الروائية الفلسطينية ليانة بدر: أكتب شعرا كـ”صيد الفراشات”

* حاورها: السيد حسين

ترى الكاتبة الفلسطينية ليانا بدر أن المشهد الثقافي في فلسطين فوضوي إلى حد ما ،لأن سهولة النشر وإقبال الكثيرين على طرح أنفسهم ككتاب أديا إلى هذه الفوضى التي تعتبرها إيجابية إلى حد ما.

وفي حوارها مع “العين الإخبارية” ترى صاحبة “الخيمة البيضاء” أن الرواية العربية أمام تحديات كبيرة وان كتابتها تأتي من موقعها كشاهد ومراقب.  

تشارك ليانا بدر في ملتقى القاهرة الدولي السابع للإبداع الروائي العربي”الرواية في عصر المعلومات – دورة الطيب صالح” وخلفها مسيرة أدبية حافلة، فقد صدر لها روايات “بوصلة من أجل عباد الشمس”، “عين المرآة”، “نجوم أريحا”. كما صدر لها عدة مجموعات قصصية هي: “قصص الحب والمطاردة”، “شرفة على الفاكهاني”، “أنا أريد النهار”، “جحيم ذهني” بالإضافة إلى ديوان شعر بعنوان “زنابق الضوء”.

ولدت ليانا بدر في القدس عام 1952، وانتقلت مع عائلتها إلى أريحا حيث كان والدها يعمل هناك، وهو أحد رموز الثقافة العلمية في فلسطين. ونزحت مع عائلتها إلى الأردن عام 1967 بعد حرب يونيو/حزيران، ثم التحقت بالجامعة الأردنية، لكنها لم تكمل الدراسة فيها إذ حصلت على شهادة الليسانس في علم النفس العام من جامعة بيروت العربية.

وفي عام 1999 أخرجت أول فيلم لها عن الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان بعنوان “فدوى.. شاعرة من فلسطين”، وتولت هي كتابة السيناريو. وفي عام 2001، أخرجت وكتبت سيناريو فيلم بعنوان “زيتونات”. 

من أين أتتك فكرة رواية “الخيمة البيضاء”؟

ولدت وعشت في القدس وقد غبت عنها سنوات طويلة منذ 1967 وعندما عدت إليها في الجزء الأول من التسعينات وجدت أن الحياة في فلسطين تغيرت كلياً بعد هذا الاحتلال الطويل الذي ساهم في تغيير الناس والبشر وعلاقاتهم بالعالم من حولهم . وعندما جرى الاجتياح الإسرائيلي لرام الله عام 2002 واستمر قرابة 8 أشهر ونتج عنه وضع جدار الفصل العنصري بدأت أرى المزيد من الصعوبات وأشكال التمييز العنصري الحادة التي يصنعها هذا الاحتلال الاستيطاني لكي يدمر الإنسان صاحب الأرض . عراقيل تمنع التقدم والتنمية وتشوه علاقة الفلسطيني مع المكان ومع الطبيعة ومع الأرض ليس فقط لمن يتم مصادرة أراضيه ولكن أيضا عبر إقامة عشرات الحواجز الاحتلالية والثابتة منها والتي تسيطر على الطرقات وتجعلها تحت رحمة الجيش الإسرائيلي. صار المحتل يتدخل في كل شاردة وواردة ويصادر كل يوم وكل لحظة ما لم يكن يجرؤ عليه قبلاً. هكذا بدأت أجمع ملاحظاتي على نمط الحياة الجديد ووجدت أن الرواية ضرورية لبيان كيف يعيش الناس تحت الاحتلال وكيف يدفع الفلسطينيون الثمن غالياً لما يجري الآن من استباحة وغزو كولونيالي لا يتوقف، خاصة بعد “الهدايا” الأخيرة التي تتلقاها إسرائيل من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

هل ترصد هذه الرواية الواقع الفلسطيني بعين المثقفة أم الضحية؟

  إن لم نكن ككتاب شهوداً على ما يجري فمن الذي سوف يروي ما يحدث؟ الرواية تأمل فيما يجري أيضاً وليس تسجيلاً ميكانيكياً للواقع لأنها حينها ستكف عن أن تكون رواية. هنا أروي الأحلام والإخفاقات والصراعات مع العدو ومع الذات. لقد كتبت فيها عمن يحلمون بالغد وعمن يريدون تجميد الناس في الماضي ومنع حركتهم وتقليصهم إلى مجرد مجموعات منعزلة تعاني من التهميش والتخلف الاجتماعي. وتدور الأحداث حول قضية فتاة يكون هنالك من يريد اصطيادها تحت حجج الجمود والتزمت لتجريدها من حرية القرار والاختيار.

ماذا عن ديوانك الشعري الأخير “أقمار”؟

صدر كتابي الشعري الثالث عن دار “المتوسط ” في ميلانو، وقبلها كان” زنابق الضوء ” قد صدر عن “شرقيات” في القاهرة وبينهما كتاب ” زمن الليل” الصادر عن دار الساقي في بيروت. بالنسبة لي فإن هذه النصوص تتأثث بكتابة مختلفة عن الرواية تماماً فهي تعبر عن لحظات طائرة تعبر عن أعمق نزعات النفس البشرية وسرعان ما تتبخر إن لم تدون في لحظتها. إنها مثل “صيد الفراشات”.

-تعددت ألوان إبداعاتك بين الشعر والرواية والإخراج، فهل يختزل أحدهم الآخر؟

كل مادة تفرض طريقة التعبير عنها. أشعر بأنني مثل النحات الذي ينحت ما يقدمه الصخر له لأن كل مادة تقترح على الفنان نمط وطبيعة تشكيلها. طبعاً هناك فروق كبيرة بين وسائل التعبير، ولكل نوع طرقه وأساليبه. هكذا وجدت نفسي وكان لنشأتي في أسرة مثقفة تعيش مع أبيات الشعر والألوان والتصوير دوراً كبيراً في صياغة ما أود قوله والتعبير عنه بطرق مختلفة.

– ما قراءتك للمشهد الثقافي والحركة الأدبية في فلسطين اليوم؟

المشهد الثقافي في فلسطين فوضوي إلى حد ما لأن سهولة النشر وإقبال الكثيرين على طرح أنفسهم ككتاب أديا إلى هذه الفوضى التي أعتبرها إيجابية إلى حد ما . ذلك لأنها سوف تشجع الفرز التلقائي بعد أن يتم إرضاء رغبة أصحابها في حمل اسم ” الروائي ” أو ” الكاتب ” لضرورات الوجاهة الاجتماعية غالبا. طبعاً هنالك من هم جادون في بناء مشاريعهم الأدبية.

-هل هناك صعوبات خاصة تعيشها المبدعة العربية في الداخل الفلسطيني؟

هنالك صعوبات في الحياة اليومية لكل مواطن أو مواطنة فلسطينية ولها بالتأكيد تأثير على التكوين الأدبي. اعتقد أن مشكلة التزود بكتب الأدب الحديث إحداها لأسباب كثيرة منها رقابة الاحتلال على الكتب المستوردة ومنها ارتفاع أسعار الكتب. بالنسبة للصعوبات “الجندرية “في التمييز بين الفتيات والشبان فهذا وارد حسب المجال الاجتماعي الذي يحيط بالكاتب أو الكاتبة.

-ثمة انعطافات في حياة كل كاتب، فماذا عنك؟

الانعطافة المهمة في حياتي هي عودتي إلى فلسطين بعد ٢٦ سنة من المنفى الإجباري . عودة لم تكن سهلة بالتأكيد ولكنها عودة إلى سمائي الأولى وخطوتي الأولى رغم الكثير من الخيبات وتحطيم المثاليات التي أثبت الواقع إنها غير سهلة على الإطلاق.

كيف تؤثر الجوائز سلبا وإيجابا في مسيرة المبدع؟

للجوائز وجهها الإيجابي في جذب اهتمام المزيد من القرّاء ووجهها السلبي حين تمنح لمن لا يستحقها إلا لسبب إعلامي ما . لكن الجائزة الحقيقية للمبدع هو نتاجه إن كان صادقاً وحقيقياً وما يأتي بعد هذا تحصيل حاصل.

-ما الجديد لديك روائياً وشعرياً؟

لدي رواية جديدة بعنوان “أرض السلحفاة”، وهي تحت الطبع الآن. وأعمل على كتاب شعري أود أن أنجزه قبل نهاية هذا العام. وعادة تتوفر لي المادة الشعرية شيئاً فشيئاً على مهل وعندما أجد أنها قد صارت تشكل وحدة واحدة وهناك محور إنساني يجمعها، أبادر إلى نشرها.

  • عن موقع العين الإخباري

شاهد أيضاً

يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت

(ثقافات) يَنبثُ لِي شارِبٌ.. منَ الصَّمت حسن حصاري منْ يمُدُّ لي صوْتا غيرَ صوْتي الغائِب؟ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *