*غادة السمّان
نكاد ننسى أن الملوك والأمراء بشر مثلنا يتعرضون للغواية مثلنا ويضعف بعضهم أمامها مثلنا.
ها هو ملك إسبانيا السابق خوان كارلوس (82 سنة) يغادر بلده هارباً من فضيحة فساد مالي، وكان قد تنازل عن العرش لابنه عام 2014 وها هو يغادر بلده منذ شهر ونيف هارباً من تهمة قبول الرشوة بالملايين من المال غير الحلال من دول أخرى.. وكان الملك لا يشكو من الفقر طبعاً، ولم يكن بحاجة إلى قبول رشوة شردته وهو والد الملك الحالي.
وثمة أمراء تدمرهم غواية الجنس، كالأمير أندرو، ابن الملكة إليزابيت البريطانية وشقيق الأمير تشارلز ولي العهد.
وقيل إنه يهوى العلاقات مع الصبايا القاصرات، وورد اسمه في فضيحة الملياردير الأمريكي جيفري أبستين الذي انتحر في زنزانته (أو قتل؟) وما زالت القضية راهنة من خلال اتهام سيدة المجتمع البريطانية جيزلين ماكسويل بتسهيل استدراج القاصرات إلى فخ العلاقات المحرمة، واتهام الأمير أندرو بعدم التعاون مع القضاء الأمريكي حول (صداقة!) جمعته مع (عميد) هواية تعهير القاصرات جيفري أبستين. ولكن الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون.
تزوجت سراً!
وهكذا اضطرت الأميرة بياترس، حفيدة الملكة إليزابيت وابنة الأمير أندرو، إلى تأجيل حفل زواجها من أدواردو مابيلي مرات بسبب فضيحة والدها، ثم تزوجت مؤخراً سراً تهرباً بعدما كانت قد ألغت الحفل مرات، لم يكن في عرسها أكثر من عشرة أشخاص بينهم جدتها الملكة إليزابيت وزوجها الأمير فيليب.
نعم، الأميرة بياترس ابنة الأمير أندرو اضطرت للزواج سراً، ولم يسبق أن حدث مثل ذلك لأحد من آل وندسور (العائلة المالكة في بريطانيا).
وعمها الأمير تشارلز كان قد خان زوجته الرائعة ديانا مع حبيبة عمره التي طلقت زوجها لأجله، كاميلا باركر بولز، وتزوج منها.
ذلك كله يذكرنا بأن الملوك والأمراء بشر مثلنا، قد يضعفون مثل بعضنا أمام غواية المال والجنس والغرام بغض النظر عن الألقاب.
أما عن غواية المال، فأعتقد أن بوسع كثير من زعماء لبنان الحديث عن ذلك مطولاً، والدليل تهريب ملايين الدولارات من لبنان إلى بنوك الغرب وإفلاس الوطن اللبناني.. وألقاب الوزارة والإمارة والملكية يجب ألا يغرنا، بل الأفعال!
الملك السابق خوان كارلوس والرحيل هرباً!
لا أحد يدري بالضبط (لحظة كتابة هذه السطور) أين الملك السابق لإسبانيا، فقد هرب من الإجراءات القانونية حول اتهامه بالفساد المالي، وذكرت جريدة «لاتريبيون دي جنيف»، وهي مقر محترم صحافياً (كنت أحرص على قراءتها حين كنت مقيمة في جنيف)، لمصداقيتها.
وذكرت الصحيفة أن الملك السابق خوان كارلوس، تسلم 100 مليون دولار من ملك عربي سابق راحل كرشوة، رفض دائماً الرد على الاتهامات.. والطريف أن الإعلام الرسمي كان يرسمه حين كان ملكاً كعاهل (متقشف) وديمقراطي!! ويقال اليوم إنه في البرتغال أو الدومينيكان أو في بلد عربي خليجي. والله أعلم.
الأمير أندرو مع الشابة فرجينيا روبرتس
نقلت مجلة فرنسية مقاطع من شهادة فرجينيا روبرتس عام 2015 حول علاقتها مع الأمير أندرو، ابن الملكة إليزابيت، وذلك حين كانت فرجينيا بنتاً مراهقة، وتقع الشهادة في 140 صفحة أُفرج عنها مؤخراً، وكان جيفري أبستين (الذي انتحر في سجنه لمتاجرته الجنسية بالقاصرات بمساعدة معاونته جيزلين ماكسويل) هو الوساطة، وتحدثت فرجينيا مطولاً في شهادتها تلك عام 2015 عن علاقتها المدمرة لها مع الأمير أندرو، وعن ممارساته الجنسية المنحرفة معها، وكيف كانت لصغر سنها (عبدته الجنسية)، وهي شهادة نشرت الآن.
والتفاصيل الجنسية للعلاقة لا تهم القارئ العربي على ما أظن، لذا لن أخوض فيها، لكنني أتساءل: لو كان الأمير أندرو رجلاً من عامة الشعب، هل كان سيقدر على رفض التعاون في التحقيق مع FBI أمريكا، وهل كان سيظل في قصره ملتزماً الصمت؟
وهكذا، ومقابل 1000 دولار، رضيت الشابة الجميلة الشقراء (17 سنة يومئذ) بالاستسلام لرغبات الأمير التي لا تخلو من غرابة الأطوار الجنسية، وخاضت في التفاصيل، ولا أجد ضرورة لنقلها للقارئ العربي وبعضها مخجل! ولكن المحصلة من ممارسات كهذه في إسبانيا وبريطانيا أن عدد الذين يطالبون بالحكم الجمهوري يتكاثر، وتلك الأفعال تهدد جذور الملكية وحكامها، وتهدد باقتلاعها. ولأنني لست إسبانية ولا بريطانية، لا رأي لي!
اللعنتان: المال والجنس، في لبنان أيضاً!
من يجرؤ على الحديث عن عدد زوجات ذلك «الميليشياوي» مثلاً، ومحظياته، ومن يجرؤ على إعلان أرقام الرشاوى المالية والسرقات لهذا أو ذاك من (الزعماء؟). كل ما نعرفه أن لبنان صارَ بلداً مفلساً، والبنوك عاجزة عن تسديد ما أودعه الناس فيها من مال.
أما عن غواية المال، فلا أحد يدري بالضبط كيف أفلس لبنان.. ومن السارق.. وجاء وباء كورونا ليعطي ذريعة لمن يريد تعطيل تحرك الاحتجاجات لإرغامهم على البقاء في البيت وهجر التظاهرات الاحتجاجية.. ولكن، هل تهمهم صحتنا حقاً؟ أم تأجيل احتجاجاتنا وتظاهراتنا لأسبوعين على الأقل، ثم ماذا؟ لا أحد يستطيع قمع الشعب اللبناني العاشق للحرية والديمقراطية ولا ترويضه مثل نمر في سيرك السياسة، وإذا لم يكف بعض (المسؤولين) في لبنان عن نهبه وتأجيل الاحتجاج التظاهري على ذلك، فستطالهم أظافر الشعب الناقم بعد أن دمرت انفجارات المرفأ بيروت.. وحتى الآن لا أحد يعرف حقاً سببها.. وثمة شبهات تحيط بالبعض الذين لا يستطيع أحد التحدث عنهم ولا اتهامهم (ولعلهم أبرياء) ولكن مجرد ذكرهم.. خط أحمر!
وهكذا حتى في لبنان، حيث لا ملوك ولا أمراء، يسري قانون الصمت والهمس (والهص الهص).. ومن لا يعجبه ذلك، فليتفضل وليلعب دور عنترة بن شداد وليفضح الأسماء التي سببت إفلاس البنوك اللبنانية وحرمت المودعين فيها من مالهم الحلال! (ناهيك عن قطع الكهرباء المزمن!).
-
عن القدس العربي