خاص- ثقافات
*يوسف غيشان
ينتمي صاحبنا تيمور لينك في الواقع والحقيقة إلى قبيلة البرلاس الأوزبكية، لكنه ادعى بأن والدته من نسل جنكيز خان المغولي ، ونجح في تجميع جيش جرار، أغلبه من المغول والتتار، واحتل معظم العالم المعروف في زمنه ، وأسس إمبرطورية عملاقة من سوريا والعراق وآسيا الصغرى إلى الصين مرورا بالهند.
كان صاحبنا تيمور لص أغنام في صغره، وقد سرق غنمة ذات يوم، فضربه الراعي بسهم أصاب قدمه، وصار يعرج، وتألف اسمه، فيما بعد، من (تيمور) وتعني بالأوزبكية “الحديد”، و”لينك” وتعني الأعرج. بالمناسبة هذا الاسم يطلقه الأعداء عليه .
يعني ذلك، أن تيمور لينك عمل على القاعدة العربية العامية (ثلثين الولد لخاله)، وتعني أن الفتى يتأثر بأخواله أكثر مما يتأثر بأعمامه، فأسس سلالة تيمورية استمرت تحكم مناطق شاسعة من العالم حتى عام 1506.
حكم تيمور لينك العالم بالقتل والذبح من عام 1370 حتى عام 1405 حيث توفي من البرد ومضاعفاته، وهو يوغل في احتلال السهوب الصينية ، لكنه قبل أن يموت كان قد فتح الطريق لبناء عالم جديد بتحالفات جديدة وإمبرطوريات جديدة، كان أولها فتح طريق التجارة الى الصين.
حين انتصر تيمور لينك على الأتراك ونجح في أسر سلطانهم بايزيد الأول، الذي مات كمدا خلال الأسر، خفف من ضعط العثمانيين على القسطنطينية، ومنحها عمرا جديدا حتى جاء محمد الفاتح بعد خمسين عاما تقريبا، ليحقق حلم العثمانيين الأول.
وحين انتصر تيمور لينك على القبيلة الذهبية التي كانت تحتل آسيا الصغرى وأجزاء من اوروبا، أدى ذلك إلى تخفيف الضغط على روسيا، مما أدى إلى صعود نجم روسيا القيصرية وتحولها إلى إمبرطورية فيما بعد.
بكل بساطة، فإن قاعدة عربية أخرى ، بالفصحى هذه المرة، لعبت دورها في تحريك العالم بعد تيمور لينك، وهي قاعدة: (مصائب قوم عند قوم فوائد)..ينتصر على هؤلاء ليمنح الفرصة إلى أعدائهم لالتقاط الأنفاس، أو تكوين الإمبرطوريات.
لو حاولت هنا تطبيق قاعدة (مصائب قوم عند قوم فوائد) على مجريات الأحداث الحالية في العالم العربي ، لوجدنا أن كل ما جرى ويجري وسوف يجري يصب في مصلحة أمريكا التي تنمو وتزدهر اقتصاديا وسياسيا وعسكريا على مصائبنا وخيباتنا، تقابلها إمبرطورية روسية تستعيد شبابها، وتتمدد على حساب خيباتنا أيضا.
المشكلة هنا ، أنه لو مات أي رئيس أمريكي أو روسي، فهذا لا يعني انتهاء امبرطوريته او تفككها، كل ما في الأمر أن رئيسا جديدا سوف يقود القوم، بدون سلالة تيمورية ولا حيمورية … يعني اخيرا أن لا مناص لنا، فما كان الذئب ذئبا لو لم تكن الخراف خرافا.
هذا هو الثمن الذي يدفعه الطيبون لقاء لا مبالاتهم في الشؤون العامة… وهو أن يحكمهم الأشرار.
________
*كاتب أردني
ghishan@gmail.com