بادينغتون (2014):المغامرة اللندنية للدب البيروفي

 

خاص- ثقافات

*مهند النابلسي

 

انبهرت حقا من روعة هذا “الفيلم العائلي” وطريقة إخراجه المميزة(للمخرج باول كنغ)، وهو يتحدث عن عائلة انجليزية تتبنى دبا صغيرا ناطقا،بعد أن يهرب نازحا من غابات البيرو، حيث تجده العائلة يستجدي الشفقة بمحطة القطارات اللندنية، وتنشأ بينه وبين صبي العائلة الصغير علاقة صداقة وود…

الفيلم يستند لقصص أطفال شعبية شهيرة للكاتب مايكل بوند، ولكنه قدم هنا بطريقة أخاذة تنبض بالحياة والحركة والمقالب الطريفة الكوميدية، وأعتقد أن الكبار سيستمتعون بمشاهدته تماما كالصغار، وهو من وجهة نظري يتفوق على الكثير من الأفلام المماثلة، نظرا لبراعة الإخراج والتصوير الواقعي الجميل، الذي لم يترك شاردة ولا واردة إلا وتطرق لها، خالطا الواقع بالخيال والفانتازيا بشكل مبهر ومتماسك، ابتداء من الفيلم التسجيلي الاستهلالي القديم، الذي يتحدث عن مغامرة اكتشاف صنف من الدببة الناطقة بالأدغال البيروفية، ثم لطريقة نزوح الدب الصغير بالبحر، مختبئا بقارب نجاة في سفينة ضخمة، وقد تزود بكم كبير من مرطبانات “الميرمالادا” اللذيذة، ومن ثم تمكنه من الوصول سالما لمدينة لندن، وتوقفه بمحطة القطارات الشهيرة، باحثا عن ملاذ آمن وعائلة تتبناه: ثم نرى كما كبيرا من طرافة المواقف الكوميدية؛ كطريقة تعامله مع “الحمام”، ثم لشفقة العائلة وتبنيها له، ثم لجملة من المواقف الظريفة، منها طريقة تعامله البدائي مع الحمام المنزلي (دورة المياه)، وأسلوب تناوله للطعام واستخدامه لأدوات المنزل، ثم ننتقل للحبكة البوليسية التي تتمثل بملاحقة ابنة العالم الجغرافي المكتشف له، ساعية لتحنيطه انتقاما من تجاهل الجمعية الجغرافية البريطانية لاكتشاف أبيها الراحل، كما ندخل بجملة تداعيات وملاحقات طريفة، منها ملاحقته أي الدب للص “محافظ” محترف، وتجواله بأنحاء لندن حتى ينجح بتسهيل القبض على اللص الماهر، ثم تمكنه من النجاة من “محنطة المتاحف” المثابرة (نيكول كيدمان)، بمشهد يسخر من توم كروز في “ميشن امبوسيبل”…وننبهر من مشاهد مراجعة العائلة لمركز الوثائق الجعرافي، لتقصي اسم المكتشف المجهول، ثم ينتهي بمشاهد ملاحقات شيقة لمغامرة بحثه بذاته عن المكتشف،الذي نعلم أنه توفي، وترك ابنته العالمة الناقمة على الكائنات “الغريبة”، والتي تسعى بإصرار لتحنيطها بالمتحف المتخصص!

44

 هذا الفيلم الظريف حافل بالقفشات الكوميدية، ويتحدث عن مغامرة الدب “بادينغتون” بالعاصمة البريطانية الشهيرة، ويقوم بأداء الصوت الممثل البريطاني الشهير كولين فيرث، أما الذي ساعد هذا الدب البيروفي الظريف على تبني عائلة “براون” له، فهو النص الذي علق حول عنقه، والذي يوصي بضرورة  الاهتمام به كدب صغير وحيد، كما تشمل تنقلاته زيارات لمعالم لندن الشهيرة، ومن ضمنها قصر “باكنغهام”!

الفيلم يسوق لندن كمدينة ودودة تتقبل الأغراب وتحسن ضيافتهم، وهو فيلم عائلي “دافىء” من الطراز الأول، يبعث على الفرح والأمل والحنين، ويحوي كما كبيرا من المشاهد المتقنة والمبتكرة، ويبدو لزجا “كشطائر المربى” التي يعشقها الدب الصغير، ومصور بطريقة تناغمية، ويعتبر مدرسة بأسلوب تصميم الانتاج واللقطات، وربما يكون واحدا من أفضل أفلام “العائلة”

3

تكمن مهارات الإخراج وتصميم المشاهد بهذه التحفة السينمائية بالقدرة على إنجاز توليف حركي متقن ما بين الشخصيات الحية الحقيقية والدب الصغير (كلعبة ناطقة، بالإضافة لطير الحمام الذي بدا ظريفا وتفاعليا ايضا)، وحتى الكلب الذي ظهر وهو يتشقلب مع “بادينغتون”  على السلم الكهربائي المتحرك، فقد كان كلبا حقيقيا، وربما لا يستطيع المشاهد إدراك الجهد السينمائي والعدد الكبير من الفنيين وبراعة المؤئرات الخاصة، التي قادت بالنهاية لظهور الفيلم بصورته المبهرة المتجانسة.

لعبت نيكول كيدمان دورا مميزا (كمحنطة متاحف مهووسة)، وأضافت بعدا تفاعليا أضفى على الفيلم جاذبية طاغية، وأظهرت مواهب تمثيلية جديدة في مجال “الكوميديا الاجتماعية”.

 

شاهد أيضاً

في اليوم العالمي للشعر: كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !

(ثقافات) كمَنْ يَحْرُثُ البَّحْرَ / وَيَكتُبُ فوْقَ المَاء !  هذا ما قاله المكسيكيّ خُوسّيه بَاشِيكُو …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *