*زياد خدّاش
منذ عشرين عاما على نفس الطاولة، نفس المقهى، النافذة ذاتها، المدينة نفسها.. المقهى لم يتخل عن اسمه: زرياب.
يا للنصوص والأرقام والأصوات والتنهدات والإطراقات والدموع والضحكات المدفونة تحت طلاء الطاولة الجديد!
كانت هذه الطاولة (فيسبوك) التسعينيات لعديد من الأصحاب والعشاق، والفنانين والشعراء (البوستات) كانت شذرات شعر وقصص ومقولات لكتاب وشعراء وأحيانا لوحات.
واللايكات شهقات على شكل كلمتي: الهي و (واو) وقلوب حب محفورة بقلم، أما (البلوكات) فكانت كشطا سميكا غاضبا للنصوص والأرقام.
حفرت يوما تاريخ ميلاد صديقة بغيابها الطويل، فقرأت تحته في الصباح شذرة حفرها شخص مجهول (لسيوران) عن الميلاد المحفور بالأصابع المدماة.
نصوص على نصوص يكتبها مجهولون وتواريخ ميلاد تتجاور مع تواريخ موت، أسماء تتقاطع مع أسماء. وشتائم وبذاءات تجلس بتسامح غريب مع قصائد وقصص.
أفكر جديا في اقتحام المقهى ليلا وكشط سطح الطاولة رغبة مجنونة في العودة بالزمن إلى ضحكات الأصحاب الثملين الهائجين على درج المقهى نزولاً إلى عقل رام الله.
الخمسينيون فرغت أمعاؤهم من الضحك. قالوه كله، والدرجات باعت شبابها لخطوات أخرى.
_______
*الأيام الفلسطينية