التعلّم… مرتبط بأورام الدماغ؟



يُعتبر تحصيل مقدار أعلى من العلم خطوة إيجابية عموماً لأنها تتيح لك الحصول على وظيفة أفضل، راتب أعلى، ونمط حياة أكثر رخاء. لكن دراسة جديدة تشير إلى أن التعليم الجامعي قد يكون مرتبطاً بارتفاع احتمال التعرض لمشكلة صحية خطيرة: سرطان الدماغ. ويسعى الخبراء اليوم لاكتشاف السبب.
حللت هذه الدراسة، التي تقوم على الملاحظة والتي نُشرت في مجلة Epidemiology& Community Health، بيانات أكثر من 4.3 ملايين شخص وُلدوا بين عامَي 1911 و1961 وكانوا لا يزالون على قيد الحياة عام 1991.
اكتشف هذا البحث أن ثلاثة أنواع من أورام الدماغ (الورم الدبقي، الورم السحائي، وورم العصب السمعي) ترتبط بالتعليم الأعلى والوظائف الأفضل. فقد تبين أن الورم الدبقي خصوصاً أكثر انتشاراً بين مَن حصّلوا ثلاث سنوات من التعليم الجامعي على الأقل.
أظهرت هذه الدراسة أن احتمال تشخيص الإصابة بورم دبقي ارتفع بنسبة 19% بين الرجال الذين ذهبوا إلى الجامعة طوال ثلاث سنوات أو أكثر، مقارنة بمن لم يحظوا بهذا القدر من التعليم. على نحو مماثل، ارتفع احتمال تشخيص الإصابة بورم دبقي بنسبة 23% وورم سحائي بنسبة 16% بين النساء الأكثر تعلماً.
بالإضافة إلى ذلك، شكّل الحصول على وظيفة إدارية أو احترافية والتمتع بفائض دخل أكبر اثنين من العوامل التي ارتبطت بارتفاع خطر الإصابة بورم في الدماغ في حالة الرجال والنساء على حد سواء.
ذكر أمل خانولكار، باحث في الدراسة وباحث مساعد في معهد صحة الطفل في جامعة لندن، أنه وزملاؤه رغبوا في دراسة عدم المساواة الصحية.
أخبر هذا الباحث “سي بي إس نيوز”: “أدت الدراسات السابقة إلى نتائج متضاربة بشأن روابط محتملة بين المكانة الاقتصادية والاجتماعية وورم الدماغ. لكن هذه النتائج قد تعود إلى طريقة تصميم الدراسة. لذلك قررنا أن نتحقق من هذه المسألة باعتماد التصميم الدراسي الملائم”.
كشفت هذه الدراسة عن “روابط ثابتة بين المؤشرات إلى المكانة الاقتصادية والاجتماعية وأورام الدماغ”، وفق خانولكار، وخصوصاً في حالة الورم الدبقي وفي حالة الرجال، مقارنة بالنساء.
ولكن لمَ قد يرتبط التعليم الأكثر تقدماً بارتفاع خطر الإصابة بورم في الدماغ؟
لعل التفسير الأكثر احتمالاً، وفق هذا الباحث، واقع أن مَن يتمتعون بمكانة اقتصادية واجتماعية أعلى يسعون على الأرجح إلى بناء مسيرتهم المهنية في المراحل الأولى من المرض.
رغم ذلك، تشير أبحاث سابقة تناولت الألزهايمر والخرف إلى أن التعليم الأعلى والتحفيز الفكري مفيدان لصحة الدماغ.
قال الدكتور إريك هولاند، عالم أعصاب ومدير مركز نانسي وباستر ألفورد لأورام الدماغ في مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان، لـ”سي بي إس نيوز”: “يقع الألزهايمر والخرف على الطرف الآخر من الطيف، مقارنة بأورام الدماغ. فالخلايا تموت وتتعطل. لذلك عليك أن تحفّز ما تبقى منها كي تعزز النشاط الخلوي في الدماغ”.
لكن هولاند أضاف مؤكداً ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث قبل طرح الخلاصات بشأن الروابط المحتملة بين التعلّم وخطر الإصابة بورم في الدماغ.
ذكر: “كشفت هذه الدراسة بالتحديد رابطاً محتملاً. لكن دراسات كثيرة تُظهر روابط إحصائية مهمة ليتبين بعد ذلك أن نتيجتها خاطئة، بما أن الدراسات الأخرى لم تتوصل إلى النتيجة عينها. لذلك من الضروري تكرار هذه النتيجة”.
بالإضافة إلى ذلك، أوضح هولاند أنه، إذا اعتمد على التخمين فحسب، لا يرى أي اختلاف سكاني بين مَن يعانون أوراماً في الدماغ ومَن يصابون بسرطان الرئة مثلاً. وتشير الأبحاث التي تتناول أورام الدماغ حتى اليوم إلى أن ما من عوامل بيئية كثيرة ترتبط بهذه الأورام كما يرتبط التدخين بسرطان الرئة.
أضاف هولاند، وهو أيضاً بروفسور متخصص في جراحة الاعصاب في جامعة واشنطن: “لا أتعجب إن لاحظتُ زيادة بسيطة بين الأذكى والأكثر تعلماً، ربما لأن الدماغ في حالة الأشخاص الأذكياء والمتعلمين يعمل باستمرار، يفكّر، ويطوّر وصلات جديدة. وهذه عملية ناشطة قد تجعل الخلايا أكثر عرضة لتطوير سرطان. فمن الممكن من الناحية النظرية أن ينشط ذلك الأورام. لكن كل هذه مجرد تخمينات لا تؤكدها أي بيانات على الإطلاق”. وشدد هولاند أخيراً: “لا أود بالتأكيد أن تشير دراسة مماثلة إلى أن علينا ألا نعلّم أولادنا”.
___
*الجريدة

شاهد أيضاً

كيف تعلمت الحواسيب الكتابة: تطور الذكاء الاصطناعي وتأثيره في الأدب

كيف تعلمت الحواسيب الكتابة: تطور الذكاء الاصطناعي وتأثيره في الأدب مولود بن زادي في كتابه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *