خاص- ثقافات
*داود سلمان الشويلي
((قصيدة النثر.. نص مفتوح عابر للأنواع )) .(1)
قبل أن نقول شيئا عن قصيدة النثر هل هي عراقية أم عربية،علينا ان نذكر أن مصطلح”قصيدة النثر”هو مصطلح غير متفق عليه،فهناك الكثير من الشعراء والدارسين لهذا النوع الشعري يعترض على هذا المصطلح،وعلى الرغم من ذلك نستخدمه في كل دراساتنا،لأنه أصبح جزءاً من تاريخ هذه الظاهرة .
***
(نحو”قصيدة نثر”عراقية)،عنوان يدعونا إلى التحفظ في تداوله، وهذا التحفظ ينطلق من كون وصف هذه القصيدة بانها عراقية،وهذا يعني ان لها خصائص تختلف عنها اي قصيدة نثر يكتبها شاعر عربي.
الشعر هو الشعر،إذ أن القصيدة في اي نوع كان هي مرحلة شعرية عربية،شهدها العراق،ومصر،ولبنان،وسوريا،ودول المغرب العربي،ودول الخليج…الخ،ولا يمكن اختزالها في جغرافية أو مكان محدد،مع التاكيد على اننا نعلم ونعترف بوجود بعض الأقليات غير العربية على الأرض العربية، كالاكراد والسريان في العراق وسوريا،والتركمان في العراق، والامازيغ في دول المغرب العربي.
و سيجرنا هذا التحديد إلى اتهامات شتى تنطلق من التاريخ والجغرافية والثقافة والشعر ايضا،ذلك لانه يضرب في صميم هويتنا العربية،وعندما نقول هويتنا العربية فلانها سلاحنا امام الثقافات الاخرى التي تزاحمها في هذا العالم الذي اصبح بفضل وسائل المواصلات والاتصالات قرية صغيرة،ولهذا كان على من وضع هذا العنوان ان يفكر جيدا الف مرة قبل وضعه بهذه الصيغة.
سيثار سؤال مهم وهو:اين مكانة الشعراء الذين يكتبون بغير اللغة العربية،مثل الكردية،او التركمانية،او السريانية،او الامازيغية،او اي لغة؟
إن الاجابة عن هذا التساؤل،على مستوى العراق على الاقل،هي ان ثقافة هؤلاء الشعراء العراقيين هي ثقافة العراق،أقصد ثقافة بناء الشكل وليست ثقافة المضمون،وثقافة العراق هي ثقافة العرب الذين يسكنون من المحيط إلى الخليج،واي شاعر من هؤلاء الشعراء العرب سيلقى القبول من اي مواطن في اي مكان من الارض العربية التي حددناها للساكنين العرب.
أما الذي يكتب قصيدة النثر في لغة غير عربية فانه لا يكتب قصيدة نثر مغايرة لما يكتبه ابن بلده من العرب،إنه يمتثل لاشترطات وقوانين قصيدة النثر العربية في بناء الشكل،اما في المضمون فان ثقافته الخاصة وثقافته القومية ستتكفل بذلك .
اضافة لذلك فان قصيدة النثر هي بضاعة غربية،وليست من(اختراع)العرب،او من خصوصياتهم،فهي تتصف بالشيوع،لا بالخصوصية،مثل قصيدة الهايكو اليابانية الاختراع والتي اسيء في كتابتها على يد شعرائنا العراقيين.
ان الخصوصية التي تمتلكها قصيدة النثر التي تكتب باللغة العربية هي في خصوصية المجتمع العربي عن المجتمع الغربي،وهذه الخصوصية تتوضح في المضمون لا في الشكل.
انها عربية الهوية،حيث وضع الشعراء العرب لها خصوصيتها إلابداعية،ومنحوها الخصوصية الثقافية،والارث الأسطوري والأنثروبولوجي،وهذه كلها تعود إلى المضمون لا الشكل والذي هو غربي بإمتياز.
***

ثقافات موقع عربي لنشر الآداب والفنون والفكر يهتم بالتوجه نحو ثقافة إيجابية تنويرية جديدة ..!