الرباط- عن مؤسسة مقاربات للنشر المغربية صدر مؤخرا كتاب جديد يرصد تجربة الروائية والناقدة المغربية الأستاذة الدكتورة زهور كرام تحت عنوان: “فتنة الإبداع والسؤال النقدي في تجربة زهور كرام”. ضم عددا هاما من الدراسات والأبحاث النقدية التي كتبها عدد من النقاد والمفكرين المغاربة والعرب حول تجربة زهور كرام بشقيها الإبداعي والنقدي وتأثيرها على المشهد الثقافي في العالم العربي.
يقع الكتاب في مقدمة للناقد والباحث المغربي المعروف الدكتور سعيد يقطين جاءت تحت عنوان “كما عرفتها” وفصلين.
احتوى الفصل الأول من الكتاب الذي جاء تحت عنوان “الإقامة في الإبداع السردي” على دراسات وأبحاث نقدية تناولت تجربة زهور كرام الإبداعية مركزة على تجربتها الروائية المتميزة، وشارك فيها عدد كبير من الدارسين من بينهم الناقد عماد الورداني في دراسة تحت عنوان: تمثيل الجسد والمدينة في رواية” جسد ومدينة”، ودراسة الناقد والباحث الجزائري ” عبد الوهاب بوشليحة” “وعي الكتابة/كتابة الوعي: قراءة في رواية قلادة قرنفل”، و” قلادة قرنفل لزهور كرام” للناقد الأردني نزيه أبو نضال، وجمالية تشظي الأصول في المجموعة القصصية “مولد الروح” لزهور كرام للباحث عبد الرحمن التمارة، فيما كتبت نادية العشيري عن اللغة عندما تنحني أمام اﻷنوثة..واﻷمومة،”ودراسة تحت عنوان “انبثاقات الحياة في (مولد الروح) لزهور كرام (اشتباكات القصص والحياة) للباحث عبداللطيف الزكري، فيما يكتب العراقي عذاب الركابي عن “غيثة تقطف القمر”، والمغربي عبد العزيز بنار عن ” رقصة بين ذراعي القمر أو حكاية شخصيات عالقة على حدود الوطن في “رواية غيثة تقطف القمر”، أما الباحثة المغربية ” العالية ماء العينين” فإنها تبحث في هذا التلاقي في زهور كرام بين المبدعة والناقدة في روايتها” غيثة التي تقطف القمر”.
أما الفصل الثاني من الكتاب، فقد جاء تحت عنوان “في مرايا النقد”، تناول بالبحث والتمحيص، تجربة زهور كرام النقدية، وهي التجربة التي كان لها أثر كبير في تطوير النقد العربي، والولوج به إلى آفاق جديدة لم تطرق من قبل. وساهم في هذا الفصل عدد كبير من النقاد والباحثين المغاربة و العرب. حيث يكتب الناقد مصطفى يعلى دراسة تتأمل كتاب زهور كرام” خطاب ربات الخدور: مقاربة في القول النسائي العربي والمغربي نحو وعي صحي بالمسألة النسائية”، ويكتب الباحث” محمد العناز” عن ” المغايرة والذهنية السائدة ” في كتاب زهور كرام” في ضيافة الرقابة”، أما الباحث إبراهيم عمري، فإنه يقدم دراسة تحليلية لكتاب زهور كرام حول الأدب الرقمي، والذي يعد كتابا مؤسسا للنقد الرقمي العربي وآليات اشتغاله تحت عنوان : ” الإبداع الرقمي بين رحابة التقنية ورعونة النص قراءة في “ألأدب الرقمي:أسئلة ثقافية وتأملات مفاهيمية”. ويكتب الباحث البحريني ” فهد حسين” دراسة تحت عنوان ´”موهبة تتألق في أركولوجية النقد والإبداع”. بينما يتناول الناقد عبد الرحيم جيران عن فتنة السؤال النقدي في كتاب “الرواية العربية وزمن التكون”، ويكتب الناقد حسن اليملاحي عن ” الاشتغال والمنهج في الرواية العربية وزمن التكون”، أما الباحث محمد بوعزة، فإنه يتناول ” القراءة ومنطق التحول ” في كتاب زهور ” ذات المؤلف من السيرة الذاتية إلى التخييل الذاتي”. أما الناقد والباحث العراقي المعروف ماجد السامرائي فيشارك ب : “كلمات على الهامش زهور كرام والرؤية الإبداعية في النقد الأدبي”.
يقول الدكتور سعيد كرام في مقدمته عن هذا الكتاب الهام: “زهور كَرام مثقفة تجمع بين أصالة الإبداع، وشغف البحث. مارست كتابة السرد، واهتمت بالبحث فيه، فإذا هي تجمع بين عملين يتكاملان ويتضافران؛ فأفادتها معرفتها بالسرد نظريا وتطبيقيا في فهم الإبداع، كما عمقت لديها ممارستُها إياه، تمثلَ خصوصية السرد وهي تبحث فيه.
كان لإخلاصها في ممارستيها معا أن حققت التوازن الصعب بين الإبداع السردي والبحث الأكاديمي. هذا الإخلاص وليد الإحساس بأهمية العمل الثقافي والإيمان بضرورته في المجتمع المغربي والعربي. فنجم عن ذلك الإحساس التفاني في خدمة الثقافة، والإبداع والبحث.
لا يمكن الحديث عن زهور كَرام بالتركيز على إسهامها الثقافي والإبداعي، وما يتميز به من جرأة وتبصر، دون التأكيد على البعد الأخلاقي والإنساني في سلوكها وعلاقاتها.
إنها، كما تشتغل بالبحث الأكاديمي والإبداع، تحدد علاقاتها بزملائها الباحثين والمبدعين وطلبتها في ضوء المبادئ والأخلاق التي تؤمن بها، وتكرس لها جهدها، والمتمثلة في الإخلاص والتفاني والتشجيع. لذلك نجدها تربأ بنفسها عن الاهتمام بما لا يعنيها من سفاسف الأمور، أو الخوض فيما يضر بالعلاقات الثقافية والإنسانية، أو يسيء إليها، منشغلة أكثر بما يفيدها ويطور تجربتها وخبرتها الأكاديمية والإبداعية.
لقد أكسبها البعد الإنساني في تعاملها، بصفة عامة، محبة جميع من يتفاعلون معها، واحترامهم وتقديرهم. فهي ممن يؤلف ويألف. وبالنظر إلى المرأة في المجتمع العربي، نجد زهور إلى جانب انشغالاتها البحثية ومشاركاتها في مختلف الفعاليات والأنشطة الثقافية في المغرب والخارج تعنى أشد العناية ببيتها وأسرتها الصغيرة والكبيرة، وتحرص أشد الحرص، رغم ما يتطلبه العمل الثقافي الذي تنخرط فيه من هموم ومشاغل، على بذل المزيد من المجهودات وتقديم الكثير من التضحيات لفائدة أقاربها وعائلتها. فإذا هي نموذج للمرأة العربية المثقفة التي لا تميز بين عملها داخل البيت أو خارجه، وبين التزاماتها الكثيرة والمتعددة والمتنوعة، والمتضاربة أيضا.
كل ما يمكن أن يقال في حق زهور كَرام قليل في حقها، ويأتي هذا الكتاب التكريمي ليكرس من جهة ثقافة الاعتراف، بشخصية قدمت مساهمات جلى للثقافة المغربية والعربية، وللدرس الجامعي، بدون ادعاء أو استعلاء، من جهة. وما مساهمة باحثين من مختلف الأجيال، والأقطار العربية، سوى خير دليل على ذلك. وليؤكد، من جهة ثانية، أنه يسجل محطة هامة في تاريخ حياتها الإبداعية والأكاديمية، لا يمكن إلا أن تتلوها محطات أخرى لاحقة زاخرة بالعطاء والتجدد، في درب الإخلاص والتفاني في خدمة الثقافة العربية والإنسان بصفة عامة”.