زيارات الليل

 

خاص- ثقافات
تأليف  
:سيمون فيل/ ترجمة : د.محمد عبدالحليم غنيم

الشخصيات :
توم : طبيب مقيم للعم الثانى  ، 28 سنة
ليز : ممرضة ، 27 سنة
إيميلى : فتاة لطيفة ،فى حوالى 23 سنة

الزمان : الوقت الحاضر

المكان : حجرة الكشف فى مستشفى.

( حجرة الكشف فى مستشفى ، اللون الأبيض ، ملابس المرضى معلقة فى كل مكان . نسمع صوت الرياح فى الخارج . يرقد توم على سرير الفحص ، عمره 28 سنة ،فى زى الطبيب ، تدخل ليز فتاة فى سن 27 سنة ، ، ترتدى زى ممرضة ، فى لحظة هادئة مع نفسها ، ثم تلحظ الملابس وتوم . )

توم : ( و عيناه مغلقتان ) لا أرى مرضى على أى نحو يا ليز .

( بسرعة إلى حد ما ، بتفاءل و حيوية )

 انتهى الأمر  . انتهى الأمر . انتهى الأمر . انتهى الأمر … هل عندك مشكلة مع انتهى الأمر ؟ أم لا تفضلين ذلك . ألم ينته الأمر حقاً ؟ لا أعتقد ذلك .

ليز : توم . واحد  لا أكثر . ذلك كل ما فى الأمر .

توم : رؤية مريض واحد فى الخمسة و الثلاثين ساعة مستيقظاً يعادل رؤية 1500 فى بدايتك .

ليز : لا يمكنك أن ترفض رؤية المرضى . أنت طبيب مقيم .

توم : قرف

 ( ينهض )      

توم : أنت تبدين … لطيفة .

ليز :  حصلت على موعد .

توم : طبيب ؟

ليز : لا .

توم : نعم . نعم . نعم . مناسب لك . جيد لك .

ليز : أنت شخص غريب / نزق

( تنظر عبر النافذة )

العاصفة فى الخارج .

توم : إنها ليلة سيئة .

ليز : أعرف . كلنا يعرف ذلك  .

توم : إنها ليلة سيئة .

ليز : أعرف . كلنا يعرف ذلك .

توم : … ماذا ؟ أوه . أنا … بخير .

ليز : جميعنا أحب  كيتى يا توم .

توم : نعم . شكراً . لا . أعنى ذلك .

ليز : كانت ممرضة عظيمة . كنت أتمنى لو عرفتها أكثر .

توم : أنت أوكيه يا ليز . أكره أن أعترف بذلك .

( يضربها برفق على ذراعها )

ليز : أنت مجرد شخص نزق ( دقة ) هذا المريض – أعطاها دوج حقنة من الميتسيلين . إنه مشغول الآن . راقبها لمدة ثمان دقائق ، ليرى إذا  ما كانت مصابة  الحساسية .. كانت فى …. السيارة .

توم : انظرى . حادثة كيتى كانت منذ عام .

ليز : حتى اليوم .

توم : أنا لا أعمل حقا أى شيء  لهذا المريض على أى نحو .

ليز : هل تعنى ذلك ؟

توم : ( بشكل درامى للغاية ) هل سبق أن كذبت عليك أبداً ؟

ليز : نعم .

توم : لا ، عن أى شىء جاد .

ليز : نعم .

توم : أنت … أنت … أنت –

( مازحاً و هو يمسك بمطرقة صغيرة للركبة )

ليز : هل تنوى أن تختبتر ردود أفعالى ؟ أنت مثل الـ … ؟

توم : ماذا ؟

ليز : ( دقة ، بخفوت ، مع ولع عظيم ) طفلى الصغير . هذا المريض . الحادث يخصها هى فقط . بعد ذلك اختفت . لقد وجدوها فى الكنيسة . جالسة على الأرض . تحيط نفسها بمئات من شموع الرغبة المضيئة. لقد كانت هناك لساعات ، عندما سألوها عن السبب. قالت ” أشعر بالبرد “

( تعطيه الملف . يحدق فيها )

ليز : إيميلى . أعرف . أعرف . إنها شاذة . هذه المخلوقة . شخص آخر غير حلو . مر عليها الاستشارى النفسى ، مع ذلك لم تتكلم . 21 ساعة وأنا هنا . لم أغادر حتى شعرت بأنها على ما يرام . ” هى مشوشة قليلاً ، لكنها جيدة ، يمكنها أن ترحل الآن ، لكنها لا تريد . أحضرها إلى الطابق الثانى عندما تنتهي  من عملك  ( دقة . تتأمل توم فى ريبة ) لا .

توم : أنا جيد فى هذا . سوف تشعر بالتحسن . سوف تغادر .

ليز : لا تفعل . لقد حاولنا كل شىء، لقد  تم الاتصال بالخدمات الاجتماعية . سوف يصلون إلى هنا حالاً .

 ( تنظر إلى العباءات )

أتمنى لو كان لدينا غرفة مجانية أخرى .

توم : أنت لم تحملى كل هذا من المجفف المكسور فى الثالثة صباحاً .

ليز : كتور بيتنك . لقد كان ذلك لطيفاً . يوماً ما سوف تعد ممرضة جيدة .

توم : سوف أحضرها لكى نذهب .

ليز : لن يحدث ( تنظر إليه من أعلى إلى أسفل ) أنت فى حاجة إلى الثناء . بشدة ( دقة ) بجد الآن . هل أنت بخير ؟

توم : من المضحك . عندما ماتت كيتى ، صليت كل ليلة لمدة شهر

ليز : عن ماذا ؟

توم : لو قلت لأى أحد يا ليز ، ساقول لك ( دقة ) أنا بخير . شكراً . لديك موعد غرامى جيد . لست لطيفة بالقدر الذى تعتقدين .

ليز : ( تبتسم ) سأرسلها لك . مع السلامة . أراك غداً .

( تخرج . وقفة . صوت الريح . ينظر عبر النافذة . يحاول كبح جماح نفسه   ثم  يبدأ فى الانهيار .  طرقة .. يستعيد توازنه )

توم : ( فى بهجة ) منزل الدكتور بتنك للتفاؤل و الغسيل .

( تدخل إيميلى ، تبدو فى الثالثة و العشرين  من عمرها ، رقيقة . بها كدمات فى الوجه والذراعين )

توم : ( يبتسم ، يثرثر سريعاً ، كعادته ) مجرد مزاح ، لا يوجد تفاؤل هنا . لا أقصد أن أكون غير مهنى. أتوقع أن تبقى صامتة ( ينظر إلى الملف ثم إلى ذراعها ، يتحقق من أنها قد أعطيت الحقنة ) آمل ألا تكون قد آلمتك كثيراً جداً . أكره الحقن . نتمنى لك أن تشعري  بالتحسن . دائماً أفعل هذا وأنا أظهر للمرضى كيف يتأثرون مقارنة بى . يعترض بعض المرضى . لسبب وجيه . كنت أتوقع أن تبقى صامتة . يسموننى بالطبيب المضحك . ( إلى نفسه ) هذا يشبه أحد مواعيدى الغرامية فى المدرسة الثانوية ( ينظر إليها ) هل كشفت بريق الانسانية ؟

( تبتسم قليلاً )

توم : أراهن أن لا أحد فى الطابق العلوى حاول أن يسخر منك .إنهاغلطتهم . هل تشعرين بالأسف لنفسك ؟

( تهز رأسها بالإيجاب )

توم : ينبغى عليك . ينبغى أن تنصتى إلى . لكن إذا تكلمت معى . ينبغى أن تستمعى إلى قليلاً هنا . اعتبر العلاج منفرا للإنطوائيين ( يهمس ) بالطبع ، وجود طبيب ظريف هنا ادعاء ضعيف

( دقة . يعود إلى طبيعته )

 انظرى . أعرف . لكن فى بعض الأحيان . عندما تفكرين أنك وحيدة ، عندما تفكرين بشدة فى ذلك ، أنت . أليس كذلك ( دقة ) آسف  . أتوقع الكثير هنا . أقصد . إنه  كما لو كنت لا تحبين الله أو أى شىء . دون ضغينه .

 ( صمت يرفع يديه فى استسلام . يتطلع عبر النافذه . وقفة )

إيميلى : لماذا يمكن أن أشعر بالضرر لأنك لا تؤمن بالله ؟ هذا غريب جداً .

توم : لست الشخص الذى يحيط نفسه بشموع الرغبة فى الكنيسة .

إيميلى : هل يزعجك ذلك ؟ دكتور توم ؟

توم : كيف عرفت أن اسمى كان توم ؟

إيميلى : ( تسخر قليلا ) واو . واو .

( دقة . تشير إلى بطاقة اسمه )

توم : أوه . واو . احتاج إلى قليل من النوم . آسف . لا يبنغى أن أقول ذلك .

إيميلى : ( بمضايقة قليلة ) هيا . كل هذا عنك .

(دقة . صمت )

 تبدو متعباً . هل أنت بخير ؟

توم : عظيم . يسألنى المريض . إذا ما كنت بخير . أليس كذلك ؟

إيميلى : هل تريدنى أن أرحل . أليس كذلك ؟

توم : أنا … ( ينظر إلى وجهها و ذراعيها . برقة ) تلك الكدمات سوف تختفى بنفسها خلال عدة ايام . هل تؤلمك ؟

إيميلى : لا يبدو أنها خطيرة . آسفة . ليست سيئة . شكراً . أنت لطيف .

توم :   أكون لطيفاً فقط عندما أتعب .

إيميلى : كيف لو كنت غالباً متعباً ؟

توم : دائماً . تودين أن تكونى لطيفة .

إيميلى : أنا لست مهمة . ماذا ؟

توم : لا شىء .

إيميلى : ماذا ؟

توم : ( يسخر بشدة ) أتمنى لو أن أحد ما قال ذلك فى ملفك .

إيميلى : أنت غريب .

توم : أعرف .

إيميلى : عندما وقع الحادث ، صدمت الحاجز و كل شىء توقف . لم أعرف أين كنت . لسبب ما فكرت فى أبى . لقد مات أبى منذ أربع سنوات . لا شىء تعمله مع السيارات . أحببته . بعد أن رحل . لم أشعر أبداً بفقده . أنا … شىء ما صدفة .

( وقفة )

توم : هل أخبرت أجداً بهذا ؟

إيميلى : هل تتصور ؟

( دقة )

خرجت من السيارة . نظرت حولى لكى أتأكد أن أحداً لم يصب . ثم ركضت

( صمت )

إيميلى : أأنت بخير ؟

توم : نعم . أكيد . أود لك أن تخرجى من هنا و أنت فى حالة جيدة .

إيميلى : أنا لا أحد . أنا ألبس بصورة سيئة .

توم :ما أول شىء تفعلينه لكى تعى لحياتك معنى ؟

إيميلى : إكسسوارات ؟

( دقة . يبتسم ..تنظر )

إيميلى : لا يمكنك أن ترى الريح .

توم : ماذا ؟

إيميلى : لا يمكنك أن تراها . لكنها هناك .

توم : ( دقة ) أهى هناك ؟ عندما وقع الحادث من الذى كان معك ؟

إيميلى : ذلك سؤال غريب .

توم :  من الذى كان معك ؟

إيميلى : لماذا ؟

توم : أجيبى على ذلك .

إيميلى : لا أحد ! ( دقة ) لقد أصبت ! و لأول مرة شعرت وعرفت أننى وحدى . أبى ، و الذى حقاً … رحل .

( دقة )

توم : هل تفهم ما أقول ؟

توم : ( يفكر باهتمام ، ثم يومىء رأسه ببطء ) آسف ( دقة ) هل أنت بخير ؟

إيميلى : ( بضيق ونزق ) مع أطباء مثلك ، من يحتاج إلى حوادث .

توم : آسف .

إيميلى : أنا .. لا . لا تشعر بالأسف من أجلى . أنا لا . أبى … أحببته .

توم : هل أحبك ؟

إيميلى : نعم ، لكن ليس  ذلك بذات أهمية .

توم : هل أنت بخير ؟

إيميلى : واصل التساؤل على هذا النحو ، و لن تصل إلى إجابة .

توم : ( بصوت خفيض ) آسف .

إيميلى : كف عن الاعتذار . فأنت لم تقتله

( دقة )

عنددما غادرت الحادث بعد عدة بنايات ، مررت بامرأة متشردة . سألتها عن أقرب كنيسة جيدة . كانت امرأة صادقة . و لم تصدنى . لم تقل شيئاً . سألت مرة أخرى ، إشارات إلى ” هنا “

( تشير إلى قلبها )

توم : ( بخفوت ) أوه .

إيميلى : هل يمكن أن تستمتع بمساعدة هذا الشخص غير المعروف ؟

توم : من ؟ أنت ؟

إيميلى : أنت تعرف كثيراً عن هذا ( دقة ) من كان ذلك ؟

توم : أنت مريضتى .

إيميلى : إذن . هناك امتياز الطبيب المريض . لن أقول لأحد .

توم : إننى أحاول أن أجعلك بخير .

إيميلى : أنت تقريباً هناك . هذا سوف يساعد. أم لا تريد أن تتعرف على الأشخاص المجهولين ؟

توم : هل هذه خدعة ؟

إيميلى : نعم . أنت تجعلنى مثلك .

توم : ( دقة ) زوجتى كاثرين . كانت ممرضة هنا فى قسم طب الأطفال . لقد تربينا معاً فى بروكلين . لكن فى المدرسة الثانوية كنت خجلاً جداً أن أطلب منها الخروج . لقد التقينا صدفة عندما تخرجت من الكلية ، عند قراءة جيمس جوسى من قبل ممثل إيرلندى . جويس هو كاتبها المفضل ، هى وأنا تقابلنا . و عند هذا الحد ، كنت فى طريقى جيداً لأن أصبح الطبيب الهزلى . كانت هادئة و مسلية ، بالطريقة الجيدة التى عليها معظم البشر المحترمون . بعد شهرين ، قمت بخطبتها . الآن كان ذلك مضحكاً . لم تجب . واصلنا اللقاءات الغرامية . كل يوم لمدة شهرين بعد خطوبتنا . صمت ، فكرت ” هذه المرة إما أنها تحبنى أو فاقدة للإحساس تماماً ” و فى النهاية تلك الفترة أعطتنى نسخة من رواية : يقظة فنجان ،كتابها المفضل . فى الكلية قرأته و انتهيت منه تماماً . الصفحة الأولى ، كانت تلك،  لكننى أحببتها كثيراً ، تقدمت بصعوبة فى صفحات الكتاب . بوى ، هل أحببتها . ” فى الصفحة رقم 50 فى الجزء السفلى ، بقلم رصاص ، شخص ما كتب شيئاً ما . نظرت عن كثب . يقول المكتوب : ” سأتزوجك”

( وقفة )

اتصلت بها و أخبرتها أن جويس قبل زواجى .

( وقفة )

كانت تقود سيارتها إلى ريفرديل ، خدمة ، لكى تأتى بطفل صديق لها فى المدرسة . أعلم أنها كانت تفكر فى الأطفال . قالت أنها أرادت أن يكون لها أطفال ، وقالت أنها رغبت يكون لهم ” نظراتى و إحساسها  بالفكاهة “. سيارة أجرى أخرى ، سيدة عجوز و التى لم تكن تقود من قبل .، و التى لهه تاريخ فى مرض الصر … و … أنت تعرفين الباقى . المرأة الأخرى عاشت ( دقة ) سألت كيتى مرة لماذا كتبت ” نعم ” لى فى الصفحة رقم 50 . قالت ” أعرف أنك تحبنى ، لكنى لست متأكدة من قدر حبك “

( وقفة )
لا تنظرى بجدية هكذا .

إيميلى : ( برفق ) الخط الذى رسمته بين نفسك و بين الآخرين ، لا وجود له . ليس كما تظن . أنت تعرف ذلك عليك أن تدعها تدخل فيك ، حتى لو كانت قد رحلت .

توم : ( بخفوت ) هاى . شكراً .

إيميلى : ( بتأثر) ألا تصدق ذلك ؟ أم أنك مجرد طبيب فاسق آخر ؟

( وقفة طويلة )

توم : نعم . سأفعل ؟ ( دقة ) نعم ( دقة ) ماذا تطلبين تعويضاً ؟ لا أعرف إذا ما كان تأمينى يغطى هذا ؟

إيميلى : كان هذا جيداً

توم : لا يمكن أن أتعامل ملك من أجل حنين سابق . ليس هذا تخصصى . هل تودين البقاء أم الرحيل ؟

إيميلى : الهدوء هنا .

توم : ( بخفة و رفق ) أمن  الصعب و جود لا أحد ؟

( تضحك )

توم : مضحك . عندما ماتت كيتى ، صليت كل ليلة لمدة شهر . كان ذلك على محمل الجد .

إيميلى : لا . كانت فقط عنها . أنت طلبت أن تكون بخير . أنت لم تقلق أبداً على نفسك و هذا نادر للغاية . حتى مع الأشخاص الذين يحبون بعضهم بعضاً . وأنت غير مؤمن .

توم : ( دقة ) كيف عرفت ذلك ؟

إيميلى : من ينصت لصلواتك ؟

توم : لم أهتم  بذلك.

إيميلى : من الذى ينصت لصلواتك ؟

توم : لا أحد ! ( دقة . يدرك ببطء ) لا أحد . يمكنك أن تغادرى المستشفى الآن .

إيميلى : شكراً على التصريح  لى بالخروج .

( تجمع أشياءها )

إيميلى : أوه ، و توم ؟

توم : نعم ؟

إيميلى : تأمينك لا يغطى ذلك .

( تغادر .وقفة . صوت الريح . ينظر توم عبر النافذة . يفتحها . عندما تدخل الريح الحجرة . تمتلىء العباءات بالهواء ، كما لو كانت مسكونة بالأشباح . تتأرجح بشكل جميل . على هيئة لوحة راقصة . ) (إظلام )

المؤلف : سيمون فيل / Simon Fill، كاتب مسرحى أمريكى الجنسية ، قام   بتدريس الكتابة المسرحية، خارج برودواي لمدة ثلاث سنوات في مدرسة المسرح الأميركي الجديد، وهو يقيم حاليا مع عائلته في منطقة خليج سان فرانسيسكو.

شاهد أيضاً

إنّه نصف خيمة: قصيدة جديدة من (زليخة أبو ريشة)

(ثقافات)   إنّه نصف خيمة زليخة أبو ريشة   إنه نصفُ خيمةٍ نصفُ سيارةٍ تعبر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *