أمّي (من وحي الليلةِ الماضيةِ)


  • مرزوق الحلبي

أمّي،

لا تردّ بائعًا ولا بائعةً،

تشتري الشراشفَ

وتضيفها إلى ما ترتّب على رفوفِ خزانتِها

تشتري أقمشةً بيضاءَ كقلبِها،

ليومٍ سيأتِي،

تشتري إبرًا وخيوطًا

لترتقَ الحياةَ كلّما انسلّت خيوطُها

أو لتشدّ قرنفلةً إلى شقيقتِها

قلادةً لعروسٍ

أو لجدارٍ فِي صدرِ البيتِ

***

أمّي،

تربّي الزرّيعةَ كأنّها الأمل

حبقًا

ووردًا أحمر

وأصفرَ

ومردقوشًا

 وبعض الزنابقِ

احتفاء بالوجوهِ المليحةِ المارةِ في صحنِ الدارِ

تركنُها باقاتٍ على بابِ الوقتِ

كي يهتدِي الضالون

***

أمّي،

لا زالت ترتّب الأسبوعَ

من بدايته

ورشةُ الأطباق الطائرةِ

احتفاءٌ ملوكيّ ببناتِها الثلاثِ

وأحفادِها

زياراتٌ للجاراتِ ومَن بقيَ من الصديقاتِ

جلسات تجبرُ فيها الخواطرَ المكلومةَ

وتردّ الأَذَى

والعينَ

تصلّي لتهدّئَ من دورانِ الكرة الأرضية كي نصعدَ

وتقرأُ الأدعيةَ علَى الذين غابوا

وتخلو بنفسها قليلًا في أوّل الليلِ

لتجرد الحسابَ

***

أمّي،

كلّما بتُّ في بيتها

دقّت زجاجَ النافذةِ كأنّي تلميذٌ شاب

تحثّه أن ينامَ

أو كأنّي محرّرٌ في “الاتحاد”

يتدرّب على الآلةِ الكاتبةِ

تراقبُ سريري كي لا تخونني الأغطيةُ

تعرفُ أنني لا أحبُّ السكّر

فتناولني العسلَ البريّ

أو حبّة التمرِ

ليبدأ يومي حلو المذاقِ

كلّما بتُّ في بيتها عُدتُ فتيًّا

(آذار 2021)

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *