خاص- ثقافات
*د.حورية الظل
لما قال مبدع مسابقة تحدي القراءة العربي الشيخ محمد ابن راشد آل مكتوم، بأن “تحدي القراءة هو صناعة أمل” في إحدى تدويناته التي نشرها بحساباته الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة لما علم بعدد المسجلين في الدورة الثانية من مسابقة تحدي القراءة العربي والذي بلغ إلى 6 ملايين طالب ينتمون لخمسة عشر دولة عربية، أكد بأن القراءة هي المستقبل، وأن المسابقة تعطي ثمارها الطيبة.
لقد أفشت مسابقة تحدي القراءة العربي من خلال عدد المشاركين في دورتها الثانية بنجاحها، وبأنها ستصل إلى الغايات المرسومة لها من طرف مبدعها الشيخ محمد ابن راشد آل مكتوم، فتساهم في تكوين جيل من المتميزين والمبدعين والقادرين على الابتكار، خاصة وأن التلاميذ المشاركين في المسابقة يقرؤون خمسون كتابا خلال الموسم الدراسي، وهذا الرقم ليس سهلا، ويكشف عن قدرة النشء الجديد على التحدي وما قالته أمين عام مشروع تحدي القراءة العربي “نجلاء الشامسي” يؤكد رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وهدفه من المشروع والمتمثل في: “تعزيز قدرات الأجيال الصاعدة من شباب الوطن العربي من خلال رفع متوسط حجم قراءتهم السنوية إلى مستويات تتجاوز مثيلاتها العالمية بمراحل”، وبذلك فإن مسابقة تحدي القراءة العربي قد ترفع مؤشر القراءة في الوطن العربي، خاصة لدى الشباب، و تضاعف عدد المشاركين في كل دورة، يفسر بطريقة واضحة ولا غبار عليها، بأن هؤلاء الشباب هم المعول عليهم لتحمل المسؤولية مستقبلا، في ظل الأوضاع المتغيرة والسبيل إلى ذلك تسليحهم بالعلم الذي ينمي قدراتهم ويمكنهم من مواجهة كل الإكراهات والتحديات التي لا تزداد إلا صعوبة، وما نعيشه حاليا يؤكد ذلك، كما أنها ستحيي الثقافة العربية من تأليف ونشر وقراءة، خاصة وأن هذه الثقافة تعاني في السنوات الأخيرة من الركود ، فنرجو أن يكون هذا المشروع قدوة وأساس مشاريع مشابهة لأننا في حاجة ماسة لذلك.
لقد أثبت الجيل العربي الجديد من خلال خوضه لغمار تحدي القراءة، بأنه محط ثقة، ويحتاج فقط لمن يوجهه ويشجعه على فعل الصواب، فقد أظهر على استعداداه لحمل المشعل الذي سيضيء طريق المستقبل العربي، والدليل على ذلك تصالح الطلاب مع الكتاب في انتظار أن يتصالح معه الكبار أيضا، لأنه حسب المتنبي:”خير جليس في الزمان كتاب”، وهذا الكتاب الذي تم إهماله طويلا هو من سيصنع لنا جيلا مسلحا بالعلم والمعرفة، قادرا على التفاعل مع العصر.
لكن ما هي شروط استمرار نجاح المسابقة؟ إن هذا النجاح وهذه الاستمرارية رهينان بتوفر الدعم اللازم من كل الشركاء، كوزارات التربية الوطنية العربية بكل أطرها والحكومات والمجتمع المدني وأولياء الأمور، لأهمية القراءة وجدواها في جعل الغد العربي أكثر إشراقا، لكن شرط أن تكون تلك القراءة حرة ونظيفة من كل إديولوجية لتقوم بدورها في تكوين الأجيال الجديدة ورفع منسوب ثقافة شبابنا ودعم شخصياتهم وغرس قيم المحبة والتسامح في نفوسهم، وتحييدهم عن مهالك الجهل والظلامية والتطرف.
ولا بأس من تعريف بسيط لمسابقة أو مشروع تحدي القراءة العربي، إنها مسابقة موجهة للطلاب من الصف الأول إلى الصف الثاني عشر، بكل بلدان العالم العربي وبلدان المهجر، وتنظمها دولة الإمارات برعاية محمد ابن راشد آل مكتوم وبالتنسيق مع وزارات التربية الوطنية بالعالم العربي، ويشارك التلاميذ بقراءة خمسين كتابا خلال الموسم الدراسي، لكن من قرأ أقل من ذلك العدد تظل باب المشاركة مفتوحة في وجهه ليكمل عدد الكتب الناقصة عن الخمسين في الدورة الموالية من المسابقة، وهكذا دواليك، ، لأن الهدف الأساسي للمسابقة هو غرس حب القراءة وشغف المعرفة لدى الجيل الناشئ، فمهما كان عدد الكتب التي يقرؤها الطلاب يعد إيجابيا. والقراءة من الأمور التي علينا التشجيع عليها لأن العالم العربي بدأ الخراب يعمه، وجحافل الظلمة بدأت تغشى بعض أركانه، وبما أن العلم نور والنور هو طارد الظلمة، فالقراءة هي السبيل لمحو الظلمة العربية.
لقد وصل التحدي أو تحدي القراءة دورته الثانية وأثبتت المسابقة بأنها تسير في المسار الصحيح وأن نتائجها ستكون في صالح الأجيال المقبلة، والمستقبل العربي عامة، إذن لنواصل التحدي وننخرط جميعا في المشروع كبارا وصغارا، ولنأخذ العبرة من الجيل الناشئ الذي أثبت بأنه فعلا قادرا على اجتراح المعجزات، وأن المستقبل العربي بيده.