في عددها 34… “ذوات” تحتفي ثقافيا بالكتابة النسائية في مواجهة العنف

خاص- ثقافات

*سعيدة شريف وعزيز العرباوي

مازالت مجلة ذوات تبدع في ملفاتها الشهرية كعادتها وتستدعي العديد من الباحثين والكتاب للإسهام في أعدادها المتلاحقة كل شهر، وفي هذا الصدد يمكننا أن نقول إن العدد الجديد (لشهر مارس/ آذار) من المجلة الثقافية العربية الشهرية الإلكترونية، الصادرة عن مؤسسة “مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث”، يتميز بالحضور النسائي الباذخ فيه، موضوعا، وكتابة، وتناولا، وشكلا، حيث يعرف هذا العدد (34) مساهمة مهمة للعديد من الأقلام النسائية العربية في مجالات متنوعة، وحضورا نوعيا للموضوعات، وتنوعا في مقاربة إشكالية ملف هذا العدد، الموسومة بـ “الكتابة النسائية في مواجهة العنف”.

ولأن المناسبة شرط، فقد اختارت مجلة “ذوات” الاحتفاء بطريقتها الخاصة باليوم العالمي للمرأة (8 مارس/ آذار)، ويكون عددها الجديد لهذا الشهر من منظور ثقافي، وليس مناسباتي، تسلط الضوء من خلاله على ما قدمته وتقدمه المرأة العربية في العالم العربي الإسلامي من أجل مناهضة العنف والتطرف، ومناهضة التمييز الذي يلحقها في مجتمعات لا زالت ذكورية بامتياز.

فإذا كانت المرأة العربية الكاتبة قد عانت وما تزال، من نظرة المجتمع الذكوري المنتقصة من قيمة منتوجها الإبداعي؛ والمشككة فيه باستمرار، والمدعية لوقوف الرجل وراءه باستمرار (حالة الكاتبة أحلام مستغانمي في العصر الحالي)، فإنها في الزمن الحالي، زمن الثورات، والربيع العربي، والحروب، صارت أكثر عرضة للخطر بسبب التطرف والعنف المستشري في المجتمعات العربية، والذي بدأ يظهر للعلن بأكثر من وجه، وأشد تلك الوجوه مكراً، هو ذلك الذي يتذرع بالإسلام والدين، والحلال والحرام، ويجعل المرأة شيئا طيعا مستباحا وفي متناول الرجل.

إن أخطر ما يمكن أن تتعرض له المرأة العربية، بالإضافة إلى التشكيك في قيمة أعمالها، وفي أهليتها للقيام بذلك، هو المس بحريتها في التفكير وممارسة عملية الكتابة، والإجهاض على كل المكتسبات التي حققتها في السنوات الماضية، كما حدث مثلا في تونس والمغرب، على مستوى المشاركة السياسية للمرأة، ومحاولة تدجينها تحت ذريعة قراءات متخلفة للدين الإسلامي، أحسن بعض التجار تسويقه مع الفكر الداعشي المتطرف، لأن ما يغيضهم هو تسلح المرأة بالعقل والفكر والإبداع والنقد، الذي تسعى من خلاله إلى التغيير المأمول. ولهذا، فلا مجال هنا للتساؤل عن جدوى الكتابة، لأنها أصبحت ضرورية بالنسبة إلى المرأة لمواجهة العنف والتطرف المستشريين اليوم في مجتمعاتنا العربية، بل يجدر بنا التساؤل عن دور الكتابة بشكل عام، وكتابة المرأة المبدعة بشكل خاص، الكتابة التي تخلخل الواقع، وتكشف المستور، وتكسر كل القيود، وتطرح العديد من البدائل المهمة لمجتمعات الغد.

ووفق ما تقدم، جاء ملف العدد (34) من مجلة “ذوات” لشهر مارس/ آذار 2017، مخصصا لموضوع “الكتابة النسائية في مواجهة العنف”، ليسلط الضوء على كتابة المرأة العربية ومدى إسهامها في التغيير المجتمعي، إيماناً منا بأن الكتابة سلاح ضروري لمواجهة كل التقلبات المحتملة، ومقاومة الإرهاب الفكري، والعنف بكل أشكاله المعنوية والمادية، والقهر والظلم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والنوعي.

ويضم ملف هذا العدد، والذي أعدَّه الكاتب والإعلامي الفلسطيني أوس داوود يعقوب، مقالاً تقديمياً له بعنوان “النساء والكتابة الإبداعية: المرايا المتجددة في زمن الفجائع”، وأربعة مقالات: الأول للباحثة والكاتبة الفلسطينية، منى ظاهر، بعنوان: “فَراشاتٌ في مَهَبِّ اللّيلك .. قراءة في شهادات كاتبات عربيّات”، قامت فيه باستقراء شهادات اثنتي عشرة كاتبة وشاعرة عربيّة من اثني عشر بلدًا عربيًّا، تمت دعوتهنّ من قبل المجلة للخوض فيما تفكّر به هؤلاء المبدعات وما يطرحنه من مواقف إزاء إجاباتهنّ عن أسئلة الملف، والكاتبات والشّاعرات المشاركات، هنّ وفق التّرتيب الأبجديّ: ابتسام عازم من فلسطين ومقيمة في نيويورك، أمل المشايخ فلسطينيّة من الأردن، سوسن جميل حسن من سوريا مقيمة في ألمانيا، صفاء عبد المنعم من مصر، عائشة البصري من المغرب، عزّة الكمياني من عُمان، لارا الظّراسي من اليمن، منال الشّيخ من العراق، نجيبة الهمّامي من تونس، نصيرة محمّدي من الجزائر، هدى عيد من لبنان، وهديل الحساوي من الكويت. والمقال الثاني للقاصة والروائية التونسية آمال مختار، بعنوان: “الفكر الأنثوي في مواجهة الإرهاب الفكريّ والاستبدادين الديّنيّ والسّياسيّ”، الذي تسلط فيه الكاتبة التونسية الضوء على ما تواجهه الكاتبات العربيات من إرهاب فكري بتكفيرهن، وإهدار دمهن، من قبل الجماعات الأصولية المتشددة في أوطانهن. والمقال الثالث للكاتبة والباحثة الجامعية المغربية، سعيدة تاقي، بعنوان: “تأنـيـث الكـتـابـة .. من قوة الوجود إلى تحرير الفعل”، الذي تتعرض فيه لمعاناة المرأة الكاتبة وتهميش حضورها ودورها عبر مراحل تاريخية مختلفة في عالمنا العربي الإسلامي. في حين يقدم المقال الرابع للناقد والشاعر السوري، الدكتور مازن أكثم سليمان، والمعنون بـ : “الشعر النسوي السوري في زمن الحرب”، مقاربة لكيفية تناول ثماني شاعرات سوريات لموضوعةَ الحرب في أشعارهن. أما حوار الملف، فهو مع القاصة والروائية وطبيبة العيون السورية هيفاء بيطار، صاحبة كتاب “وجوه من سوريا”، والتي تروي فيه معاناتها كإنسانة وكاتبة في مواجهتها المفتوحة والمستمرة منذ مطالع شبابها مع الاستبدادين الديني والسياسي.

وبالإضافة إلى الملف، يتضمن العدد 34 من مجلة “ذوات” أبوابا أخرى، منها باب “رأي ذوات”، ويضم ثلاثة مقالات: “المرأة العربية والمشاركة السياسية” للباحثة المصرية د. الشيماء الدمرداش، و”الإرهاب الفكريّ ورهانات الحرية عند الفيلسوفة هيباتيا” للباحث العراقي د. عامر الوائلي، و”عن الخصوصية والسر” للكاتبة السورية أدونيس غزالة؛ ويشتمل باب “ثقافة وفنون” على مقالين: الأول للأكاديمي والناقد السوري د. وفيق سليطين بعنوان “إشكالية التأنيث في تجاذبات الوجدان الأبوي”، والثاني للكاتب السوري خضر الآغــا المقيم بألمانيا، بعنوان “الروائية السورية روزا ياسين حسن: الإصغاء إلى صوت الأنثى المهدور”.

ويقدم باب “حوار ذوات” لقاء مع الكاتبة والباحثة التونسية أمّ الزّين بن شيخة المسكيني، والتي تقدم فيه تقييما للتجارب الإبداعية النسائي، وعلاقة المرأة العربية بالفلسفة، الحوار أنجزه الكاتب والإعلامي التونسي عيسى جابلي، فيما يقترح “بورتريه ذوات” لهذا العدد صورة لعالمة الاجتماع والكاتبة والباحثة النسوية المغربية فاطمة المرنيسي التي تركت كتاباتها أثرا كبيرا في الثقافة العربية والغربية، رسم الصورة الإعلامي المغربي نزار الفراوي. وفي باب “سؤال ذوات”، تسائل الإعلامية الأردنية منى شكري مجموعة من الكتاب والكاتبات العربيات، حول حقيقة مريرة يرفضها البعض ويقبلها البعض الآخر، ويشير إليها بحقائق ملموسة، وهي “هل عدو المرأة، هي المرأة نفسها؟”، فيما تتناول الكاتبة والباحثة السورية علياء أحمد في باب “تربية وتعليم” موضوع “التعليم في الثقافة الاندماجية.. الأثر والتحديات وانعكاسها على النمو في المنطقة العربية”.

وتقدم الكاتبة المغربية المقيمة بفرنسا حنان درقاوي قراءة في كتاب “محكيات نسائية لها طعم النارنج” للقاصة والأكاديمية المغربية لطيفة لبصير، وذلك في باب “كتب”، والذي يتضمن أيضاً تقديماً لبعض الإصدارات الجديدة التي تتناول موضوع المرأة، إضافة إلى لغة الأرقام، التي تطلع القارئ على نتائج استبيان حول “المرأة العاملة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.

ويمكن للقراء الاطلاع على العدد 34 من مجلة “ذوات”، في الموقع الإلكتروني لمؤسسة مؤمنون بلا حدود.

شاهد أيضاً

فرويد وصوفيا في جلسة خاصة

(ثقافات) فرويد وصوفيا في جلسة خاصة د. صحر أنور جلس سيجموند فرويد أمامها ينظر إلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *