*محمد بن مانع
عرف الإنسان الأول فكرة الطباعة عن طريق تأمله أثر قدميه على التراب والصلصال الطري، ويعتقد البعض أن فكرة الطباعة الحديثة تعود للصينيين، إذ استخدموا قوالب من خشب وكان يرسم بها أشكال حسب الرغبة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقد تفننوا في صباغة هذه القوالب ومن ثم ضغطها على الورق، ويعد الصيني (بي تشينج) أول من قام باختراع حرف مستقل لكل رمز من رموز اللغة عام 1405م.
وتأخر الغرب عن الصينيين، إذ طبع أول منتج عام 1423م وكانت صورة للقديس كريستوفر حيث اتبعوا طريقة صنع القوالب الخشبية وبعدها انتشرت طباعة الكتب بهذا الأسلوب.
وفي العام 1800 اخترعت آلة الطباعة وكان أول كتاب طبع هو الإنجيل. وفي العام 1811 تمكن ألماني من اختراع آلة طباعة تعمل على البخار، وفي العام 1826 اخترع العالم الفرنسي (جوزيف نيبس) أول آلة تصوير ضوئي مما زاد من أعداد الكتب في العالم كله.
وفي العام 1855 اخترع (الفنسو بوافا) طباعة الصفائح الضوئية وكانت عتبة لظهور طباعة الأوفست في أوروبا نهاية القرن التاسع عشر، ومع نهاية القرن العشرين قفزت الطباعة قفزات ملحوظة، فمع اختراع الحاسوب تجاوز الأمر كل التوقعات ومع استخدام تقنية أشعة الليزر أصبحت الطباعة أكثر دقة.
وقد كانت طباعة الكتب في عصر النهضة خلال يوم واحد تصل إلى 3600 كتاب مقارنة بـ40 صفحة أيام الطباعة بالقوالب، وكانت مدينة (ماينتس) الألمانية هي أول مدينة تتم فيها الطباعة، ولم يلبث الأمر أن انتشر حيث وصل عدد المدن التي تضم آلات طباعة إلى 200 مدينة خلال عقود عدة.
أنتجت آلات الطباعة في أوربا الغربية عام 1500 أكثر من 20 مليون مجلدا وقد ازداد العدد خارجها لما يصل إلى 150 مليون مجلد، ولم يخل أمر الطباعة من عداء الكنيسة والأزهر ودار الإفتاء في إسطنبول، فقد حرمت الطباعة لخوف رجال الدين على الكتب الشرعية والمقدسة من التحريف، ولكن أوروبا تجاوزت الأمر وبقي العالم الإسلامي ينتظر عقودا حتى وصلت أول آلة طباعة، ما أثر على المجتمعات سلبيا في مواكبة الأحداث العلمية والفلسفية والدينية أيضا.
_______
*عكاظ