*المحفوظ فضيلي
شهدت الساحة الثقافية العربية خلال العقدين الماضيين ميلاد جوائز أدبية كثيرة تكرم الكتاب والمبدعين في مختلف المجالات، وأسهمت تلك الجوائز -وعلى رأسها الجائزة العالمية للرواية العربية وجائزة كتارا للرواية العربية- في تدشين حراك ثقافي ترددت أصداؤه خارج العالم العربي.
وفي ما يلي نبذة عن أهم تلك الجوائز، ودورها في إشعاع الإبداع العربي عالميا:
الجائزة العالمية
منذ إنشائها عام 2007، أسهمت “الجائزة العالمية للرواية العربية”، التي تعرف إعلاميا “بالبوكر العربية“، في إثراء الساحة الثقافية العربية، وفي خلق حراك نقدي وإعلامي ومطبعي لافت حول فن الرواية.
ورأت تلك الجائزة النور في أبو ظبي بناء على مقترح للناشريْن المصري إبراهيم المعلّم والبريطاني جورج وايدنفلد لتأسيس جائزة مشابهة لجائزة “ألمان بوكر” البريطانية، وهذا ما يفسر تداول الإعلام للجائزة باسم البوكر العربية، رغم تنويه القائمين عليها بأنها مستقلة تماما عن جائزة البوكر البريطانية.
وتدار الجائزة بالشراكة مع مؤسسة جائزة “بوكر” في لندن، وتُموِّلها هيئةُ أبو ظبي للسياحة والثقافة بالإمارات العربية المتحدة، وتبلغ المكافآت الإجمالية للجائزة نحو مئة ألف دولار أميركي سنويا.
وإلى جانب المكافآت المالية، تحرص المؤسسة على ترجمة الأعمال الفائزة إلى اللغة الإنجليزية، في إطار سعيها لضمان إشعاع عالمي للإبداع الروائي العربي.
وبالإضافة إلى الجائزة السنوية، تدعم مؤسسة “الجائزة العالمية للرواية العربية” مبادرات ثقافية أخرى، تكون غالبا عبارة عن ورشات كتابية يشرف عليها كتاب عرب بارزون، وتستفيد منها مجموعة من المبدعين العرب الشباب المتميّزين.
جائزة كتارا
أصبحت جائزة كتارا للرواية العربية، التي أطلقتها المؤسسة العامة للحي للثقافي (كتارا) في العاصمة القطرية العام الماضي، موعدا ثقافيا بارزا للاحتفاء بالإبداع الروائي العربي، والدفع به قدما لارتياد آفاق العالمية.
وتميزت الدورة الثانية من الجائزة التي نُظمت على شكل مهرجان ثقافي اختتم بتكريم الفائزين في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بإطلاق مبادرة لاعتماد يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول يوما عالميا للرواية العربية .
وتتعاون مؤسسة كتارا مع المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة (ألكسو) من أجل إقرار ذلك اليوم بعد التنسيق مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، وذلك بهدف “التأكيد على المكانة العالية التي تبوأتها الرواية العربية”.
وخلال حفل تسليم الجوائز للفائزين في الدورة الثانية لجائزة كتارا، تم أيضا تكريم المدير العام لألكسو وتسليمه كتاب مبادرة “اليوم العالمي للرواية العربية”، الذي تم توقيعه من مجموعة من المثقفين والكتاب والروائيين العرب.
وإضافة إلى ذلك المسعى، تحرص مؤسسة كتارا على ترجمة كل الروايات الفائزة (خمسة في فئة الروايات المنشورة وخمسة في فئة الروايات غير المنشورة) إلى اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وهو ما يتيح للنصوص الفائزة إمكانية العبور إلى قاعدة قراء واسعة.
جائزة نجيب محفوظ
تكريما لمكانة الروائي المصري نجيب محفوظ (1911-2006) أنشأت الجامعة الأميركية بالقاهرة عام 1996 جائزة أدبية باسمه؛ تقديرا لقيمته الرمزية بوصفه العربي الوحيد الفائز بجائزة نوبل للآداب، ويتم تسليم الجائزة سنويا في ذكرى ميلاده (11 ديسمبر/كانون الأول).
وينال الفائز بالجائزة مكافأة مالية قدرها ألف دولار، وتترجم روايته إلى لغة شكسبير من قبل دار نشر الجامعة الأميركية، وذلك في بادرة من شأنها توسيع دائرة قراء النص الفائز وتعزيز فرصه في الوصول للقارئ الأجنبي.
ونال الجائزة كتاب يمثلون معظم الدول العربية، منهم الفلسطينيان مريد البرغوثي وسحر خليفة، واللبنانيان حسن داود وهدى بركات، والمغربي بنسالم حميش، والجزائرية أحلام مستغانمي، والعراقية عالية ممدوح.
كما فاز بتلك الجائزة الكاتبان السوريان خليل صويلح وخالد خليفة، والسوداني حمور زيادة، ومن المصريين حظي بذلك التتويج إدوارد الخراط وإبراهيم عبد المجيد ويوسف أبو رية وميرال الطحاوي وأمينة زيدان.
جائزة الطيب صالح
بعد وفاة الكاتب السوداني الطيب صالح (1929-2009) الذي يلقب بعبقري الرواية العربية، تبلورت في الساحة الثقافية السودانية عدة مبادرات ومقترحات لتخليد ذكرى الرجل، الذي أسهم بشكل كبير في إشعاع صورة بلده في الخارج.
في هذه السياق، تم في العام التالي لوفاته إنشاء “جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي”، التي لقيت صدى كبيرا في السودان وخارجه، وبفضلها أصبحت العاصمة الخرطوم مزارا لعدد من كبار المبدعين والنقاد العرب.
وأصبحت الأيام الختامية للجائزة، التي تكرم مختلف فروع الإبداع (رواية، وقصة، ومسرح، ونقد، وترجمة)، في فبراير/شباط (تزامنا مع ذكرى رحيل الطيب صالح في 18 فبراير/شباط) من كل عام موسما ثقافيا ينتظره جمهور المثقفين في السودان وخارجه.
وعن تلك الجائزة يقول الكاتب السوداني أمير تاج السر إنها “تكريم حقيقي لذكرى الطيب صالح، وما حصل الطيب في حياته على جائزة مادية ذات قيمة قط، وكانت جائزته هي حب الناس لإبداعه وانتشاره وشخصيته الساحرة، وتأهله لأن يخلد في جائزة كبرى تمنح للأجيال التي قدمت بعده”.
____
*الجزيرة.نت