يقول لي صديقي : هل تلعب الطاولة ؟
أهز رأسي وأقول له : أن للطاولة لعبتين كنت أعرف إحداهما ولعبتها مرة واحدة والآن نسيتها
يعود من جديد يسألني : هل تلعب الديمونو ؟
أهز رأسي نعم ثم أحدثه عن : اليك والدو والجهار .. وأؤكد له أنها ألفاظ فارسية يك يعني واحداً . دو يعني اثنين ، جهار تعني أربعة وكنت أود أن أتعلم الفارسية ولكني فشلت كما هو الحال معي في تعلم اللغات الأجنبية ثم أحدثه عن الإنجليزية وأن الأمريكان يتحدثونها بطريقة مختلفة واليهود لا يحبون الإنجليزية ويريدون أن يتعلموا العربية وأننا لدينا عجز في مدرسي اللغة العربية ويوقفني صديقي بيده ويبدو أنه قد نفد صبره لكنه يعود ويسألني : هل تلعب الكوتشينة ؟
أسأله أنا : هل الكومي يكسب إذا كانت كل الأوراق علي الأرض ؟
وأنسي أنني السائل وأبين له لماذا سمي الكومي بالكومي ؟ ولكن لا أعرف لماذا كانت ورقة الكومي سبعة ؟ لماذا لا تكون ورقة الكومي ثمانية أو تسعة أو عشرة ؟ وعندما لا يجيب ويتوه بصره في سقف المقهى المطلي بالزيت تكاد تخفيه سحابات الدخان الكثيف تبدو وسطها اللمبات الكهربائية كنجوم مختنقة وينشغل بالفتاة التي تبتسم لنا علي الطاولة المقابلة تبدو شفتاها الحمراوان كشق جرح حديث تطرأ في ذهني فكرة : كان الكومي سبعة لأن السبعة رقم مقدس :السماوات سبع والأرضون سبع وعجائب الدنيا سبع ونحن سبعة إخوة لا يوجد بيننا بنت واحدة وكنت أتمني أن تكون لي أخت لكي تكلم ” سهام ” من النافذة أو تذهب إليها – عندهم في البيت لا مانع – وتأتي عندنا ” سهام ” أراها وأكلمها وأقسم لها أنني أحبها بإخلاص .
يتركني صديقي أرشف القهوة باردة وأجدها لذيذة رغم ذلك وأراه يخرج من المقهى – دون أن يودعني وقد تعلقت الفتاة في ذراعه نحلية صغيرة تلم ردفيها الصغيرين في بنطلون قصير محبوك ينزل أسفل الركبتين بقليل وحذاء دون كعب في قدميها يظهر منه الجورب قصيراً متسخاً بياضه وبشكل لافت للنظر تبدو الفردة اليمني من الجورب أقصر من اليسرى ” حداية تعلقت بغراب ” أقول لنفسي واكتشف أن القهوة لم تكن لذيذة !
أصفق بيدي يأتي الجرسون أضع علي الطاولة بضعة قروش وقبل أن يصلني أخرج وعند الباب التفت إلي الوراء أجده يرمقني بنظرات شزراء أتذكر علي الفور أنني لم أترك له علي الطاولة بقشيشاً ، يخطر لي أن أؤنب نفسي قليلاً وعندما أترك المقهى وأصبح في الشارع أكون قد نسيت الصديق والفتاة ذات الفم المشقوق كجرح حديث ولكن للقهوة الباردة يبقى طعم في فمي! .