على بوابة العام الجديد

*محمد عبيد الله

في العام الجديد

سأكفّ تمامًا عن نقد الآخرين

بمن في ذلك من يكتبون نصوصًا رديئة

فما فائدة النقد ما داموا سيكتبون نصوصًا أكثر سوءا

بمن في ذلك من يدّعون أنهم يعرفون من أين تؤكل الكتف، كالكلاب..

في العام الجديد

لن أنقد أحدًا

حتى نفسي الأمّارة بالسوء

سأتركها على سجيّتها لتستريح من أوزان جدّي الخليل

لن أنقد أصدقائي الخلّص:

لن أنقد آخر الواقفين على أطلال الربيع العربي

ولا من يقهر نفسه لكتابة خواطر لا تتلاءم مع طبيعته

ولا من لا يميز -كالطفل-

بين الجمرة والتمرة،

والرواية والقصيدة

والعدوّ والصديق

في العام الجديد

أريد أن أقرأ كتبًا

تشبه ما كنت أقرأه في طفولتي

فتهزّ كياني وتفرّ بي إلى الملكوت

أريد في العام الجديد

أن أصاحب امرأ القيس في رحلات صيده

ربما أمنعه من أن يستعين بقيصر أو غير قيصر

ربما يستجيب

ربما يواصل الصيد معي دون إمارة ولا ما يحزنون

في العام الجديد

أريد من السياب أن لا يتغيب عن عمله دون سبب حتى لو كان مسجّى في المشفى البعيد

حتى لا يفصله الأوغاد من العمل بسبب الغياب ثلاثين يوما دون أعذار

في العام الجديد

أريد من تيسير سبول أن لا يحمل مسدّسا أحمق محشوًّا

أريد منه أن يغنّي ساخرا: (أنت منذ اليوم لي يا وطني!!)

يغني كما يشاء ولكن لا ينتحر في دار السينما

أريد في العام الجديد

أن يظل عمّي بهاء طاهر حيًا ولا يضجر من الحياة

في العام الجديد

أريد أن أتلو سورا كثيرة من القرآن الكريم

وأقرأ قصائد كثيرة لأبي العلاء المعرّي

وقصصا للقاضي التنوخي

لعلّي أنظّف لغتي مما شابها من ترّهات الحداثة وما بعدها..

في العام الجديد

أريد أن يتأكد صديقي الشيوعي أن البروسترويكا قد حدثت منذ ثلاثين عاما

وأن الاتحاد السوفياتي قد تفكك

وأن بوتين ليس تروتسكي أو لينين

في العام الجديد

أريد أن يواصل صديقي الروائي العناية بالورود والنباتات في منزله الجبلي

ولا يكتب روايات جديدة نمطيّة

أريد أن ألتقي الطاهر وطار في الجاحظية

لا أن أجد بابها مقفلا، وصورته بلا حارس أو صديق

أريد أن أسمع همس جهاد هديب

يدافع عن قصيدة النثر في استحياء

لأقنعه أن الشعر كله صار هراااااء

في العام الجديد

لا أريد لمبدع أن يموت غريبا وحيدا (كحاتم علي)

في غرفة بفندق فقير من الألفة وأكفّ الأحبّاء

في العام الجديد

أريد أن أغامر ولا أفكّر في عواقب الأمور، مثل الراشدين،

ربما أنتمي لعصابة أشرار

ربما ألغي صفحة الفيس بوك

ربما أتقدّم لجوائز يانصيب تساعدني في تسديد الأقساط

وتقليل خسائر الكتابة

في العام الجديد

أريد أن أقاوم (كورونا)

أريد أن أدخل (يناير) متفائلا مستبشرا بالمطر

في العام الجديد

سأكشف عن السخرية المخبأة وراء الجدية المفتعلة

وأعود إلى سابق عهدي التليد

في العام الجديد

سأذهب مع محمد تحريشي إلى (القنادسة) في قلب الصحراء

وأزور بيت ياسمين خضرا

والمقهى الذي يرسل لي معالمه من بعيد

في العام الجديد

سأقول ما أريد،

وأفعل ما أريد

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *