*تشارلز سيميك/ ترجمة: أحمد م. أحمد
اللامرئيّ
1
كان أبداً هنا.
رعبُه المهول مُستتِرٌ
في لبوسِ زُمرةٍ
من أزهارٍ وطيورٍ
وأولادٍ يلعبون في الحديقة.
وحدها الأوراقُ تقولُ الحقيقةَ.
إنها تخشخشُ في شجنٍ،
ثمّ تسّاقطُ ساكتةً بينما تُصغي
إلى اليعسوبِ
الذي قد يعرف الكثيرَ عنِ اللامرئيّ،
وإلاّ فَلِمَ تغدو أجنحتُه
شفيفةً جدّاً في الضّوء،
رشيقةً حين يطيرُ،
بالكادِ يلحظُ المرءُ
أنها كانت هنا ثم تلاشتْ.
2
أليسَتْ تدري الظّلالُ عنه شيئاً؟
الطريقة التي بها، أيضاً، يأتي ويَرُوْح
كأنه في زيارةٍ إلى ذلك العالَمِ الآخَر
حيث يفعلُ ما يشاء
قبلَ أن يسرعَ عائداً إلينا.
اليومَ بالضّبط كنتُ أعْجَبُ لظلٍّ طَرَحْتُهُ
وأنا أسيرُ وحيداً في الشّارع
وكنتُ موشِكاً على الانخراطِ في حديثٍ
عنِ الأمرِ ذاته
حين انسحبَ من أمامي على حين غرَّةٍ.
أيها الظّلُّ، قلتُ، ما الرّسالةُ
التي ستعودُ إليَّ بها،
وهل ستكونُ حافلةً بالتباساتٍ عَصِيَّةٍ
لا يسعني حتى أن أتصوّرها
وأنا أشقُّ الطّريقَ وئيداً
تحت شمسِ الظّهيرة؟
3
لعلّه يختبئ وراءَ بابِ
مكتبٍ في بناءٍ ما،
هناك حيثُ وجدتَ نفسَك
بعد ساعاتٍ
وليس مَن يدلّك على الطّريق،
مُحاطاً بمئاتِ الأبوابِ
التي أغفلتْ صنفَ العملِ،
صنفَ الكدحِ الذي يدور
داخلَ الغرفِ الضّيّقة، شحيحةِ الضّوء.
أثمّة وكالة تَحَرٍّ
ستعثرُ على الله مقابل أجرٍ زهيد؟
أم شركة مستعدّة لأن تمنحك تأميناً،
لا ريبَ يوماً ما،
رغم بشائرِ كاهنِ أبرشيّتك،
ستمثُلُ في الجحيم؟
ينتهي الرّواق الطويلُ بنافذةٍ
وهناكَ حتّى ضوء النّهارِ الآفل
يلوحُ عتيقاً ومغبرّاً.
إنه يعي ماذا يعني الانتظارُ،
وإذ أدركَ كُنْهَ ذلك
سيلُوْحُ كمن بوغتَ برؤيتك هنا.
4