لِتَرَيْ يا جودة؛ حدائق الفجر بألوان اللّيل

خاص- ثقافات

*نورة عبيد

أهدتني الصّديقة الشّاعرة “جودة بلغيث”  مجموعتها الشّعريّة الثّانيّة ” حدائق اللّيل .. ألوان الفجر”.

رافقني الأثر زمنا و بيني وبين قصائدها كرّ و فرّ. ما الذّي يمكن أن يسكنني بعد المرافقة؟ و ما بفجرها و حدائقها من نبئ؟

المجموعة صدرت عن “المغاربيّة للطّباعة و إشهار الكتاب” سنة 2016 في اثنين و تسعين صفحة حبلى بتسع و ثلاثين قصيدة مضمومات إلى تصديريْن لجلال الدّين الرّومي و ثالث للشّاعرة.

لك في الشّاعرة طبع تشمّمته في القصائد يعلن شيمة من شيمها : صدق و نقاوة يتجليّان فجرا على فجر كتابة وليدة قطر .فإذا كان هدأ الرّعد.

الحدائق – يا قارئ الحدائق – بابها العشق . مفتاحه “معول الرّيح الغيورة ” .”صهوتها الهوى”.

جودة بلغيث الشّاعرة تكتب قصيدة النّثر. فتختار إيقاعها من “عروض الليل” – و العروض في أصل اللّغة هي الطّريق في عرُض الجبل. –

 ترتيب مخصوص للكلام يردّد في نماء أنّ ما تزنه الرّوح يزن الماء و السّماء ، فيهب الفجر والحياء دوائر وزنيّة غير المُختلف والمؤتلف و المُجتنب والمشتبه و المؤتلف.

هي كلّ ذلك معنى يردّد معنى  .فكأنّما أشجار أقلام في ركوة روحيّة تقدّ من لجج الصّمت حرائق ،هي القصيدة “إليهم’ و لك منها غواية أو سرقة ، و وهم او سهو . فعندما يعشق اللّيل تختزل فراشة الضّوء نبيذ الحياة .

يا أنت يا جودة ! عناوينك عناويني ..هي عندك مراتيج و هي عندي ترتيب باشتهاء. كلّ ما بدا شعرا مداره إدارة وجع .الرّجع فيه لليل الاعترافات يأتي على الغائب و الآتي .آلته ريح دائريّة .

كأنّ قصائدك توجّهها ريح  غربيّة معقودة بين الأوراس و الكاهنة عقد أصيل على أصيل .

الجزائريّ و التّونسيّ رهين نفس للكلم و نفس للنغم ..نفس لها و نفس منك له .”البحر الأحمر” لعلّه أسود يخلي “دور المنابر” .

الثّقافة زاد قصيدة النّثر . إيقاع يوحّد نغميتها و يجمّع دلالتها و يحدّد مرجعيّتها .فتدلّك الشّاعرة على الكون الذي كان لونا من الوان حدائقها. هي الكلّ وهي المجمع المهيب للعواء و الخواء ..حرائق الكون تضطرم في حدائقها … عوى ذئب يبشّر يوسف أنّ المدى صدى السّدى. كلّهم في الجوهر رعد كاذب  أعيته هجرة الألوان و بات المنى الدّليل إلى قزح و أقواسه.

بات المنى جواب سؤال حكاية الخرافة ، مذ سُئِلت – بعدما سُئلوا -عمن فتح قنّ الدّجاج للثّعلب ؟

و عار على قصيدة النثر لو صرّحت ماكرا !

مكروا و مكرت فسألت و احترقت .

رويدا رويدا تفوح حرائق الحدائق: رحلة التّراب إلى التّراب. جثّة المعنى تبتدع الخلود. قصيدة حبّ قصيدة الرّيح قصيدتي … إليهم أغنية الفجر بين اللّيل و الصّباح.

هي لوّنت الزّمن بألوانها و ألبست النّثر اوزانا مخلوطة في قاعة عرض فنّيّ . فتقول:

ألوان محايدة مهزومة

تدرّج لونيّ باهت

و الكلّ من الكلّ بزيادة او نقصان

لغة حارقة

لغة بطعم الصّقيع

وحرارة الأنفاس

لهاث مكتوم

و ذاكرة حبرها ماء الوضوء

صلاة في معبد الحرف

مؤجلّة على حين يرفع السّتار

المسرحيّة سيّئة الإخراج ،

الممثّلون أوراق بلون الموت

على عجل سقطت ذات خريف ،

السّتار يسدل …

اللّوحة اكتملت …

لكنّ …………….

المشهد ناقص …

لك أن تزن الخلط بطباق و مقابلة ..و لك أن تفكّه بمجاز عقليّ و استعارات .. لك البيان موصوفا بنقصان و أنت و أنا و الشّاعرة أخبار سائرة إلى نقصان. زد النّاقص و احذف ما زاد على النّصاب قاعدة أبي نوّاس “خير ذا في شرّ ذا” لا تجوز.

مشنوقة قصيدة النّثر معشوقة. لا تؤجّل صلاة الجنازة إلى يوم غير معلوم. هي الجنازة معزوفة بتمام . اليمّ و سفينة نوح نوتتان من نوتاتها . و دوّامة اللّغة إشاراتها و جلال الدّين الرّوميّ ، يركض إلى فتنة العشق حيّا في عرض البرّ و البحر.

 نورة عبيد : كاتبة تونسيّة

الحمامات – سبتمبر 2017

شاهد أيضاً

العهدُ الآتي كتاب جديد لمحمد سناجلة يستشرف مستقبل الحياة والموت في ظل الثورة الصناعية الرابعة

(ثقافات) مستقبل الموت والطب والمرض والوظائف والغذاء والإنترنت والرواية والأدب عام 2070 العهدُ الآتي كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *