الفيلموسوفي فلسفة السينما كتفكير!

*محمد عويس

الفيلموسوفي علم جديد يقوم بدراسة فن السينما كتفكير، يحتوي على نظرية فى الكينونة والشكل. و«العقل السينمائى» هو مفهوم أو تصور الفيلموسوفي عن الكينونة السينمائية، إنه المُنشئ النظري للصور والأصوات التى نعايشها فى الأفلام، و«التفكير السينمائي» هو نظرية الفيلموسوفي عن الشكل السينمائي، كما يشير دانييل فرامبتون فى كتابه («الفيلموسوفي نحو فلسفة للسينما»، ترجمه إلى العربية أحمد يوسف وأصدره المركز القومي للترجمة في القاهرة) إلى أن الفيلموسوفي تبحث عن التحريك الرقمي، والتفكير السينمائي المرن، والأشكال التجريبية، وأفلام الفن، والواقعية المتعاطفة، باعتبارها تفكيراً سينمائياً ملائماً تماماً لكي يغير من إدراكنا للعالم. فنحن من خلال قصص الأفلام وأخبار التلفزيون نستقبل بناء للعالم يغذي ويشكل تفاعلنا معه، ولكي نتواءم مع وسائط التواصل تلك فإننا في حاجة لمعرفة شكلها. ومفهوم التفكير السينمائي يربط الشكل والمضمون معاً في شكل عضوي وذي معنى. وعندما نشاهد فيلماً ربما نراه «ككل» من التفكير، الشخصيات مع التأطير، المنظر مع الحركة والهدف هو تطوير طريقة انتباه نقدية جديدة. ورؤية الأفلام كتفكير هو اعتراف بأنها تملك القوة والقصد الإبداعي.

والفيلموسوفي موجهة بهدف تعزيز تلك الطريقة للانتباه في ما يتعلق بالصور المتحركة، سواء كانت سينما، أو تلفزيونياً، أو ألعاب فيديو. إضافة إلى ذلك فإنها تسعى إلى أن تمنحنا طريقة أولية يمكن أن تنمو مع تطور السينما، ويمكن أن تواكب اختراعات السينما المقبلة.

تجسيد بصريّ

يتكون الجزء الأول من الكتاب من أربعة فصول، تدرس العلاقة بين السينما والفكر خلال القرن العشرين بدءًا من كيفية فهم السينما باعتبارها تجسيدًا بصريًا لأفكارنا، وذكرياتنا، ولا وعينا، ويتساءل هذا الفصل عما إذا كانت السينما فى ذاتها وسيطًا «ذاتيًا» أم «موضوعيًا» أو ربما نوعاً آخر من الفكر، شكلاً مستقبلياً للتفكير. ويدرس الفصل الثاني الكينونات السينمائية المختلفة التى اكتشفها الكتاب: السينما باعتبارها «الأنا» الكاميرا أو المبدع الافتراضي، أو المؤلف الشبحي الغائب، أو كائناً سردياً أو مابعد سردي. أما الفصل الثالث فيدرس تأثير الظاهراتية، ويناقش موريس ميرلوبونتى، وفيفيان سوبشاك، ومسألة «تجربة» الفيلم في العالم السينمائي. وينظر الفصل الرابع فى الفوارق الأكثر دقة بين نظريات السينما باعتبارها فكراً مثل السينما الخالصة عند أنطونين أرتو، والليروسوفيا (الصورة فى شكلها البدائي) عند جاك ابستاين، وسينما المستقبل عند روجيه جيلبير لاكونت، ونظرية المونتاج عند سيرجي ايزنشتاين، ونظرية التجريب عند جان لوى شيفير، كما ان هذا الفصل يركز على مفاهيم دولوز حول الصورة الذهنية والصورة التي تخلق علاقة.

أما الجزء الثاني من الكتاب فيتناول الأفكار والحجج الخاصة بالفيلموسوفيا، ويبدأ بتحديد المفاهيم المحورية للعقل السينمائي والفكر السينمائي، ويفحص كيف يقوم العقل السينمائي بخلق وإعادة خلق العالم السينمائي، وكيف يمضى من خلال الأشكال السينمائية على نحو يتجاوز الذاتية والظاهراتية. ثم يقارن الفصل السادس بين نشاط العقل السينمائى، ونظريات السرد الكلاسيكية، ثم يستمر الفصل السابع فى شرح الفكر السينمائي من خلال العديد من الأمثلة السينمائية، واضعًا فى الاعتبار التصنيفات الشكلية المختلفة: الصورة، اللون، الصوت، البؤرة، السرعة، التأطير، الحركة، التحولات المونتاجية.

ويناقش الفصل الثامن النظريات المعرفية والظاهراتية فيما يخص المتفرج، وذلك قبل أن يضع الخطوط العامة للمتفرج من خلال وجهة نظر الفيلموسوفي، وهو المتفرج الذى يندمج على نحو فعال مع الفكر السينمائى الذى يؤثر في وجدان المتلقى. أما الفصل التاسع فينتقد اللغة التقنية لمعظم الكتابات السينمائية، ويحاول التأكيد على أن مفهوم الفكر السينمائي يقدم لغة أكثر شعرية ودرامية للتفسير السينمائي. ثم يأتي الفصل الأخير «الفيلموسوفي» ليدرس حركة الفلسفة فى اتجاه تجسيد صور مجازية للمشكلات والأفكار، ويبرهن على أن السينما تمثل نوعًا من»الفكر ما بعد الميتافيزيقي» الذى يخلق مفاهيم خالصة داخل مجال غير فلسفي.
_____
*الحياة

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *