة الكاتب التي يستطيع القارئ أو قمر تركيبها من هذه الفسيفساء السرديّة؟

هذا الشكل من السرد لا يعطي هذه النصوص أهمّيّة تذكر من أجل أن يقول الدارس أنّ الكاتب أراد أن يطوّر أسلوب الرسائل، على الرغم من أنّ الرسالة ليست ذات معنى واحد، وقد وردت في المعاجم العربيّة لعدّة معانٍ، بعضها حاضر في الكتاب ضمناً وصراحة، فمنها “المكتوب” المعروف التقليدي الذي هو الرسالة بمفهومها البسيط؛ ما يرسله شخص لآخر في موضوع شخصيّ بينهما، وهو ما يُعرف تقليديّاً في الدراسات الأدبيّة بـ “الرسائل الشخصيّة” أو “الإخوانيّة”، يشتمّ القارئ شيئاً من ذلك لاسيّما أنّ المرسل إليه شخص معروف ومحدّد سلفاً، ويؤكّد الكاتب حضوره في بداية كلّ نصّ، وإن كان هذا الحضور ناقصاً وشكليّاً.

ثمّ تحضر الرسالة بمفهوم “الرسالة الأدبيّة” كتلك التي كتبها أبو العلاء المعري والجاحظ وبعض كتاب الأندلس وبعض الفلاسفة، وهي الكتاب الموجّه لشخص ما، وعادة ما يكون أميراً أو حاكماً أو صديقاً أو عالماً، أو ألّف من أجل الإجابة على سؤال ما، أو بحث لقضيّة فلسفيّة أو فقهيّة معيّنة، ويعرّف المعجم هذا النوع من الرسائل بقوله: “كتاب يشتمل على قليل من المسائل، تكون في موضوع واحد”، ويستطيع الدارس أن يقول إنّ الكتاب بمجموعه هو “رسالة أدبيّة” ألّفها الكاتب لتكون لقمر ولأبناء جيلها ليتعرّفوا على تجربة الكاتب وتجارب من معه، ليستفيدوا منها. وهذا ما أكّده أيضاً ذلك المقطع المؤطّر على شكل رسالة تقليديّة ومثبت على غلاف الكتاب.

لهذه الأدبيّة في الرسائل ما يؤكدها، في هذا الاهتمام بفنّيّتها السرديّة والتعبيريّة واللغويّة، والمحافظة على خط سير سرديٍّ خاصّ بكلّ نصّ. إنّ عمليّة فنّيّة كبيرة جعلت من هذه النصوص بمجموعها “رسالة أدبيّة”، فيها من البوح والهمّ الذاتي المتّصل بالهم الجماعي الشيء الكثير، وبما ناقشته من أفكار ذهنية مجرّدة.

هذان الاحتمالان موجودان بوضوح في كتاب “رسائل إلى قمر”، وأما الاحتمال الثالث فقد جاءت الرسالة في الكتاب خلال السرد بمعنى الهدف أو المغزى أو الدروس المستفادة من تلك التجارب التي بثّها الكاتب في كتابه، ليصبح معنى “رسائل إلى قمر” مجموع ما يريد أن يوصله الكاتب من خبرة إلى القرّاء، وقمر من بينهم، وليس لها وحدها، وهذا “ممّا يتوخَّاه من وجوه الإِصَلاح” على حدّ وصف المعجم الوسيط، وهذه الخبرة المشحونة بالنصائح والتوجيهات الأدبيّة والعلميّة والتربويّة والنضاليّة.

ومن أجل ترسيخ هذا المعنى حرص الكاتب أن يرسم له صورة قريبة من المثاليّة، وهذا بطبيعة الحال- كما أسلفت- متّفق مع الهدف والغاية من السيرة الذاتيّة، فقد بدا حسام في هذا الكتاب مناضلاً وقويّاً، وشخصيّة نضاليّة منذ صباه، من عائلة مناضلة عريقة، لها تضحياتها في سبيل الوطن.

ثمّ هو شخصيّة قياديّة، له حضوره في صفوف حركة فتح، وله علاقات عربيّة ودوليّة وأصدقاء من بلدان متعدّدة، كما أنّه بدا شخصاً حكيماً عارفاً مثقّفاً مجرّباً لا يهزم، يمارس حكمته من أجل أن يكون معلماً لقمر ولجيلها، بمعنى أنّه يعتقد أنّه ذو شخصيّة ملهمة، على الآخرين أن يستضيئوا بنور تجاربه وبصيرته، لذلك تراه يكثر من أفعال الأمر والنهي في توجيه قمر والقارئ لتكون مثل هؤلاء النماذج التي عرّفها بقصصهنّ وبقصصهم، ولتستفيد من تجاربه شخصياً، ولعلّ فارق العمر بينه وبين قمر جعله يشعر أنّه بمقام المعلم والأب، لاسيّما أنّه كان يخاطبها أحياناً “يا ابنتي”.

عدا ذلك بدا حسام شخصيّة ذات ملامح مثاليّة جدّاً، فاختياره القصدي لمجموعة السرود التي تضيء على حياته بطريقة “الشظايا” تجعل من هذه النصوص عند تركيبها تخرج بهذه الصورة المتخيّلة لهذه الشخصيّة العميقة المتبصّرة الواعية التي كانت صمّام أمان داخل المعتقل وخارجه. بل يتجاوز السرد هذه الصورة إلى صورة ذلك الرجل “القدّيس” الذي نجا بأعجوبة من محاولة المرأة الإيطاليّة اغتصابه، فتحوّل إلى “يوسف” جديد، فصار “نبيّ الثورة المعصوم”، كما أنّه مسيطر على شهواته وغرائزه، ولم يكن ليسمح أن يمرّ بخاطره أن يتجاوز حدوده مع صديقته كاترينا، على الرغم من تلميحها بذلك، فنام عندها في منزلها، ولم يحدث بينهما ما يكسر طوباويّة علاقة الصداقة، فالصداقة كما قال: “كانت أقوى منّا جميعاً”.

في هذه النصوص ثمّة تقمّص لشخصيّة النبيّ صاحب الرسالة، وهذا المفهوم للرسالة حاضر أيضاً وإن بشكل أقلّ، فإنْ قال محمود درويش يوماً: “من أنا لأقول لكم ما أقول لكم”، فإن حسام في هذه الرسائل يؤكّد مقولة السيد المسيح الواردة في إنجيل متّى: “أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ”، ولسان حال الكاتب يقول بناء على هذا: أنا من أنا، ولذا سأقول لك يا قمر، وسأقول لكم أيّها القرّاء، ويا أبناء هذا الجيل ما سأقوله لكم في هذه النصوص. لذلك تبدو في هذه الرسائل اللغة الواثقة اليقينيّة القاطعة، فكأنّ حسام شاهين رسول العناية الإلهيّة، حامل لرسالة أخلاقيّة ووطنيّة يتقدّم بتعاليمها لقمر ولغيرها من القرّاء.

هذه الشخصيّة بهذه الملامح، وهذا اليقين، جعلت الكاتب أيضاً وفيّاً لأصدقائه، وقد عبّر عن هذا الوفاء في حشد قصص صديقاته وأصدقائه ومعارفه، فعدا كاترينا كان هناك أيضاً آينكن هاتليد صديقته اليساريّة التي كانت أصابعها تلامس روحه عندما لامسته، فهي المرأة الوحيدة التي لمسها منذ اثنتي عشرة سنة، لذلك كان لها كلّ هذا الأثر العميق في روحه، كما صوّر في مشهد لقائه معها خلال زيارتها له في المعتقل.

ومن الجوانب المهمّة في شخصيّة حسام وأكّدها مراراً نسويّته التي يدافع فيها عن النساء وحقوقهنّ، ومواجهة ما سمّاه “الذكوريّة” في المجتمع الفلسطيني، وخاصّة عندما تناول السرد الحديث عن شخصيّة الدكتورة ليلى غنّام، فهي امرأة بألف رجل، وتعمل على تحطيم منظومة القيم والعادات والتقاليد المعيقة للتقدّم والنهضة. إضافة إلى هذه الأفكار النسويّة التي تدافع عن حقوق المرأة خارج الحقوق التقليديّة، حشد الكاتب في كتابه نماذج نسائيّة متعدّدة، عربيّة وأجنبيّة، وبين معاناتهنّ جميعاً، وكيف استطعن أن يتحدين الظروف الصعبة القاهرة من أجل تحقيق الذات أوّلاً ثمّ للمشاركة في الحياة العلميّة والسياسيّة والاجتماعيّة الفلسطينيّة.

إضافة لهذين الأمرين فإنّ الإهداء الذي يستهلّ الكاتب فيه كتابه كان لثلاث نساء: أمّه، وقمر عماد الزهيري (المرسل إليه المفترض)، وأخته نسيم. وفي هذا الإهداء يحدث الإرباك مرّة أخرى، فكيف يهدي الكتاب لقمر الزهيري وهو رسائل موجّهة لها؟ وهذا ما حدا بي أن أغلّب أنّ قمر لم تكن سوى “حجّة” سرديّة ومرسل إليه افتراضي، إذ لا يحتاج المرسل أن يهدي المرسل إليه الكتاب مرّة أخرى. على الأقلّ أنا أعتقد ذلك. ومن باب آخر يؤكّد الإهداء أنّ هذه النصوص أيضاً رسائل أدبيّة ذات أهداف نضاليّة، كما أسلفت.

لقد أتاح هذا الأسلوب المراوغ بين السرد والكتابة عن الذات أن يتحدّث الكاتب عن كثير من الموضوعات، ويناقشها بطريقته الخاصّة، و”أطلقه من غير تقييد”، وإن غلب عليه في نصوص كثيرة البوح، والحديث عن الكتابة ذاتها، وأهمّيّة الكتابة من ناحيتين؛ الكتابة بشكل عامّ، فهو كما قال: “في الكتابة أحاول أن أستخدم كلّ ما اكتسبه من مهارة في هذا المجال، (مجال الكتابة)، بحكم التجربة لا بحكم التخصّص”، وهو يكتب أحياناً من أجل أن يتجاوز فخّ الروتين ليقتل الفراغ. وكذلك الكتابة إلى قمر بشكل خاصّ التي يلخّصها بقوله: “لذلك يا حبيبتي أواصل الكتابة إليك، لعلّها تنير شمعة صغيرة على طريق مستقبلك”. وأمّا على صعيد شخصي بما يرتبط بالكاتب نفسه، فقد برّر الكتابة إلى قمر بقوله: “عندما تقرئين نصّاً ممّا أكتب، فأنت تقرئين جزءاً منّي، الجزء الذي أحاول أن أكون أو لا أكون، علماً أنّني لست أنا عندما أزاول الكتابة، لكنّني أكتب حتّى أكون أنا”. فكأنّه يريد أن يقول أنا أكتب إذاً أنا موجود. وهذا بالمجمل ما تؤكّده كتابات الأسرى، ولعلّي لا أكون مبالغاً عندما أقرّر أنّ هذا هو الدافع الحقيقي لأيّ كاتب من أجل أن يكتب- وليس الكاتب الأسير فقط- ليحقّق وجوده من خلال الكتابة.

على أيّ حال، فإنّ الكاتب حسام زهدي شاهين في كتابه هذا اقترح طريقة جماليّة غير تقليديّة لكتابة سيرة ذاتيّة لمرحلة طويلة من حياته، سيرة تمحورت حول السجن والنضالات والإنجازات والشخوص الذين كانت تربطه علاقة بهم. لقد كان لافتاً للانتباه أنّ كلّ هؤلاء الأشخاص إيجابيّون مناضلون في الأعمّ الأغلب، وربّما يتّفق هذا مع أهمّ رسالة من رسائل الكتاب المخفيّة، وهي تنمية الحسّ النضالي الاجتماعي لدى قمر وأبناء جيلها، ولا يريد أن يشوّش العقول بنماذج سلبيّة، بل إنّه أكّد البعد التربوي بتكريس الشخصيّات التي تصلح لأن تكون قدوة في مجالها. ومن هنا يكتسب الكتاب بعداً تربويّاً تعليميّاً مُهمّاً رغماً عن تلك النرجسيّة التي لم يستطع الكاتب التخلّص منها، أسوة بكلّ كتّاب السيرة الذاتيّة، لاسيّما الكتّاب العرب. والمناضلون منهم على وجه الخصوص. وقد كرّس هذا البعد؛ البعد التربوي التعليمي، أيضاً بلغة مفهومة وسلسة، وذات توتّر عاطفي في بعض نصوصها، محمّلة بشحنات عاطفيّة، ربّما تكون مؤثّرة في نفوس بعض القرّاء، عدا ما اختزن الكتاب من قيم عليا وطنيّة وإنسانيّة.

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *