خاص- ثقافات
*د. بَلِيْغ حَمْدِي إسْمَاعِيل
تصحو ” ناديا ” على وجع اعتاد أن يدق نافذة قلبها ، فهي الفتاة التي تقسم كل نهار بأنها لا ولن تتزوج أبداً ، وهذا كفيل بأنها لم تتهيأ بعد لفعل الحبِ ، لكنها رغم ذلك تعد أنثى العشق ، والفتاة التي تتوسد بوجهها الملائكي كل قصص الغرام التي لم تحكَ بعد ، تلك ” ناديا ” حدث المشهد التي تأبى أن تفكر بالزواج ليس كرهاً فيه ، إنما تتهيأ للوجد حين يأتي هوساً ومطراً صوب قلبها .
الأدهش في أمر ” ناديا ” أن المرء حينما ينظر إليها يظن أنها خلقت للزينة وللجمال صارت عنواناً ، وبقدر جنوحها بعيداً عن فكرة الارتباط بقدر ما هي قريبة جدا بل متلاصقة بفلسفة أن المرأة عليها أن تبدو جميلة في كل صورها وحالاتها ومقاماتها ، وجمالها استلاب بين ظاهرها من ملبس وطريقة حكي لأنها بالفعل تمتلك إغواء الحكاية والمشافهة ، وبين داخل أقل ما يسرد عنه أنه محض نقاء .
والعارف بـ ” ناديا ” يدرك أنها تفتش عن بقعة سحرية أو ثمة مسافة ضوئية لتستقر فوقها وتعلن أنها أنثى الدهشة التي ينبغي النظر إليها ليس باعتبارها قطعة لحم بيضاء كلون جسدها البض ، إنما كإنسان يستحق اقتناص لحظات طويلة من الاحترام والتقدير ، لذا فهي مغرورقة بعمق عينيها السوداوين في التهام الكتب ، وبحجم وسطحية وربما أيضاً بعدد نظرات الرجال التي تلتهم جسدها ومشيتها وطريقة استخدامها ليديها ، بحجم وعمق ما تقرأ ، ربما هي تسعى أن تضع اسمها ولو على هامش النص الذي تقرؤه ، وأحيانا اعتقد كثيرون أن كثرة قراءات ” نادية ” وتفتح مداركها وما جربته من تجارب في معظم الأحايين يمكن توصيفها بالحقيقة ، هي التي دفعتها إلى اعتبار الحب خيانة لوجودها ، وانتحار لحضورها الذي تأبى أن يغيب عنها .
أدهش ما في المرء ساعة ما يفكر أن يسطر فقهه بنفسه ، ليس فقه الشرع الذي يضبط عاداته وسلوكاته الدينية التي تحكم علاقاته بربه ، إنما فقه ذاته الذي يعد بوصلة أفكاره وتوجهاته صوب وجده . هذا الطرح ظل يقوض يقظة ” ناديا ” وصحوها ..
وحدها ” ناديا ” من بين صديقاتها الأربع التي اكتشفت طوعاً أن للموسيقى دهشة ورائحة ، فلطالما اسمتعت معهن إلى أغنيات تقهر مستمعيها لتذوق الحب كراهة بغير استعداد أو تهيؤ لفطرة ، تمتعت ” نادية ” بحدس استثنائي يلتقط كل تفاصيل النغم ، لذا فهي تجد نفسها في مقام استئناس مستدام وهي تحاول الموسيقى بأذنيها . حتى عندما فاجأها خالها الذي اعتاد أن يحضر لها كل اسطوانات الموسيقى الكلاسيكية ظناً منه وتحدياً بأن ابنة أخته تشبه البحر وهو نائم لا يستفيق إلا من وجد موجه ، ساعة ما أحضر لها اسطوانة جديدة لـ ” Andre Rieu ” وهو فرح أو يتماثل بالفرح لأنه يمارس الموسيقى عزفاً ، وجدها تخبره عن التيمة اللحنية الجديدة التي استخدمها قصداً في ألبومه الجديد Winner Blut ، فتعجب من صغر سنها وهي تكتشف جملاً لحنية لا يفطنها إلا من احترف الموسيقى.
لكن الذي لا يعرفه إلا قليل عن ” ناديا ” أنها تنصهر داخل تفاصيل الأشياء هرباً من واقع يفرض سطوته بقوة عليها ، فهي تأبى العمل الرسمي وإحداثياته الذي لا يرى فيها سوى رقم تعريفي لا يتحدث ومسمى وظيفي يحصر هويتها ، وبين أشخاص يسكنون البناية التي تقطنها لا يعيرونها أية اهتمام سوى تحية الصباح والمساء أمام المصعد لا لكننها بل لأنها ابنة المهندس ” ياسين ” الذي يعد أبرز الشخصياتالتي تقطن البناية نظراً لعمله بإحدى شركات البترول وعلاقاته المتميزة برجال السياسة . هذه الظروف وغيرها من العلامات والإشارات التي تدفع ” ناديا ” للبحث عن تفاصيل أخرى مدهشة لحياتها بعيداً عن تدليل أمها لها ، أو تهميش المؤسسة التي تعمل بها لقدراتها الشخصية ومهاراتها في العمل ، لكن ليست هذه الظروف هي السبب الرئيس في تواجدها أمام مكتب حجز التذاكر حينما قررت أن تسافر حاملة بعض تفاصيلها وذكرياتها وكل مطامحها إلى تركيا التي اختارتها من بين دول القارة الأوروبية ..
لكن حينما تدخل غرفة ” ناديا ” الشخصية تدرك على الفور الدولة الأجنبية التي يمكن أن ترحل إليها ” نادية ” ، ولعل غرفتها هذه تحمل أسراراً كثيرة ليست كمعظم أسرار البنات الصغيرات أو الفتيات اللواتي يعشن ظروفاً اجتماعية مماثلة مثل أطراف الحب والغرام التي يمكن اقتناصها من خلال روايات اعتادت أن تدغدغ مشاعر الفقيرات فكراً ، أو صور لبعض نجوم التمثيل والغناء ، لكن المدهش في تفاصيل غرفة ” ناديا ” أنها تزين جدرانها بصور أسرة محمد علي باشا الذي حكم مصر ، والكتب التاريخية تعلو أرفف مكتبتها الصغيرة و التي تتناول حكام مصر منذ محمد علي انتهاء بالملك فاروق الأول الذي عزل من حكم مصر بفضل ثورة عسكرية انضم إليها الشعب بعد نجاحها .
ومن حظ طالعها أن تركيا المعاصرة قررت غزو أوقاتها بالمزيد من الدراما التركية التي بالضرورة لا تعكس يوميات إسطنبول الشاهدة على اضطرابات واعتصامات وثمة انقسامات تعصف بحكومة أردوغان ، إلا أنها لا تكترث بتركيا المودرن بقدر استلابها الطوعي إلى تركيا التي تمثل لها امتداداً تاريخياً لوجودها ، وبالرغم من أنه ليس لها أصول تركية أو شركسية أو أي فرع بعيد يتصل بألبانيا مسقط رأس محمد علي الذي تعشق قراءة القصص التاريخية عنه إلا أن حنينها المتدفق صوب تركيا وخلافتها العثمانية المنصرمة هو هروب حتمي من عالمها المشهود الذي لا يخرج من تفاصيل مكرورة لا تتغير ، فبين أمها التي تسعى بغير كلل في ربطها برجل وليس من المهم أن يحبها أو أن تميل إليه من باب الاختيار فالمهم أنها تظل لسويعات مرتدية فستانها الأبيض داخل قفص هيولي بجوار سجانها الأزلي .
وبين صديقاتها المغرومات بأحاديث لا تنتهي عن الموضة والأزياء وكثير من الدعة والدلع من قبيل أن اصطناع الأنوثة المزيفة أهم دليل على المعاصرة والحداثة . حتى أولئك الرجال الذين تدعي ” نادية ” أنها تعمل معهم فبتنطعهم المعهود واحتراف صناعة التحضر الزائف كلها أمور دفعت ” نادية ” لأن تفكر في جدية بغير انتظار للهرب إلى تركيا بحثاً عن تحقيق تاريخ جديد لها تستدعي وجوه الخلافة العثمانية التي جلست على عرش مصر ، لكنها في ظل ذلك لا تزال مشاهد الود القديم بينها وبين ” أدهم ” قائمة بين عزمها على السفر والحنين إلى ارتياد أماكن جلوسهما معاً وهما يتجاذبان أطراف الحديث الحلو الذي لا يخلو من أكاذيب صغيرة وكلمات مسروقة .
وكعادة ” ناديا ” التي قررت منذ فترة أن تتخلى عن هاتفها الجوال الذي أصبح عائقاً ماكراً بين حريتها التي تعبر عنها من خلال صوتها المتميز الذي يشبه الموسيقى التي تسمعها ، وبين الخيالات المريضة التي تظهر من خلال أصوات محدثيها في الجوال ، لذا كان قرار الانفصال بينها وبين جوالها بغير رجعة ولو بصفة مؤقتة . هذه العادة هي أن تجلس على أريكتها الليلكية الصغيرة التي تشبه أنامها الصغيرة والقصيرة والتي تبدو أختاً توأماً لجواربها المنزلية ذات الألوان الزاهية .
وهيئة الجلوس وإن كانت صامتة كصمت صور غرفتها ، إلا أنها تحترف بإتقان لغة الحوار الداخلي مع كنهها الذي تفطنه ، و من يصدق أن ” ناديا ” التي كانت من أكثر البنات ميلاً إلى الكلام والرغي والإطناب بل من عشاقه أيضاً هي التي بدأت في السطو على خزائن مفرداتها وقررت إلقاءها في قارعة الطريق .
إلا أن حديث ” ناديا ” الصامت هو أشبه باليوميات التي تتصدر صفحات الـ facebook والتي تنفرد دوماً بخصوصيات المراهقات وأحلامهن غير المفزعة ، فهي أيضاً رغم كونها تأبى الخوض في قصة حب ولو قديمة ، إلا أن قلبها الصغير لا يزال يراهن على قصة حب كبيرة قد تأتي ، لاسيما وأن حديثها شبه اليومي الفائت مع صديقها ” أدهم ” لم يعوضها هذا الاحتياج المستدام تجاه الحب .
لذا فكل مساجلاتها الصامتة التي يمكن جمعها في كتاب صغير الحجم بعنوان ” حكي الغرام ” تدور حول حوار بين ” ناديا ” وأشخاص بغير هوية أو ملامح عن ماهية الحب وعلاقة الحب بالجنس وكيفر يفكر الرجال بالمرأة ؟ وهل الغريزة نحو امتلاك جسد الآخر هو هدف المقدمات الباهتة التي تسمى حكي الحب ؟ .
وكأن ” ناديا ” بمساجلاتها تلك تحاول جاهدة أن ترد اعتبار المرأة التي طالما اعتاد الرجل أن ينظر إليها على اعتبار أنها قطعة من اللحم ليس أكثر ، وكم من فكرة دونية استطاعت أن تصل بالمرء إلى حقائق لفقه الحياة ، الغريب أن علماء النفس الذين يعانون من ضعف النظر صوب النوايا هم الذين ملأوا حياتنا بالعقد النفسية ، هكذا دوماً كانت تظن ” نادية ” حينما كانت تفرغ من حديثها الصامت إلى نفسها .
فمرة ، كانت ” ناديا ” تجري حديثها اليومي المعتاد مع عقلها حول الحجاب ، فهي غير محجبة ، لكنها وقت الصلاة تصبح مضطرة تماماً لارتداء لباس فضفاض واسع وتضع على رأسها قطعة كبيرة من القماش يغطي صدرها حتى حدود منتهى البطن .
وهذا ما كان يسترعي حيرتها باستمرار ، فتقول :
ـ أراني مرتاحة البال والخاطر وهادئة النفس تماما حينما أقوم للصلاة.
ثم يصدر الصوت الآخر من داخل نافذة أخرى من عقلها فيقول صوتها :
ـ وأشعر بارتياح أكثر حينما أرتدي هذه الملابس بل هي تجعلني أكثر حرية لا من حيث حركة الجسد فحسب ، بل حرية الروح أيضاً .
وكم من مرة جلست ” ناديا ” تحادث عقلها حول مسألة عداء المجتمع الذكوري للمرأة عموما ، وللفتاة المثقفة التي قد تحترف الأدب شعره ونثره بصفة أكثر خصوصية ، وكان تعجبها ودهشتها هو الأبرز حضوراً في مثل هذه الحوارات المونولوجية الذاتية خصوصا وأنها استفاقت على مراهقة كان كتاب ” تحرير المرأة ” لقاسم أمين ونضاله الفكري هو أبرز سمات هذه المرحلة من عمرها .
وكان سبب دهشة ” ناديا ” أن المرأة التي تفوقت وحققت ريادة استثنائية في مجالات الأدب لا تزال ينظر إليها على أنها مجرد ( قطعة لحم ) فحسب ، وكثيراً ما استهجنت نظرة هذا المجتمع الذكوري الضيقة وغفلته في فهم واحترام مكانة المرأة حينما تمتطي جواد الأدب والثقافة لكنه يتصيد الكلمات أو العبارات أو المشاهد القصصية التي يمكن من خلالها النظر إلى الأنثى المبدعة عل أنها أنثى الجسد فقط .
وكلما جلست ” ناديا ” مع خالها الذي تعشقه فكراً وعقلاً وصوتاً وأسلوب حياة ، وأيضاً بعض الجلسات التي جمعتها بصديقها الذي لم يقترب من وصف ( حبيب ) كان موضوع نظرة المجتمع الذكوري إلى المرأة هو الحديث السائد والشائع ، وفي الوقت الذي كان خالها يركز دوماً على المواقف الإيجابية للمرأة سياسياً وقومياً وأدبياً ويجلس بالساعات الطويلة يدغدغ قلبها بقصص عن نماذج نسوية رائدة من أجل تدعيمها نفسياً وتقوية عزيمتها للتفوق وتحقيق ذاتها ، كان صديقها ” أدهم ” الذي كان نرجسياً أكثر من النرجس لا يستطيع إخفاء عقليته الرجعية وتخلفه في نظرته نحو الأنثى التي في نظره لا تتجاوز كائناً قابعاً في أردية المنزل كامرأة الكهف الأولى ، ولا تجيد سوى الطهي وترتيب المنزل وتربية الأولاد بشروط وضوابط الزوج .
وربما أفكار ” أدهم ” صوب المرأة هي التي جعلت ” ناديا ” تنفر منه ومنها أيضاً ، اللهم سوى افتتانها بشهامته التي لا تجرج أيضاً من كنف الرجل الآمر الناهي .
بل إن ” ناديا ” في كثير من الأحايين كانت تقرأ ثلاثية عميد الرواية العربية نجيب محفوظ من خلال شخصية السيد أحمد عبد الجواد الذي كان مسيطراً بعض الشئ في تصرفات ” أدهم ” الذكورية .
الغريب في أمر ” ناديا ” أنها وهي في ظل تعلقها بثقافة الباب العالي وخلافة الأناضول المنصرمة ، وولعها الاستثنائي بسحر الخلافة العثمانية وغموضها الآسر ، إلا أن فطرتها على الدوام كانت تتأذى من أقاصيص الحرملك العثماني ، وحكايا الجواري ونساء القصور ، لاسيما وأن كل المرويات عنهن كانت تصور المرأة على أنها مجرد أداة لهو وتسلية للرجل فقط ، وأن كنه وظيفتها في رحلة الحياة هو كيفية إسعاد الرجل جنسياً وإمتاعه دون النظر إلى ما تحويه هذه المرأة من قلب ومشاعر وأحاسيس قد تنبض بالغضب والرفض بنفس درجة قوة الحب والعشق لديها .
لكن تظَل ” نادية ” على مواقفها القديمة الضاربة في سطور دفاترها السرية بـأنها ليست مخلوقاً أدنى من الرجل على أية حال ، لكن المشكلة أن الثقافة والتاريخ حرفة تقوم على صناعة الرجل الذي طالما اعتاد أن يكذب حتى استمرأ كذبته الكبرى ، وأن هؤلاء الرجال لطالما جلسوا يفتشون في دفاتر النساء السرية التي أشبه بالمذكرات حتى يجدون لأنفسهم مبرراً مقبولاً للسيادة .
وهذا ما دفع ” ناديا ” لأن تشارك في حملة ( أنا زيك ) من أجل احترام وتفعيل قوانين المساواة بين الرجل والمرأة في العمل والأجر والحقوق السياسية والاجتماعية ، رغم المضايقات التي تعرضت إليها من بعض مرتزقة الحملات والمأجورين لتعكير صفو أية تظاهرة حضارية .
وبجوار نافذة حجرة نوم ” ناديا ” هناك بعض الصور التي سجلتها بنفسها وهي متقمصة دور الناشطة الاجتماعية المدافعة عن حقوق بنات جنسها، لكنها رفضت عرضاً ليس جذاباً حسب وصفها من إحدى زميلاتها بالحملة وهي أن تصنع مدونة إليكترونية تكتب على صفحاتها بعض العبارات والخواطر والآراء التي تتضامن مع قضية المساواة .
لكن ليس رفضها من باب أنها ترفض المشاركة بمدونة تسجل بها طرحها حول مساواة المرأة بالرجل ، لأنها بالفعل تمتلك مدونة إليكترونية لا تروج لها لأنها تتضمن بعض العبارات والجمل القصيرة المختزلة والمكثفة عن الحب والعشق وحالات الوجد التي قد تأتي ولا تأتي ! .
وجاءت فكرة تلك المدونة التي أطلقت عليها عنوان ( موجودة بالفعل ) من كثرة المحادثات الذاتية التي تجريها ” ناديا ” مع ذاتها في الشارع والمكتب والمنزل ، والمصعد الكهربائي ، وهي تشاهد الدراما التركية ، حتى صدقت حقاً أن أشخاصاً بعينهم يجلسون معها ويتبادلون أطراف الحديث في صحبتها . ووسط هذا الفعل التخييلي كانت تصدر على لسان حالها جملاً اعتقدت ” ناديا ” أن لها سحراً استثنائيا ، على الأقل بالنسبة لها. فقررت أن تلتقط هذه العبارات العفوية وتضعها كما هي في تلك المدونة المسكوت عن أسرارها طوعاً .
وبينما ” ناديا ” جالسة كعادتها على أريكتها الليكية تمارس فن الحكي الذاتي مع عقلها إذ بجرس الهاتف الأرضي يدق ، وعلى الفور تهيأت لاستشراف المتصلة ، لأنها لم تعط رقم هاتف المنزل سوى لصديقة واحدة ووحيدة لديها ، ” ريهام ” الصديقة القديمة منذ أيام الدراسة الابتدائية والتي صارت اليوم مهندسة للديكور في مجتمع صار عشوائياً وفوضياً لذا فهي تعتبر نفسها مجددة لهذه الحياة وأن وظيفتها إعادة ترتيب ذوق الإنسان وقيمه الجمالية .
وحينما اقتربت ” ناديا ” من سماعة الهاتف ، تذكرت عادة قديمة تمارسها دوماً مع صديقتها ” ريهام ” وهي أن تبدأ حديثها معها بتشغيل أغنية ما عن طريق جهاز التسجيل ثم تلتقط السماعة بعد ذلك .
وعلى الفور ، هرعت ” ناديا : صوب ألبوماتها الغنائية لتلتقط ألبوماً ، لكن عينيها وقعتا على ألبوم غنائي لمطربة فايزة أحمد بعنوان ( غريب يا زمان ) ، وسرعان ما نسيت ” نادية ” صديقتها ” ريهام ” التي لم تعتاد أن تنتظر طويلاً على الهاتف ، لكن هي ” نادية ” وحدها التي تمتلك فك شفرة هذا الانتظار الطويل الذي عانيت منه صديقتها وهي ترن طويلاً !.
ترى ، ما الذي اقتنصته ” ناديا ” من وجع أو ثمة أوجاع بالأغنية التي لربما لم تكترث يوما لسماعها ؟ ولماذا توقفت طويلا عند بيت الشعر القائل ( أهموا الرفاق أتوا إليك ؟ ) .
مرتبط