قصائد‭ ‬الغيبوبة

*مريم حيدري

I

الأشياء‭ ‬الصامتة

الأشياء‭ ‬الملتصقة‭ ‬بي،‭ ‬الذاهبة‭ ‬معي‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬فارغ

الأشياء‭ ‬المشعّة‭ ‬بالضوء‭ ‬والضباب

كانت‭ ‬ستعود‭ ‬مساء‭ ‬الأربعاء

تحدث‭ ‬بعضها،

تحدثك

تغطي‭ ‬حزنك‭ ‬بظلالها

وأنت‭ ‬تكتب‭: ‬‮«‬أين‭ ‬أنت؟

أين‭ ‬أنت؟

‮…»‬

وتُبقي‭ ‬غيابي‭ ‬هانئا‭.‬

II

يدي‭ ‬التي‭ ‬تتخدر،

يدي‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخالط‭ ‬الموت،

يدي‭ ‬التي‭ ‬ترتعش‭ ‬وهي‭ ‬تتلمّس‭ ‬أبواب‭ ‬مصيرك

وتومئ‭ ‬لي‭.‬

حين‭ ‬أستطيع‭ ‬وأدخل

حين‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬وأدخل

حين‭ ‬أقف‭ ‬إلى‭ ‬جانبِكَ

وأنظرُ‭ ‬الغدَ‭ ‬هائما‭ ‬في‭ ‬شوارعِ‭ ‬طهران

أَرِني‭ ‬في‭ ‬المرآةِ،

نهارَك

أرِني‭ ‬قميصَك‭ ‬الأول،‭ ‬ويقينَه‭ ‬في‭ ‬ثيابي‭ ‬التي‭ ‬رتبتُ

في‭ ‬حقيبة‭ ‬زرقاء

أرِني‭ ‬مدينتَنا‭ ‬قبلَ‭ ‬خُلوّها‭ ‬من‭ ‬نهوض‭ ‬الصباح

قَبلَ‭ ‬الموتِ‭ ‬وقبلَ‭ ‬الحياة

بشفتي‭ ‬الكبيرة‭ ‬اليابسة

حين‭ ‬أستطيع‭ ‬وأناديك

حين‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬وأناديك

أطلَّ‭ ‬عليَّ‭ ‬بعينينِ‭ ‬مليئتينِ‭ ‬بالشجر

وبيدِكَ‭ ‬صُوَرُ‭ ‬الطريق

كلّما‭ ‬ذهبتُ‭ ‬معك

رجعت‭ ‬من‭ ‬غيابي‭ ‬مرّتين‭.‬

جسدي‭ ‬يضاجعُ‭ ‬الموتَ

ويخون،

ويعترف‭.‬

III

في‭ ‬الضوء‭ ‬المديد

يضيع‭ ‬الحلمُ

والكلمات

والنهارُ

وفوزُه‭ ‬بدرجات‭ ‬البيت‭ ‬والهبوط

صوتُك‭ ‬يطوي‭ ‬المياه‭ ‬الطويلةَ‭ ‬السوداء

وفي‭ ‬الضوء‭ ‬المديد

في‭ ‬حُفَرِهِ‭ ‬المظلمة

يضلّ‭ ‬الطريق‭ ‬إلى‭ ‬سرير‭ ‬أبيض،

عليه‭ ‬الحياةُ‭ ‬ممدّدةٌ،‭ ‬بروح‭ ‬قليلة‭ ‬وجسم‭ ‬قليل

تستطيع‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬عينيها‭ ‬بعد‭ ‬بضعة‭ ‬أيام

وترى‭ ‬الماضي‭ ‬يجلس‭ ‬سعيدا‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬بعيدة‭:‬

غرفةٌ‭ ‬في‭ ‬فندق‭ ‬بأقواس‭ ‬بيضاء‭ ‬كثيرة

وصوتٌ‭ ‬يغني‭ ‬قبل‭ ‬الخروج‭.‬

IV

الحياة‭ ‬التي‭ ‬تتلفّت‭ ‬لاهية

وتهمس‭ ‬لي‭: ‬تعالي

الشبابيك‭ ‬التي‭ ‬تحلم‭ ‬بالطريق‭ ‬وتشكو‭ ‬المكوث

الفراغ

وهو‭ ‬يمتلئ‭ ‬بفراغ‭ ‬آخر

ولا‭ ‬فم‭ ‬له‭ ‬ليقول‭: ‬‮«‬أذهبُ،

لو‭ ‬كان‭ ‬لي‭ ‬فقط‭ ‬سفرٌ‭ ‬وقصائدُ‭ ‬من‭ ‬كتاب‭ ‬شاحب‮»‬

الأضواء‭ ‬التي‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬ظلال

وأدراج

ويديك‭.‬

أسمع‭ ‬الأصوات

أدعوها‭ ‬إلى‭ ‬بيتي

أشعل‭ ‬لها‭ ‬شمعة‭ ‬في‭ ‬المساء

وشمعة‭ ‬للقادمين‭ ‬بابتسامات‭ ‬ونبيذ

يسألونني‭: ‬مريم‭! ‬أرِنا‭ ‬جرحَك

أريهم‭ ‬فوق‭ ‬سرّتي‭ ‬صليبا‭ ‬ناقصا،‭ ‬صليبا‭ ‬ضاحكا

وأذهب‭ ‬في‭ ‬الأصوات‭.‬

V

حتى‭ ‬صرت‭ ‬بلا‭ ‬جسد

روحي‭ ‬صخرة‭ ‬مطمئنة‭ ‬تجلس‭ ‬فوق‭ ‬هضبة‭ ‬العدم

وتنظر،

جسدكَ

نقش‭ ‬أثيري‭ ‬على‭ ‬صفحة‭ ‬الأرض‭.‬
________
*الجديد

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *