مايكل بوند: أحصل على أفكار رواياتي خلال التسوق

*مايكل بوند

الكتابة الإبداعية عملية ذهنية ونفسية مُركبة، ولا يمكن اعتبارها مهنة أو وظيفة، حتى إنْ تفرغ المُبدع للكتابة. يتعرض المُبدعون عادة إلى ضغوط وتحديات كثيرة في عملهم لدرجة تدفع البعض إلى التوقف تماماً أو مرحلياً عن الكتابة. ليس هناك طريقة عمل مُعتمدة أو خطوات مُحددة يتبعها المُبدع في إنتاج عمله، كما يتضح من شهادات كبار الكُتاب في العالم. قلة من الكتاب هم من يعملون بمُعدل ثابت، ولا تعطلهم المؤثرات الخارجية؛ بينما يحتاج أغلب المُبدعين إلى التركيز ويواجهون العديد من الصعوبات، ويجربون طرقاً مُختلفة للتغلب عليها.

تختلف صعوبات الكتابة باختلاف أنماط الحياة وطبيعة الشخصيات، وبالتالي ليس هناك وصفة جاهزة للتغلب عليها، إلّا أن تبادل الخبرات قد يساعد المُبدعين في العثور على حلول أو يُحفزهم على ابتكار وسائل جديدة لتجاوز التحديات والعقبات.

البريطاني مايكل بوند، ولد عام 1926، وترك التعليم في الرابعة عشرة من عمره. التحق بالقوات الجوية أثناء الحرب العالمية، وبدأ كتابة القصص القصيرة أثناء تواجده بالقاهرة. وفي عام 1958، أصدر كتاباً للأطفال بعنوان «الدب بيدنتون»، الذي باع 35 مليون نسخة، وتُرجم لأربعين لغة، ما شجعه على كتابة عشرات الكتب بنفس العنوان، تحول عدد منها إلى أفلام ومسلسلات تلفزيونية.
يقول بوند، أكتب يومياً طوال الأسبوع منذ خمسين عاماً، حتى في الأعياد، وأشعر بمُتعة كبيرة في ذلك. أُقيم في المنزل نفسه، وأكتب في الغرفة نفسها منذ ثلاثين عاماً. غرفتي مُريحة وتتكدس بالكتب، ولا يُزعجني سوى الضوضاء بسبب حركة المرور أحياناً. أحب النظر عبر النافذة أثناء الكتابة، ويأتيني الإلهام حين أراقب حركة الناس في الشارع، وإذا خرجت في نزهة قصيرة، أعود مُفعماً بالأفكار. أظن أن عقلي تكيف مع عملي ككاتب، ولديّ قدرة على التقاط العبارات من محادثات الناس أثناء مروري إلى جوارهم. وأحصل على أفكار لرواياتي أثناء التسوق أو الاعتناء بأحفادي.
شخصية بيدنتون فيها الكثير من سمات والدي؛ لقد كان مُهذباً للغاية، ولم يكن يخرج من المنزل من دون قبعة، لكي يرفعها على سبيل التحية للسيدات. وكان يضع القبعة على رأسه حتى حين نذهب إلى شاطئ البحر.

أجلس إلى مكتبي في التاسعة صباحاً، وأستخدم الحاسوب والآلة الكاتبة؛ فأنا أشعر بالانتعاش حين أكتب عليها. ولأنني أعمل من المنزل، أستطيع إنجاز قدر كبير من العمل. مشكلتي الوحيدة هي الورق، تتناثر القصص الكاملة وغير المُكتملة في أرجاء الغرفة، ولا أستطيع العثور على قصة إن حاولت البحث عنها. ليس لدي مساحة فارغة في غرفة مكتبي، ولم تعد تستوعب المزيد من الكتب.
أقمت فترة مُمتعة في باريس منذ ثلاثين عاماً، كنت أسكن شقة جميلة، ولم أتعرض فيها لأي نوع من الإزعاج، وكنت أستمتع بوجبات شهية. أتمنى تكرار هذه التجربة، لكني لم أعد أستطيع الكتابة خارج منزلي رغم كثرة شواغلي. أكتب بسرعة شديدة عادة، ولكني لا أنتقل إلى الصفحة التالية إلا بعد اقتناعي التام بما كتبت، وأحرص على مراجعة ما أكتب عشرات المرات من دون ملل، فهذا هو السبيل الوحيد لإنجاز كتابة جيدة.
لا أناقش مشاكل الكتابة مع الناشر، بل أناقشها مع رسام الكتب الذي يعمل معي حالياً. إنه شخص لطيف يعيش في الولايات المتحدة، وحين أشعر بعدم الارتياح إزاء موقف بعينه، أتصل به هاتفياً وأناقش معه الأمر فيساعدني على إجراء التعديلات. وغالباً ما أواصل الكتابة حتى يُنبهني وكيل أعمالي إلى أنني أنجزت كتاباً بالفعل. ساعتها أتوقف للمُراجعة. أعتقد أنني اكتسبت المزيد من المهارة في الكتابة بمرور الزمن، وأصبح تدفق الأفكار وكتابتها أسهل من ذي قبل.
____
*الخليج الثقافي

شاهد أيضاً

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي

“المثنوى”و”شمس” من كُنوز مَولانا الرُّومي منال رضوان     المثنوى المعنوى، وديوان شمس لمولانا جلال …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *