فراشات ماركيز

خاص- ثقافات

*يوسف غيشان

“مئة عام من العزلة”، هي رواية الراحل غابرييل غارسيا ماركيز التي أوصلته الى جائزة نوبل في الآداب عام 1982، وهي تبدأ بالعبارة التالية :

“بعد سنوات، عندما واجه الإعدام رمياً بالرصاص، تذكَّر الكولونيل أوريليانو بوينديا ظهيرة يوم بعيد، عندما أخذه أبوه لاكتشاف الثلج.”

وتنتهي الرواية بالعبارة التالية :

“…لا مناص من الحياة”

وبين دفتي الرواية تتمدد حياة الكولونيل أورليانو بوينديا لكأنها مجرد تذكر لا إرادي واستعادة لذلك اليوم البعيد عندما أخذه أبوه إلى السيرك ليرى كرات الثلج لأول مرة.

قرأت الرواية أكثر من مرة في السابق ، لكني لا أتذكر منها سوى الشقاء الشقاء الشقاء، وتلك العمة العزباء التي تلاحقها الفراشات أنى ذهبت. لكنني وقبل أن أحكم على تلك الرواية بأنها بالغة الكآبة…. أدركت بأنها حياتنا جميعا ، مهما بلغنا من الثراء والراحة، إنه الشقاء البشري النتاج عن الوحدة والتوحد في كون موحش أعمى.

لكنني أدركت ايضا أنه، وكما جاء في نهاية الرواية :”لا مناص من الحياة”، فهي الشيء الوحيد الذي نملكه، والذي نملك بداخله دورا لا بأس به في جعل الحياة أكثر مرحا وفائدة للآخرين .، لكأن الحياة هي مجرد(تتويته) حدها الأعلى 144 حرفا ، لكن الفرق بين تتويته وأخرى ، هو الثراء وما تتركه في الآخرين من أثر.

إخوتنا من الموحدين (الدروز) عندما يتمنون لأحدهم طول العمر …يطلبون هذا الطول العمري ويلحقونه بعبارة:(ع قد ما تكون الحياة لايقة)، ويقصدون بذلك أن تعيش ما دمت تتمتع بحياتك وتستطيع خدمة نفسك والآخرين …. وليس أن تعيش لمجرد التنفس والتبول.

بالمناسبة لا اعرف لماذا كتبت هذا النص، ربما أكون قد رغبت في اكتشاف مدى قدرتي في التنكيد عليكم.

وأتمنى لكم العيش “ع قد ما الحياة تليق”.
_________
*كاتب أردني

ghishan@gmail.com

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *