في سيرته الذاتية التي كتبها بالتعاون مع بنتزي إليس تشيرتشل[2]، يشير المستشرق البريطاني ـ الأمريكي برنارد لويس إلى اهتمامه المبكّر بالعالمين العربي والإسلامي، قائلاً في الصفحة الأولى من الكتاب: “على مدار حياتي المديدة كنت مهتمّاً بصورة أساسيّة بدراسة الشرق الأوسط. بدأ هذا الاهتمام عندما كنت طالباً صغيراً في المدرسة، وتعاظم منذ ذلك الوقت، وأصبح هوايةً في البداية، ثمّ نوعاً من الهوس، وأخيراً مهنةً. لقد حاولت منذ اللحظات الأولى أن أفهم المجتمعات من الداخل، من خلال تعلّم لغاتها، وقراءة الكتابات [التي أنجزت في تلك المجتمعات]، والارتحال إلى بلدان هذه المجتمعات، والإصغاء إلى أهلها وتبادل الأحاديث معهم”.
يؤكِّد الكلام السابق شغف لويس بالشرق، وسعيه منذ صباه إلى فهم الشرق وتفكيك أسطورته من خلال القراءة التاريخية. ولعلّ ذلك الشغف، وهذا الانشغال المستمر بالشرق على مدار ما يقارب تسعة عقود من الزمن، هو الذي وجّهه لدراسة تاريخ الشرق الأدنى في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية في جامعة لندن، حيث قام بتحضير رسالته عن الطائفة الإسماعيلية مع المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون في باريس، بعد أن أخبره أستاذه في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية المستشرق البريطاني هاملتون غِب أنه ليس مؤهَّلاً للإشراف عليه في الموضوع الذي اختاره، ونصحه بالتوجه إلى باريس. وكان الاثنان غِب وماسينيون، حسب لويس، مستشرقين بالمعنى الكلاسيكيّ للكلمة، إذ إنّ اهتماماتهما لغويّة، وأدبيّة، وثقافية، ودينيّة. كلاهما أنجز دراسات في التاريخ، من حين إلى آخر، لكن وصف المؤرخ لا يصدق عليهما تماماً[3].
اللافت للانتباه أنّ لويس يخلص من دراسته عن الحشاشين (الذين انبثقوا من بين غُلاة الشيعة، واتخذوا لأنفسهم مظهراً متطرفاً عنيفاً، مركِّزين على قتل المسلمين، خصوصاً الحكّام والملوك والأمراء وقادة الجيوش ورجال الدين)، يخلص إلى القول إنهم يمّثلون انحرافاً عن الإسلام السائد. “فالإسلام، مثله، مثل المسيحية أو اليهودية، دينٌ ينطوي على رسالة أخلاقية، والجريمة والابتزاز ليس لهما موضعٌ في معتقداته أو ممارساته”. والاستنتاج السابق يتماشى مع كثير ممّا كتبه لويس عن الإسلام في كتبه وأعماله الموسوعية، وهي وجهة نظر سيتحّول عنها المؤرخ البريطاني عندما يبدأ في توظيف معرفته لخدمة السلطة وتوفير خلفيَّة تاريخية للمشروع الأمريكي الذي سعى المحافظون الجدد من خلاله إلى تفتيت العالم العربي وإعادة تشكيله على أسس عرقية ـ قومية ودينية ـ مذهبية. لكنَّنا نعثر في مذكرات لويس على ما يبدو مؤشراً ضمنيّاً، سابقاً في الزمن، على انشغالاته السياسية، وانحيازاته الأيديولوجية، وإيمانه بتوظيف المعرفة في خدمة السلطة وغايات الإمبراطورية، من خلال حديثه عن عمله خلال سنوات الحرب العالمية الثانية في جهاز المخابرات البريطانية بدءاً من نهاية 1940 أو بداية عام 1941. فقد قضى سنوات الحرب يقوم بأعمال لا يستطيع، كما يقول و”استناداً إلى قانون السريّة”، أن يتحدث عنها بالتفصيل في مذكراته. كما أنه نُقِل في نهاية عام 1941 ليعمل في ما يُسمّى جهاز المخابرات البريطانية M16، ليقوم بترجمة النصوص المكتوبة باللغة العربيّة، بصورة أساسية، أو بتلخيصها، وكان بعضها مكتوباً بالشيفرة. وقد تعاون كما يقول مع أحد المجنّدين في فرع آخر من M16، وكان يتقن الألمانية، في تتبّع عميل سوريٍّ للمخابرات الألمانيّة، بمقارنة مصادر لويس العربية بمصادر المجنّد الآخر الألمانيّة. وكان خلال فترة خدمته في الحرب يقوم بتحويل المكالمات الهاتفية التي ترصدها المخابرات البريطانية إلى نصٍّ مكتوب.
وعلى الرغم من أن تجنّده في واحدة من شعب المخابرات البريطانية أثناء الحرب العالمية الثانية قد لا يكون بالضرورة مؤشِّراً على اختياراته السياسية والعملية في المستقبل (إذ إنّ هذا العمل يندرج في بعض وجوهه ضمن الخدمة الإلزامية خلال الحرب)، فإنّ علاقات لويس وارتباطاته السياسية، ودائرة معارفه المستقبليين، وكذلك توظيفه لكتاباته التاريخية، تدلُّ دلالة واضحة على توظيفه التاريخ في خدمة السياسة وصناعة القرار، سواء في مسقط رأسه بريطانيا أو في بلده الثاني الذي اختار الرحيل إليه فيما بعد (أمريكا). وهو أمرٌ يخالفُ تماماً ما يشدد عليه في مذكراته بالقول إنه ليس “من المسموح بالنسبة إلى المؤرّخ أن يعيد تشكيل النتائج التي يتوصّل إليها لكي تخدم بعض غاياته السياسية والأيديولوجية. هذه خيانة لروحيّة عمل المؤرّخ”. كما أنّ سيرته العملية والبحثيّة تتنافى مع قوله، في موضع آخر من مذكراته، إنّ “مسؤولية المؤرّخ وواجبه هي قول الحقيقة كما يراها، الحقيقة بحذافيرها ولا شيء غير الحقيقة. عليه ألا يسمح لنفسه أن يكون داعيةً وناشراً للأكاذيب، أو أن يُستخدم من قبل الدعاة وناشري الأكاذيب. هذا ما يمثِّل الإغراء الأكبر والخطر الأعظم على التاريخ كمهنة وتخصص، لأنّ التاريخ هو القضية التي يختارها المرء ويُغلِّبها على أي غرض سياسي”.
تكشف مذكرات لويس عن ثلاثة أمور أساسية تنفي عنه حياده السياسي والأيديولوجي كمؤرخ، وتؤكد على أنه وظَّف المعرفة في خدمة السلطة وأخضع البحث التاريخيَّ للغايات السياسية ـ الأيديولوجية التي عدَّها خيانةً لا تُغتفَر بالنسبة إلى المؤرخ النزيه المحايد. ويمكن أن نستخلص من تلك المذكرات، التي تأتي كتتويج لمسيرة عُمرٍ من البحث التاريخي المشوب بأغراض سياسية، الأمور الأساسية التالية:
1. دفاعه عن الإمبراطورية:
يعلن لويس بصورة لا لبس فيها عن انتمائه الواضح منذ الصغر لفكرة الإمبراطورية البريطانية، إذ يقول: “منذ مرحلة الطفولة التي عشتها في لندن خلال العشرينيّات، كنت أشعر بالفخر بحقيقة كوني جزءاً ممّا يمكن أن نسمِّيه أعظم إمبراطورية في التاريخ، وبكلّ تأكيد الإمبراطورية الأكبر والأوسع في ذلك التاريخ، التي تمدُّ حكمها ونفوذها المباشر أو غير المباشر إلى ما يزيد على ثلث مساحة الكرة الأرضيّة، وتُحِلُّ، في أماكن عديدة من العالم، الحضارةَ مكان البربريّة، وتَجلِب إلى أجزاء مختلفة من الإمبراطورية الحريَّةَ والعدل بدلاً من الحكم المستبد أو السلطويِّ”. كما أنه يميِّز الإمبرياليّة البريطانيّة عن الإمبرياليّات الأخرى، ممتدحاً الدورَ التنويريَّ الحضاريَّ لتلك الإمبراطوريّة التوسعيّة التي يفتخر بالانتماء إليها: “لقد كرَّست السلطة الاستعمارية، في الإمبراطورية البريطانية، على عكس غيرها من السلطات الاستعمارية، اهتماماً كبيراً بنشر التعليم، وعلى نحو أكثر وضوحاً بالتعليم الجامعي. كان الهدف أن يكون هناك في كلِّ مستعمرة من المستعمرات البريطانية جامعةٌ واحدةٌ على الأقل، على أن يُبذل فيها بعض الجهد والوقت لتعليم تاريخ شعبها، أي تاريخ ذلك البلد بصورة أساسيَّة”. وعلى هذا الأساس عملت جامعة لندن كما يذكر لويس على إعداد باحثين في التاريخ المحلي لكل واحدة من المستعمرات، وساهم هو نفسه، من خلال عمله أستاذاً في قسم الدراسات الشرقية والإفريقية، في إعداد مقررات دراسيَّة لتُدَرَّس في جامعات المستعمرات.
ويضيف لويس في تحيّز واضح للإمبراطورية والتجربة الاستعمارية: “إنّ المهاتما غاندي ما كان لينجح في نضاله ضد الاستعمار البريطاني لولا أنه كان يفعل ذلك في مواجهة عدوٍّ ديموقراطي متحضِّر، وإنّ نضاله السلميَّ ما كان ليدوم أسبوعاً واحداً لو أنّ عدوّه كان هتلر أو ستالين أو صدام حسين”. وهو في موضع آخر، ولدى حديثه عن طلبته في جامعة لندن الذين كانوا يأتون من المستعمرات ليُعِدُّوا رسائل دكتوراه ينتقدون فيها ما تفعله القوات الاستعمارية البريطانية في بلادهم، يقول: “إنّ في إمكانه أن يطلق على هذا النوع البريطاني من الاستعمار “الإمبريالية الديموقراطية”.
2. ارتباطاته الإسرائيلية وتعاطفه مع الدولة العبرية:
يكتب لويس هذه العبارة الكاشفة في مذكراته: “رغم أنّ اشتغالي الأساسي كان، ولبعض الوقت، منصبّاً على التاريخ الإسلامي العامّ، فإنني لم أنسَ أبداً اهتمامي بالدراسات العبريّة واليهوديّة التي قادتني يوماً إلى حقل الدراسات شرق الأوسطيّة”. ومن هنا فإنّ رحلات لويس إلى إسرائيل، وقبل ذلك إلى فلسطين، لم تنقطع منذ أربعينيّات القرن الماضي. كما أنه أمضى أوقاتاً طويلة في الجامعات ومراكز الدراسات الإسرائيلية على مدار حياته الأكاديمية والبحثية[4]. وقد كتب بعض الدراسات باللغة العبرية، وترجم شعراً عن العبرية لعدد من الشعراء اليهود المعاصرين. وهو يشير في أكثر من موضع من مذكراته إلى صلاته بالسياسيين الإسرائيليين[5].
3. علاقته الوطيدة بالإدارة الأمريكية في عهد جورج بوش الابن وأعضاء تلك الإدارة ومستشاريها الفاعلين:
يقرُّ لويس بأنّ علاقته بالمحافظين الجدد في إدارة جورج بوش الابن تعود إلى فترة مبكِّرة نسبيّاً من إقامته في الولايات المتحدة. بدأت هذه العلاقة أثناء رحلة إلى أمريكا ألقى فيها لويس عدداً من المحاضرات. وازدادت هذه العلاقة قوَّة بعد إلقائه محاضرةً حول الوضع في الشرق الأوسط وسياسة القوى الخارجيّة على جمهور محدود في واشنطن. وبعد انتهاء محاضرته اقترب منه شابٌّ صغير وأخبره أنه يعمل مساعداً للسِناتور الديموقراطي هاري م. جاكسون “سكوب”. ولم يكن هذا الشاب الذي عرَّفه على السناتور جاكسون سوى ريتشارد بيرل Richard Perle الذي يُعدُّ واحداً من أكثر المحافظين الجدد تأثيراً في إدارة جورج بوش الابن. وقد توثَّقت هذه العلاقة مع أعضاء آخرين في جماعة المحافظين الجدد، ومع نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، ومع الرئيس الأمريكي جورج بوش، فيما بعد[6].
يشير ما سبق إلى أنّ برنارد لويس لم يكتفِ بدوره كمؤرخ محايد، بل وظّف معرفته التاريخيّة لغايات وأهداف سياسيّة أيديولوجيّة توجِّه صانع القرار السياسي، ممّا كان له نتائج كارثيّة على صعيد السياسة العالميّة أثناء الحربين اللتين شنتهما الولايات المتحدة على أفغانستان والعراق. ولا يبرِّئُ لويس من التهمة تنصُّلُه في مذكراته من أيِّ دور لعبه في توجيه الإدارة الأمريكية نحو شنِّ الحرب على هذين البلدين اللذين ما زالا يعانيان من سياسة الولايات المتحدة الخرقاء التي كان لويس واحداً من المستشارين الذين لعبوا دوراً خفيّاً فيها.
لقد كان لويس، رغم الميراث البحثيّ الضخم الذي وضعه، مثالاً سيئاً للمؤرخ والعالم في عصرنا.
([1]) نشر هذا المقال في مجلة يتفكرون عدد 9
[2]- Bernard Lewis (With Buntzie Ellis Churchill), Notes on A Century: Reflections of A Middle East Historian, Viking Penguin (New York), 2012.
[3]ـ ينقل لويس عن أستاذه هاملتون غِب قوله له، إنه (أي لويس) “كان أوَّلَ مؤرِّخ متخصص في تدريس تاريخ العرب ودراسته في إنجلترا كلِّها”. البقيّة الباقية ممن يعملون في الدراسات العربية كانوا مستعربين يهتمون باللغة والأدب، وفي بعض الأحيان بعلم اللاهوت. كما أنّ من يدرِّسون تاريخ الشرق الأوسط والشرق الأدنى، في جامعة لندن، قبل تعيين لويس في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقيّة، كانوا أساتذة للعربيّة أو الفارسيّة أو التركيّة. وبعد عودته إلى التدريس في الجامعة، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، يقول لويس: “إنّ الحرب قذفته إلى قلب الشرق الأوسط المعاصر، وإلى الانخراط في شؤون هذه المنطقة”.
[4]ـ حصل برنارد لويس عام 1974 على جائزة هارفي التي يمنحها معهد التخنيون في حيفا (أي المعهد التكنولوجي التابع لجامعة حيفا).
[5]ـ يقول لويس في مذكراته إن الجوَّ كان مهيأً منذ عام 1969 لعقد اتفاقية سلام بين المصريين والإسرائيليين. لقد استشف ذلك من رحلاته الكثيرة إلى مصر في نهاية ستينيات القرن الماضي. ويضيف أنه سافر إلى إسرائيل عام 1969 وذهب لمقابلة رئيسة وزراء إسرائيل في ذلك الحين غولدا مائير، وحاول إقناعها بأنّ المصريين أصبحوا مستعدين للسلام، وأنّ المحادثات المباشرة ممكنة. لكن غولدا مائير لم تصدقه، وقالت إنه سمح للمصريين بخداعه. وقد حاول إقناع وزير الدفاع موشي دايان، وهو يظن أنّ دايان صدّقه، لكنه لم يستحسن الفكرة، فهو لم يكن يريد التفاوض مع المصريين، حسب كلام لويس. وينقل عنه كلامه: “إذا كنا سنتفاوض معهم، فعلينا أن نعطيهم شيئاً. عن ماذا سنتحدث إذًا؟” “كان يظن وقتها أنّ في إمكان إسرائيل أن تحتفظ بنصف شبه جزيرة سيناء.” ويشير لويس إلى أنه قال الكلام نفسه لإسحق رابين، وكتب له رسالة بهذا الخصوص. لكنهم، وحسب كلامه، لم يصدقوه، أو أنهم لم يرغبوا في تصديقه. هذه حكايةٌ كاشفةٌ عن طبيعة انغماسه في الشأن السياسي، وعدم حياده كمؤرخ، والأهمُّ من ذلك فهي تدلُّ على اهتمامه المفرط بالشأن الإسرائيلي، وانحيازه الواضح لها، وعلاقاته الوثيقة بالطبقة السياسية الإسرائيلية، تدلُّ على ذلك رحلاته وإقاماته الكثيرة في تل أبيب.
[6]ـ يقول لويس إنه بعد احتلال صدام للكويت عام 1991، استُدْعيَ إلى البيت الأبيض لمقابلة وزير الدفاع الأمريكي ديك تشيني لمعرفة رأيه فيما حدث، وإنهما استمرا في لقاءاتهما خلال السنوات التالية. ولكنه يدَّعي أنّ أحداً لم يستشره بخصوص الهجوم على العراق لإسقاط العراق واحتلاله عام 2003، وأنه على العكس من ذلك كان ضد هذا الاحتلال، وأنه كان يفضّل لو تعاون الأمريكان مع الأكراد في شمال العراق لإسقاط نظام حكم صدَّام حسين. وهو يقول عن الاتهام الذي وجهته إليه بعض وسائل الإعلام حول دوره في احتلال العراق إنه مُجانِبٌ للحقيقة. ويردّ على ما كتبه الصحفي الأمريكي بيتر والديمان Peter Waldeman في وول ستريت جورنال عام 2004، حول دوره في التأثير على سياسات إدارة جورج بوش الابن، وخصوصاً فيما يتعلق بغزو العراق، بأنّ دوره المشار إليه كان مبالَغاً فيه، كما تعرّض للكثير من التشويه والتحريف. لكنه يقرُّ بأنه حافظ على تواصل مع ديك تشيني، الذي أصبح في ذلك الوقت نائباً للرئيس، وأنه زار مكتبه عدة مرّات، وتباحث معه في شؤون منطقة الشرق الأوسط. كما يشير إلى دعوته إلى البيت الأبيض لكي يحاضر بصورة سريّة على موظفي البيت الأبيض. ويذكر في موضع آخر من مذكراته حديثَه مع مستشارة الأمن القومي الأمريكي كوندوليزا رايس في مكتبها في لقاء خاص. كما تمّت دعوته للقاء الرئيس جورج بوش في ثلاث مناسبات، وطُلِب منه أن يوجِّه اقتراحاته، من خلال البريد الإلكتروني إلى ستيفن هادلي، الذي تولَّى منصب مستشار الأمن القومي، وقد بعث إليه خمسة إيميلات اقترح فيها بعض الاقتراحات حول إيران وليس العراق، وبعد أن تمّ غزو العراق بالفعل. وقد تركَّزت اقتراحاته، حسب قوله، حول المشروع النووي الإيراني، وليس حول الإطاحة بصدام حسين. ولذلك فإنه يؤكّد أنّ دوره في الحرب على العراق لم يتمثَّل في تقديم اقتراحات، بل في توفير خلفيَّة ومعلومات تفصيلية يمكن أخذها في الحسبان عند وضع السياسات واتخاذ القرارات. لكنه يقول في جملة كاشفة: “لقد كان دوري في صناعة القرار صغيراً، لكنَّ المبالغة في تقدير هذا الدور في بعض وسائل الإعلام هي أمرٌ سخيف”.