“هذه الحياة جميلة.. الموت كالتاريخ.. فصل مزيف”، خلعت “القميص الرث” الذي “لا يدوم”، وتركت الجنازة لتجري كـ”الغزالة”، هكذا حاولت الفنانة الفلسطينية والناشطة ريم بنا أن تخفف وطأة المعاناة على أولادها، قبل أيام قليلة من أن تفارق الحياة، الجمعة، عن عمر يناهز 52 عاما، تاركة صوتها يغني “للمقاومة الفلسطينية” وقصتها رمزا لنضال الإنسانية ضد مرض السرطان الذي يفتك بالبشرية.
وفي 5 مارس/ آذار الجاري، كتبت ريم بنا، التي كانت تصارع السرطان، عبر صفحتها على فيسبوك: “بالأمس.. كنت أحاول تخفيف وطأة هذه المعاناة القاسية على أولادي.. فكان علي أن أخترع سيناريو.. فقلت… لا تخافوا.. هذا الجسد كقميص رثّ.. لا يدوم.. حين أخلعه.. سأهرب خلسة من بين الورد المسجّى في الصندوق.. وأترك الجنازة وخراريف العزاء عن الطبخ وأوجاع المفاصل والزكام… مراقبة الأخريات الداخلات.. والروائح المحتقنة”.
وأضافت: “سأجري كغزالة إلى بيتي… سأطهو وجبة عشاء طيبة.. سأرتب البيت وأشعل الشموع… وأنتظر عودتكم في الشرفة كالعادة.. أجلس مع فنجان الميرمية.. أرقب مرج ابن عامر.. وأقول.. هذه الحياة جميلة.. والموت كالتاريخ.. فصل مزيّف”. وكانت ريم بنا أعلنت، في 11 فبراير/ شباط الماضي، أن ألبومها الغنائي الجديد سيصدر في 20 أبريل/ نيسان المقبل، وقالت إنه “مرفوع إلى المقاومة الفلسطينية”.
ونعت وزارة الثقافة الفلسطينية، في بيان، ريم بنا، مؤكدة أنها “تركت بصوتها العديد من الأغنيات التي تتغنى بفلسطين، وتناهض الاحتلال، حتى باتت رمزاً ملهماً للنضال ضد الاحتلال الذي ينخر جسد فلسطين، وضد مرض السرطان الذي تفوقت عليه أكثر من مرة خلال سنوات العلاج”.
وقال وزير الثقافة الفلسطيني إيهاب بسيسو: “لن أقول عن ريم بنا.. رحلت.. ولكنني سأقول إن هذه الأخت الفلسطينية الغالية اختارت أن تحلق فجر هذا اليوم مع الملائكة في سماء الوطن.. صعدت ريم بنا نحو الأبدية وهزمت سرير المرض.. وبقيت لنا الذاكرة.. وبقي الصوت يغني فلسطين، وسيظل، يغني فينا فلسطين، رغم رحيل الجسد”.
وأثار رحيل ريم بنا صدمة وسط عشاقها في العالم العربي، وشارك الآلاف، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في كتابة رسائل عزاء ووداع إلى “الإنسانة والفنانة” التي وصفوها بأنها نموذج “للنضال والمحبة والأمل”.
___________
*العربية