في ماهية مفهوم التواصل عند الإنسان المعاصر!!

خاص- ثقافات

*يونس عاشور

 لقد أصبح التواصل في وقتنا الحالي يتمنهج عبر استخدام وسائل التقنية الحديثة بإفراط وحرص محايث للإنسان ذاته بحيث لا يستغني عنها، واحدة منها الهاتف النقال الذي يُطلق على هذا النوع من الشعور ” بالنوموفوبيا ” أي الشعور بالخوف من فقدان الهاتف المحمول أو التواجد خارج نطاق تغطية الشبكة، ومن ثمة عدم القدرة على الاتِّصال أو استقبال الاتِّصالات. مع تزايد استخدام الهواتف المحمولة، انتشر نوع جديد من الرهاب، يعرف باسم “نوموفوبيا”، وهو عبارة عن مرض يصيب الفرد بالهلع لمجرد التفكير بضياع هاتفه المحمول أو حتى نسيانه في المنزل. وأشارت دراسة أجرتها شركة «سكيوريتي انفوي» المتخصصة في الخدمات الأمنية على الأجهزة المحمولة، إلى أن 66 في المئة من مستخدمي الهواتف المحمولة في بريطانيا وحدها يعانون من الـ”نوموفوبيا” الذي لم يعد اتصالاً فعلياً أو تواصلاً حقيقياً ملموساً كما يستشعر هؤلاء إذ لم يعد قريبك اليوم هو القريب منك، بل قريبك اليوم هو البعيد عنك، ليس هو جارك وابن حيّك الذي تقطن بجواره، ذلك بسب مسائل ووسائل التقنية التي غدت حاضرةً لدينا في كل وقت وحين مما ساعدت على خلق هوة بيننا وبين الأشخاص الآخرين الذين نعرفهم أو ننتمي إليهم.

 فالوسيلة الناقلة للتواصل الآن هي الهاتف الجيبي أو كما يدعوه احد الدارسين بالهاتف النقال الذي أصبح ينقلنا في هذا العالم الرحب، إذن وسيلة النقل والاتصال في هذا العالم هي ” التليعالم” الذي يجعلنا متواصلين مع الآخرين، لكن ما هي نوع القرابة أو الاقتراب الحقيقي الذي يحققه هذا الهاتف.؟

 فهذا الإنسان الكوكبي إذ يحاول أن يعيش في العالم وان يقترب من الجميع لا يقترب من احد وهو إذ يحاول الحضور في كل مكان يغيب عن جميع الأمكنة بل هروبه في حقيقة الأمر هو هروبه من ذاته.

في كتابه الأخلاق والتواصل يحدد يورجن هابرماس حقيقة معنى التواصل بقوله ” لقد أصبح التواصل الصوت الوحيد القادر على توحيد عالم فقد كل مرجعياته لنتواصل، ولنتواصل بالأدوات والتقنيات التي تضعف التواصل نفسه هذا هو جب التناقص الذي وضعنا فيه “، بحيث التجأت المجتمعات الحديثة إلى إعلاء القيمة المركزية للتواصل لمعالجة المشاكل التي نتجت عن خيارتها الأساسية، وعقدت البشرية الأمل على عصر الاتصال. غير أننا في الوقت نفسه أصبحنا نعاني فيه من اللاتواصل: والمفارقة إن كثرة وسائل الاتصال ألغت التواصل وغيرت من سماته، حيث يعاني الإنسان الحديث من الإحباط والعزلة وعدم تماسك النسيج الاجتماعي، ومن العزلة والاغتراب والقيم المعرضة للاندثار.

ويؤكد هابرماس في هذا السياق بأن العلاج لمعنى التواصل الشمولي هو امتزاج سيرورات التأويل الثقافي والمعرفي والتوقع الأخلاقي القيمي والتعبير الحضاري اللغوي الذي بإمكانه ان يوفر القواعد الأساسية المشتركة لتأسيس مفاهيم التواصل الحقيقية والواقعية لدى الإنسان المعاصر.

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *