حجارة مختلفة

خاص- ثقافات

*سيومي خليل

كان يحمل ثلاثة أنواع من الحجارة ؛ الصغيرة مدببة الرأس قال أنها للحظ الجيد ، المتوسطة الدائرية شبهها بالوعيد ، قال وهو يحمل عينيه عنها : إنها لكل شيء سيء…أما الكبيرة التي بدت أنها من الصوان فقد قال أنها تعني الاحتمال الثالث الذي دائما ما يكون موجودا ، فأحيانا لا نعرف إن كنا نعيش حظا أو سوء، إنها حجرة دائما موجودة ، فحين توهمك الحجرة الصغيرة بالحظ يشعرك كبر الحجرة الثالثة بأن الأمر يمكن أن يكون خديعة ، وحين تحزنك الحجرة المتوسطة تعود الحجرة الكبيرة الصافية بتذكيرك من جديد بإمكانية أن يكون الأمر مزحة مأساوية .
يحمل أنواع الحجارة الثلاث ويضعها في جيبه ، ويظل اليوم كله يلعب بها ، وحين يجد نفسه أمام أمر يحتاج لاستفتاء حجري يرميها إلى قاع الجيب ، ويبدأ بسحب واحدة كأنه يسحب ورقة مكتوب عليها اسم فريق كرة القدم…
حين اشترى سيارة متهالكة وبثمن لا يناسبها أدانه كل معارفه لغبائه وسذاجته ، لكنهم لا يعلمون أنه حين كان ينوي رد صاحبها حملت يده الحجرة الصغيرة مدببة الرأس ، لا يعلمون أنه قال :
بهذه السيارة لا يمكن لحادثة سير أن تصيبني …
وبدأ يظهر كل مزايا اقتناء سيارة متهالكة .
الأمر نفسه وقع حين ذهب لخطبة صديقته في العمل ؛ لم يستطع أن ينسى تلك العينين النافذتين ، ولا الابتسامة المصطنعة بمكر … قرر أن يستفتي الحجارة ، فحمل الحجرة الصغيرة ، لكنه حين كان في بيتها ومعه محموعة من أصدقائه لخطبتها ،كانت الحجرة المتوسطة تصعد لوحدها إلى مقدمة الجيب ، وتستقر هناك ثم تعود لوحدها . أزعجه هذا الأمر وفكر أن الفتاة لا تناسبه لدرجة جعلت حجرته المتوسطة تتحرك لوحدها . بعد أيام سيدعي أنه رأى خطيبته مع شخص آخر في مقهى يحكيان لبعض أشجانهما ، أشاع ما ادعى أنه شاهده ، وفك التزامه بالخطبة ، لكن صفاء الحجرة الكبيرة كان يزعجه ، ويذكره بأنه أضاع من يديه فتاة لها شكل الكمثرى ، فكر أنه تسرع وأن صعود الحجرة المتوسطة إلى مقدمة الجيب كان بسبب قاعدة فيزيائية معينة وليس له أي علاقة بقانون الحجارة الثلاث.
تفو …قال وهو يلعن تسرعه وادعاءه الكاذب وفكر أن يهاتف خطيبته ليعتذر لها. ليعتذر عليه أن يستفتي الحجرات ، لكنه حين أدخل يده إلى الجيب لم يجد أي حجرة من الثلاث ، فتش باقي الجيوب ولم يجدها ،فاكتشف أنها سقطت في لحظة ما دون أن ينتبه. طالت مدة البحث عن الحجارة ليستفتها ، لم يعتذر ، ولم ينس خطيبته، تضخم قلبه قليلا، ثم بعدها تضخم أكثر ، حين فحصه وجد ان ثلاث حجرات مختلفة الحجم تشكلت بطريقة غريبة .

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *