خاص- ثقافات
صدر حديثاً عن منشورات المتوسط، رواية “نهر الزمن” للروائي الصيني “يو هوا” ومن ترجمة ”يحيى مختار“. وفيها يحكي لنا بطل الرواية «سون قوانغ لين» من موقف المُتفرّج تفاصيل المسار الزمني لأحداث حياته منذ كان في السادسة، إلى أن بلغ الثامنة عشرة.
الراوي «أنا» يظهر في الرواية بصفَتَيْن: الأولى هي «أنا» الطفل، والثانية هي «أنا» البالغ. حيث يسترجع «أنا» البالغ في الوقت الحاضر ذكريات «أنا» الطفل في الماضي، وهو ما يتجلّى واضحاً عبر اختلاط الأزمنة والأحداث داخل الرواية. وعندما يتذكّر «أنا» البالغ معاناة «أنا» الطفل في الماضي، يتحوّل الغضب والبؤس اللذان كانا يسيطران عليه في الماضي إلى عفو وتسامح.
تدور أحداث الرواية في ستّينيات وسبعينيات القرن الماضي بالصين حول حياة طفل منعزل عمّنْ حوله، يحاول أن يفهم حياته غير الطبيعية. كما أنها مملوءة بالكوميديا السوداء والأحداث المتناقضة، فنجد ابناً عاقّاً، يعامل والده بقسوة، وأب عديم الرحمة، يترك طفله وحيداً، ليتزوّج بامرأة أخرى. نجد مشاهد من الحياة في الريف، ومشاهد من الحياة في المدينة، هناك أصدقاء طفولة وأصدقاء صبا، مزارعون وجنود، أطفال وعَجَزَة، أغنياء وفقراء، شفقة وقسوة، ميلاد وموت، زواج وجنازة، لقاء وفراق، فَرَح وتَرَح.
تتخلّل الرواية الكثير من المشاعر المختلطة والمتناقضة، يمكن للقارئ أن يشعر بها، يراها ويلمسها، تظهر أمامه بطريقة تجعله مغرَماً وحزيناً في الوقت نفسه.
من الرواية:
لم يكن الحنين يحدوني تجاه هذا المكان الذي هو مسقط رأسي. فقد كُنتُ متمسِّكاً بوجهة نظري لفترة طويلة. وهي أن تذكّر الماضي أو الحنين إلى الموطن ليس سوى تظاهر بالهدوء والقناعة بعد فقدان القدرة على مواجهة الواقع، فحتّى لو طرأ علينا نوع من المشاعر والحنين، فهو ليس سوى مظهر خارجي
دائماً ما كانت تظهر أمامي خيالات مشوّشة، وكأني أري الوقت يتحرّك. يظهر الوقت أمامي على هيئة رمادية شفّافة، تُغلِّف كل شيء في داخلها. فنحن لا نعيش على هذه الأرض، نحن، حقيقة، نعيش داخل نهر الزمن. الحقول، الشوارع، الأنهار، البيوت كلها تُشارِكنا الانخراط داخل الزمن. الوقت يدفعنا سواء للأمام أو للخلف، ويُغيِّر من هيئاتنا.
المؤلف يو هوا:
وُلد الروائي الصيني الشهير “يو هوا” في الثالث من أبريل عام 1960 في مدينة هانغتشو جنوب الصين.
يُعدّ “يو هوا” الأبرز من بين جيل الأدباء المعاصرين الذي يضمّ أيضاً”مو يان” صاحب نوبل. كما أنه أكثر الأدباء الصّينيّيْن المعاصرين بزوغاً على الساحة العالمية.
من أهمّ رواياته: “على قيد الحياة” (1992)، “مذكّرات بائع الدماء” (1995)، “الأشقّاء” (2005)، “اليوم السابع” (2013)، وغيرها.
تحوّلت بعض أعماله إلى أفلام سينمائية، مثل فيلم “على قيد الحياة” الذي أخرجه المخرج الشهير زانغ ييمو.