خاص- ثقافات
*زاك سيمز/ ترجمة : د.محمد عبدالحليم غنيم
يمكنك أن تشعر بالبرد داخلا عبر النوافذ، بينما كنا نرقد هناك متشابكين فوق الملاءة .
أدارت فيدا رأسها لكى تواجهنى ، خدها فوق الوسادة وخصلات شعرها تحيط بوجهها وتسقط علي الوسادة ، ذراعاها تمتدان فى تقاطع متعامدين فوق الملاءة البيضاء.
كنت أنظر عبر النافذة ، من على بعد تبدو الأضواء مكفهرة والشوارع مبتلة ، أعتقد أن السماء قد أمطرت ثلجاً خفيفاً، فى المبنى المقابل كان ثمة قليل من النوافذ المضاءة ، نظرت عبر واحدة منها لأرى اذا ما كنت أستطيع أن أرى تساقط ندفات الثلج ، فلم أستطع أن أتأكد من ذلك .
قالت فيدا :
– مرحباً .
استدرت لكى أنظر إليها ، صنع جلدى صوت احتكاك فوق الملاءة :
– ماذا ؟
– هل ثمة شئ يحدث هنا ؟
– معذرة
– استمر فى ذلك ، اجعل شيئاً ما يحدث ، لا أحد يريد أن يقرأ فقط عن النظر عبر النافذة ، اجعل شيئاً ما يحدث.
– مثل ماذا ؟
– لا أعرف ! شىء ما.
عقدت فيدا حاجبيها وحركت أنفها ثم حكت أعلاه بإبهامها .
رأس فيدا يشبه فى شكله اللفتة، قالت :
– لا
– أنا فقط كنت أمزح .
– إنها ليست كذلك
قالت فيدا ذلك وجلست قليلاً ، تطلعت إلى صدرها ، لونه البنى أخف قليلاً من بقية جسدها .
– مهلا!
جذبت الملاءة كى تغطى صدرها ( بشكل تراجيدى ) وضعت يديها فوق رأسها وتحسسته وقالت :
– إنها لا تشبه – حقاً – اللفتة ، أليس كذلك ؟
– لا …. فقط ، أنا كنت أمزح
– حسنا توقف . أجعل شيئاً ما يحدث . شيئاً ما مثيراً
– مثل ماذا ؟
– لا أعرف . أنت الكاتب.
بينما كانت تقول ذلك سحبت سكينا من بين المرتبة وسست السرير ، اهتزت السكين في يدي وأنا أمسك بها أمام وجهها ، قالت : .
– ذلك فوق الاحتمال .
شبكت يديها بقوة ، فسقطت الملاءة بعيداً عن صدرها ، نظرت إليها ، فحاولت أن تغطيه بذراعيها ، ولكن اللحم الجميل نط من الجوانب ، و لم تكن تعرف أنها بهذه الطريقة صارت أكثر إثارة من تغطيتهما هكذا . شدت الملاءة إلى أعلى و قالت :
– توقف عند الصدر
– لكنك قلت أنت تريد أن يكونا أكثر إثارة.
– أعرف … لكن…
قلت
– أنزلى الملاءة وإلا شرحت وجهك .
– توقف عن هذا .
قالت ذلك وأخذت السكينة من يدي وقذفت بها عبر فضاء الغرفة الوسيع ، فانزلقت ودارت عبر الأرض الخشبية .
نزلت عينا فيدا عن صدري ثم ارتفعت مرة ثانية إلى وجهى ، سحبت الملاءة الى الوراء ، ثم نظرت نحوى و تساءلت:
– ما هذا ؟
كانت تود أن تكون فى فمها … سيئة جداً .
صرخت:
– انتظر دقيقة
كانت تضحك ، أضافت :
– لا.. لا.. لا تكن سخيفاً .. أنت رجل صغير قذر .. من الموْكد أنك مجنون…
اعترضت لكننى مازلت أستطيع القول أنها تريد أن ……
– ها
صرخت قافزة فوق السرير وقد احمر وجها من الضحك .
التفت إلى الوراء لكى أنظر عبر النافذة من جديد ، منصتاً الى ضحكها ، فى الخارج كانت الشمس مشرقة بإبداع على البنايات البيضاء ، وقد استطعت أن أرى فضة المحيط من على بعد.
قالت
– الشمس … أعتقد أنك كنت تقول أنها ترمى بالثلج .
– أيا منها ؟
– أين نحن ؟
– فى برشلونة
قالت فيدا
– نعم ؟ أنا لم أكن أبداً فى برشلونة.
سمعنا وقع خطوات قوية فى المدخل.
همست لفيدا :
– هل سمعت ذلك ؟
رفعت الملاءة إلى أعلى ذقنها ونظرت بعينيها الكبيرتين نحو الباب وقالت : .
– نعم …. إنها أصوات مثل وقع خطوات خفيفة في المدخل .
– ربما كان المغربي
– المغربي ؟
– نعم المغربى المسلم .
قالت :
– كيف له أن يرانا ؟
– لا أعرف .
– ما الذي يريده؟
قلت :
– يقتلني ويأخذك لنفسه.
قالت فيدا والإثارة تملا عينيها:
– حقا ؟
– انتظري لحظة.
قلت ذلك وأنا أرفع صوتي لكى يستطيع أن يسمعني عبر الحائط
قالت :
– ماذا ؟
أصدر المغربي نفساً طويلاً وجلس بتثاقل عبر الجانب الآخر من الحائط ، قدماه باردتان فوق السجادة وأصابع قدميه تلمس حافة سيفه.
قلت :
– ليس من المفترض أن تكوني مثارة بسبب ذلك ، يفترض أن تكوني مرعوبة ، يفترض أن تكوني قلقة على سلامتي.
– لكن المغربى ! كم هو مثير المغربي ! هل يريد أن يأخذنى بعيداً إلى ..حريمه؟ مهما كان هو يملكهم … قل لى : هل هذا المغربى وسيم ؟
– جدا .
هكذا قال المغربى عبر الحائط . فقلت أنا :
– اسكت، عليك اللعنة ، يفترض أن أكون فى الجحيم لكى أكتب أى شيء عن …
قالت :
– حاول ثانية لا أريدك أن تضيع الوقت .
قلت :
– حسناً
بللت فيدا شفتيها و نظرت إلى أسفل بشوق نحوى … قالت :
– لا.
– حسنا .ً
بينما المغربى فى الخارج يفكر مرتين فى خطة للهجوم ،متذكراً المومس الصغيرة فى المغرب،قال عبر المدخل:
– اعذرنى.
– ماذا ؟
– أفضل أن آخذ فيدا ، إنها مليحة جدا .ً
– لا تستطيع أن تأخذها .
– ربما أستطيع أن أدخل وأطعنك ثم أخذها معى …كما أننى أمتلك يختا .ً
قالت فيدا :
– أوه ! يخت؟
قلت :
– لا .
فقالت فيدا والمغربى معاً:
– لا؟
– لا
سأل المغربى:
– أستطيع فقط أن أجرحك فى لطف ؟
قالت فيدا
– نعم . مجرد جرح بسيط فى اللحم ؟
قلت:
– لا .
فجأة دخل نمر قافزاً من المدخل ، ثم ارتفع فى الهواء ، تستطيع أن ترى فى عينيه السوداوين انعكاس رعب المغربى ، بينما كان يطير نحوه.
قال المغربى :
– انتظر
قلت :
– متأخر جداً
– لا انتظار. دعنى على الأقل أبارزك أو شيء من هذا القبيل . أنا لا أريد أن أسرق فتاتك . أنا فقط كنت أمزح معك ، فقط دعنى أدخل معركة مبارزة بالسيف …وذلك .. إنه كل ما أريد .
قلت :
– لا بأس
توقف النمر وسط الهواء ثم تهشم الى مليون قطعة صغيرة على الأرض
قال المغربى :
– بارع
قلت :
– اسكت
عند ذلك كان القرصان يصعد فوق الدرج
قالت فيدا :
– أحب القراصنة
قلت :
– أششششششششش
صعد القرصان فوق الدرجات ، ونظر الى المغربى الذى كان يمسك بالسيف فى مواجهته ، قال القرصان :
– أنت!
ضحك المغربى ، فقال القرصان :
– سوف تدفع ثمن ما فعلته مع أختى ؟؟؟؟
– أحببتها ؟
ثم أضاف على الفور :
– أنا دائما سوف ……
– لا أخت لى مع المغربى مطلقا
لم يتحدث المغربى وبدلا من ذلك هاجم ، تضاربت السيوف معا ، تطايرت الشرارات ، وتواصل القتال بعنف أعلى وأسفل المدخل
رقدت على ظهرى ،ونظرت الى السقف ، وضعت فيدا يدها على صدرى برفق وقالت :
– وماذا الآن ؟
– لا أعرف .. أنا مرهق.
– لكنها مجرد بداية.
– أعرف ، لكن..
قالت :
– انظر عبر النافذة مرة أخرى
نظرت عبر النافذة ، السماء صافية ومشرقة بضوء القمر ،الميدان الأحمر ملىء بالدبابات والجنود والجماهير والغناء ، دفء أنفاسهم كون سحبا أعلى رؤوسهم.
قالت :
– موسكو.
اهتزت الحجرة كلها عندما احتكت الطائرة المقاتلة بقمم البنايات
سألتنى فيدا :
– ما لذى يجرى فى الخارج ؟
شبكت يديها معا ، ووضعتهما فوق معدتى ، ثم أراحت ذقنها على يديها ، أما رأسها فكان يتحرك إلى إعلى وإللى أسفل مع تردد أنفاسى ، بيمنا أطراف شعرها قد تدلت مدغدغة جسدى ، قلت :
– عملية تنصيب.
– إنهم هناك فى موسكو.
– نعم.
– من الذى ينصبونه؟
– أنا.
– أنت ؟
نظرت فيدا نحوى وعيناها البنيتان قد تحول لونهما ببطء الى اللون الأخضر ، ثم إلى الزرق ثم إلى الرمادى ثم إلى الكهرمانى ثم الى البنى من جديد .
قلت :
– بالطبع .
– كيف ؟
– لقد أسقطت الحكومة ، مثل تروتسكى
– تروتسكى ؟
– نعم سأكون رئيسا لروسيا فى غضون …….
نظرت إلى ساعتى الرولكس التى ظهرت فجأة فى معصمى وأضفت :
– فى غضون خمس وأربعين دقيقة ، مع دقة منتصف الليل.
قالت فيدا :
– لا يمكنك أن تكون رئيسا لروسيا.
– يمكن جدا
– أنت لست موجودا حتى روسيا
– لا ، لكن والدى كانا روسيين ، لقد تركا البلد فى بداية الخمسينات ، عندما كنت فى رحم امى ، راكبين فى سيارة نصف نقل من مينسك الى وارسو ، خلال العاصفة الثلجية.
قالت فيدا :
– لقد ولد أبوك فى سنترفيل ، أيوا ، هو قال لى ذلك .
قلت :
– ذلك ما يقوله إنه لا يريد أن يفعل شوشرة ، بعض الناس ربما ما زالوا يبحثون عنه .
– ولكن عمرك فقط سنة ، أنت تقول أن ذلك كان فى الخمسينات وكنت فى رحم أمك
قلت وأنا أضع إصبعى على شفتيها:
– أشششش
عند ذلك كان هناك طرق على الباب ، قلت :
– من هناك ؟
– هل يمكن أن أرحل ؟
قال المغربي وهو يخطو داخل الباب ، يقطر بالعرق ويحاول الحصول على هواء ، جلس فى مقعد ، ودخل القرصان خلفه من اليمين ثم اتكأ على مقبض الباب :
– نحن حقاً متعبين ، هل يمكن أن ننهى القتال ؟
قلت :
– أعتقد.
مجرد أن أسترد القرصان أنفاسه قفز على المغربى ودفع سيفه فى أحشائه ،التصق المغربى بالمقعد ، نظر أسفل إلى السيف وأعلى إلى القرصان ، ثم بعد ذلك إلى فيدا التى كانت تنام عارية فى السرير ظهرها مقوس وضلوعها ظاهرة ، بينما كانت تمسك أنفاسها وأصابعها الرقيقة مستقرة بخفة على شفتيها
– فيدا!
قال المغربى بخفوت ، ثم مات.
نزع القرصان السيف وسقط المغربي فجأة على الأرض ، اصطدمت رأسه بعنف بالخشب ، وكزه القرصان بلطف بطرف حذائه ، ونظر نحوها و ابتسامة عريضة تملأ وجهه.
نظرت فيدا إلى ، و قطبت حاجبيها فى ارتباك.
انحنى القرصان ليمسح الدم من سيفه فى ظهر قميص المغربى الميت ، كانت فيدا خارج السرير الآن ، قدماها العاريتان تصفعان بقوة الأرض الخشبية الصلبة .