*خلود الفلاح
في كتاب “أصوات” الذي يتضمن مجموعة من الحوارات الأدبية مع روائيين وشعراء ومترجمين من جغرافيات مختلفة قامت بترجمتها المترجمة العراقية ميادة خليل، يخرج الحوار الأدبي من منطقة السؤال والجواب التقليدي إلى الكشف عن مناطق خفية من حياة الكتّاب. فيكون جواب الروائي خالد حسيني عن سؤال: ماذا تحب أن يكتب على قبرك؟ “من أَحب لن يشك”. وعن نفس السؤال تجيب الروائية فيليبا غريغوري “عجوز، معافاة، سعيدة”، وكان رد الشاعرة مايا أنجلو “لقد بذلت قصارى جهدي، آمل أن تفعلوا الشيء نفسه”.
ولم تتردد الروائية أليزبيت جين هوارد (72 عاما) في التحدث عن الشيخوخة “لا تعني لي شيئا”، بصرف النظر عن حقيقة أنها لاحظت تراجع مستوى نشاطها، وهذا ما يحبطها، إلا أنها هذه الأيام تستطيع أن تكتب لمدة ثلاث ساعات فقط، وفي المساء تسترخي لمشاهدة التلفزيون، وعن وضع النساء في بلدها بريطانيا قالت “أعتقد بجدية أن النساء في وضع سيء وشخصياتي النسائية ذات عمق كبير، حتى عندما يتصرفن بطريقة غير لائقة”.
كثيرا ما يواجه المترجمون كلمة “الخيانة” للنص الأصلي، ولكن المترجم هوارد غولدبلات يرفض هذه الكلمة ويراها غير مناسبة فيقول “أنت لا تخون الملحن عندما تعزف معزوفته مرة أخرى بآلة أخرى. عندما تترجم نصا أنت تأخذ هذه اللغة وتغيرها إلى لغتك. ليست سرقة، لكنني آخذها وأفعل شيئا رهيبا لها. هذه هي الطريقة الوحيدة التي أتمكن فيها من جعل النص متاحا للآخرين. المترجمون دائما يعتذرون. نحن نقضي حياتنا في قول: أنا آسف”.
كتاب “أصوات” الصادر عن دار الفراشة_ الطبعة الأولى_ 2016، تكمن أهميته كما تقول المترجمة ميادة خليل في صفتين مرتبطتين ببعضهما؛ الأولى هي “البحث”: كل قارئ يبحث عن تفاصيل حياة الكاتب، أسلوبه وطريقته في الكتابة، أو كيف يفكر كاتب مثل بورخيس وماركيز وموليش وغيرهم، ما الكتاب المؤثر في حياة كتّاب مثل خالد حسيني ودونا تارت؟.
والصفة الثانية هي”الكشف”: كشف الكثير من الكتب المؤثرة التي لم تترجم بعد للعربية، عن كتّاب لا نعرفهم. وكشف الجديد الذي يعيدنا إلى البحث عنه أكثر.
ونتساءل هل يحتاج الحوار الأدبي لمحاور جيد؟ نجد في الكتاب حوارات تكشف عن الهامش في حياة الكاتب وتحيل القارئ إلى إطلالات على وجهات نظر كتابه المفضلين تجاه الحروب مثلا والمؤثرات التي شكلت شخصياتهم الإبداعية.
وفي أي وقت يكتبون وهل تحقق الكتابة المتعة، إلى أي الطبقات الاجتماعية ينتمون؟ فيقول المترجم هوارد غولد بلات “وجدت في عائلة تعيش في طبقة اجتماعية أدنى من الطبقة المتوسطة، نحن دائما نحصل على ما نحتاج، لكننا لا نملك دائما ما لا نحتاجه”.
لماذا ترجمة كتاب “أصوات”؟ تقول المترجمة ميادة خليل “كان هدفي عند اختياري وترجمتي لهذه الحوارات أولا، هو ترجمة مادة أعجبتني” وأضافت “على المستوى الشخصي وكل اختياراتي للترجمة تعتمد علة هذا المبدأ: أن أترجم ما أحب قراءته، وما أثر في نفسي. وثانيا هو التعريف بجديد الأدب العالمي والكتّاب الذين ربما لم يصلنا الكثير المترجم عنهم، والحوار يؤدي هذه المهمة، أي مهمة التعريف بكل بساطة، يدخلنا الحوار إلى عالم الكاتب، إلى أفكاره واهتماماته، ويعبر من خلال ردوده عن نفسه، ثقافة بلده، آرائه وتجربته الشخصية مع الكتابة والحياة”.
_____
*العرب