خاص- ثقافات
*كفاح جرار
هل يحكم الرجل العاقل على ما هو قائم وكائن أم يقضي وفق المفروض الذي كان يجب أن يكون؟.
ثم هل يحاسب القاضي على الأعمال ونتائجها أم يحاكم على النوايا والفرضيات؟.
قبل ذلك يبدو من خلال قراءة ما يجري ويحدث حولنا، أن الفتنة التي لعن موقظها، إنما ينيمها ويوقظها ويحركها ويكبرها ويصغرها هو نفسه الذي يتحكم بالسلطة والقوة والمال، وبالأخص المال.. طالما كان التحذير النبوي من الدنيا وفتنتها، وهل الدنيا إلا سلطة المال والسلاح؟.
ثم هل يعقل أن نطلب من الناس احترامنا، ونحن لم نكف عن امتهان أنفسنا وجلدها والنيل من كرامتها؟.
جميل وجيد ورائع أن ندافع وننافح عن ديننا ولكن ليس وفق المفهوم السائد، والدفاع البائد.
نحن مثلا نتهم الغرب والآخر عامة بأنه لا يعرف حقيقة إسلامنا، مع أنه من الصدق القول الإسلام وليس إسلامنا، ففي رأس كل واحد من علمائنا وفقهائنا ومفكرينا إسلامه الذي يحبه ويشتهيه ويروج له، ونتهم الآخر المختلف والمتباين أنه لم يطلع على جوهر ديننا، وقد يكون ذلك صحيحا، وهو صحيح بلا أدنى شك ولكن.
هل يحكم العاقل على النظريات المجردة والأفكار والرؤى الهائمة، أو على الأعمال والممارسات والسلوكات؟.
يكون الإسلام كما يقدمه المسلم الذي يدعيه، وتكون البوذية والنصرانية كما يدعيها ويتقمصها البوذي والراهب، وتكون الماركسية والليبرالية والاشتراكية كما يقدمها أصحابها من المعتقدين المناضلين، هي إذن أفكارهم ورؤاهم المتجسدة في سلوكاتهم وأعمالهم.
الفيلسوف والمفكر وفي مرتبة أقل الباحث هو من يقرأ الأفكار والنظريات والأدلجات فيحاسبها كما تقدم نفسها، لكن ليس علينا أن نطلب من الآخر مهما كان هذا الآخر صديقا أو محبا وربما معاد حقود لئيم، فليس من العدل أبدا أن نطلب منه أن يقرأ ديننا الفكري والنظري البحت، أي القرآني، ثم يأتي ليحاسبنا، فهذا والحق يقال هو الجنون والمجون بعينه.
الدين بأهله وأتباعه، والعقيدة بأهلها وأتباعها، وكل معتقد بمن آمنوا به وزعموا تبعيتهم له، فلمن ننسب نحن أنفسنا؟ هل نحن مسلمون أو مؤمنون أو بين بين، أو لا علاقة لنا بالإسلام حتى يكون الحكم صحيحا وسليما، فالقاتل يقتل وهو يكبر والمقتول يقتل وهو يكبر فمن يحدد الاتجاه الصحيح للبوصلة.
تلك هي الفتن، وقد أشبعوها إيقاظا ولا علاقة للصهيونية والاستعمار والامبريالية وقوى البرجوازية العربية المتواطئة والعميلة بها، الذين أيقظوها هم الداعون إليها، ومن يقل لكم كل الفرق في النار إلا فرقة واحدة فقد كذب عليكم فالفرق جميعها جهنمية، والناجون فقط هم الداعون إلى وحدة الأمة والرافضون لكل فرقة ومذهبية وتشرذم وتفتت، أي أهل الوحدة والقائمون عليها والعاملون بها هم عباد الرحمن، وغيرهم فهم عباد أنفسهم وشياطينهم.
لولا القبلة التي حددها وفرضها رب العالمين كيف كنا سنصلي مع كل هذه الفرقة والهوى؟.
مرتبط