د. هدى محمد*
د. أمل الصبان الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة، وأستاذ الأدب الفرنسي بكلية الألسن جامعة عين شمس، ورئيس البعثة التعليمية لفرنسا وبلجيكا وسويسرا، ترجمت العديد من الأعمال الأدبية العالمية، عملت مستشارة ثقافية في سفارة مصر بفرنسا، بذلت جهداً كبيراً في نشر الثقافة المصرية بباريس، ونظمت العديد من الندوات الفكرية هناك، وقالت إن المجلس يعد لمؤتمر دولي، وتنظيم مسابقة عالمية لأفضل فيلم سينمائي، وعودة معرض الطفل، وأكدت أن اختلاف المثقفين أمر طبيعي، وشيخ الأزهر شخصية وسطية ومتفتح ومعتدل، والدستور يحمي حرية الرأي والتفكير وهو ما يجب تحويله إلى قوانين.
> كيف ترين أزمات المثقفين في الوقت الراهن؟
>> طول عمر المثقفين لهم اتجاهاتهم، ولكن هناك أزمة – حقيقية هي الاختلاف، ورغم ذلك فالاختلاف في حد ذاته صحي، ويجب ألا يتعدي الحدود، لأن هذه الاختلافات هي التي تؤدي إلى الحلول، وأنا لا أفضل القولبة، فهي ليست في صالح أي مثقف، ولا ينبغي أن يكون كل المثقفين في اتجاه واحد، “ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة”، وهذا الاختلاف من طبيعة الفطرة، من اختلاف ألسنة وأهواء، ففي اختلافهم رحمة، طالما لا يتعدي الحريات ولا يؤدي إلى مشاكل حادة.
> ماذا عن علاقة قطاع الثقافة بالأزهر؟
>> العلاقات مع الأزهر طيبة، وشيخ الأزهر شخصية وسطية ومتفتح ومعتدل ومطلع على ثقافة الآخرين، لقد درس في فرنسا، ومن أهم إنجازاته إنشاء بيت العائلة، الذي يهدف إلى القضاء على أي نوع من أنواع الفتنة، والحفاظ على النسيج الوطني، ويقوم الأزهر بدوره على مستوي العالم، في نشر الإسلام الوسطي، وله دور كبير في حوار الحضارات والتقارب بين الشعوب.
> ما رأيك في أحكام الحبس ضد المثقفين؟
>> كلنا مع حرية الرأي والتعبير والتفكير، والدستور ينص على حرية الرأي والتعبير، ويجب بعد الانتهاء من تشكيل البرلمان، أن تكون هناك ترجمة للدستور في صورة قوانين، لتحمي حرية التعبير، والمؤسسة الثقافية ضد حبس أي شخص بسبب رأيه.
> ما رؤية المثقفين لمصر بعد لقاء الرئيس السيسي؟
>> لقد طلب الرئيس منهم أن يعدوا تقريرا ويرفعوه إليه، وهم بدورهم يريدون أن يقدموا للرئيس الأفكار التي يرونها تصب في مصلحة الوطن، وتعمل على تحقيق أهداف الحرية والديمقراطية في البلد، لقد كان الاعتصام أمام وزارة الثقافة الشرارة ال أولى لرفض تعصب الإخوان، وتحقيق الاستقرار والعدالة الاجتماعية.
الأولوية للشباب
> أكدت في أحاديث سابقة أن الأولوية للشباب، وأن لهم دوراً مهماً في المرحلة المقبلة، خاصة في تشكيل لجان المجلس الأعلي للثقافة، ما هي الآليات؟
>> فعلاً، تتكون اللجان من ثلاثة أجيال جيل الكبار والوسط والشباب، ويجب كل سنتين أن يتم تجديد اللجان كلها، وبدون حرج، لأن الشباب عنده جرأة وحماس، ولا إقصاء لأحد، والخبرة ايضاً مهمة، وعلي الشباب قبول الأخر، الاختلاف، ولجنة الشباب جميعها شباب باستثناء اثنين.
> ما خططك المستقبلية في المجلس؟
>> أهم عمل أقوم به هو جمع التوصيات التي أوصت بها اللجان ومخاطبة الجهات المعنية والتنسيق بينهم لتطبيقها، كما أهتم اهتماماً خاصا بالمركز القومي للطفل، وأولى اهتماما خاصا بعقد الندوات والمؤتمرات والمسابقات، ودعم الأنشطة الثقافية، بالإضافة إلى عمل الشعب واللجان ونشر الكتب.
> في المجلس 28 لجنة مشكلة من خيرة علماء مصر، هل توصيات هذه اللجان، تنفذها في الوزارات والهيئات المعنية؟
>> نسعي إلى تنفيذ كافة التوصيات التي تخرج بها هذه اللجان، فمثلاً، هناك توصيات عن حرية التفكير والرأي، وتم عمل ندوة، وسوف تقدم توصياتها إلى مجلس الشعب، حيث يتضمن الدستور مادة تؤكد على حرية التعبير، والمطلوب تفعيل مواد الدستور، التي تتسق مع حرية الرأي والإبداع، وهناك ندوة مهمة عقدت عن إصلاح النظام الإداري في مصر، وتم طرح الرؤي والمشاكل والمقترحات، فنحن أول من نادي بالإصلاح الإداري في المجلس الأعلي للثقافة.
> كيف سيواجه المجلس الإرهاب؟
>> في رأيي الإرهاب الفكري أخطر من التفجيرات وعمليات القتل، لأنه يؤثر على الأجيال القادمة، وأهدف إلى نشر قبول ثقافة الآخر، لمواجهة الإرهاب بالفكر، وتوعية النشء والشباب، من خلال هيئات وزارة الثقافة المختلفة.
> عملت جاهدة عند شغلك منصب مستشارة ثقافية في سفارة مصر بفرنسا، على تحسين صورة مصر الثقافية بالخارج، ماذا عن صورة مصر الثقافية بالداخل؟
>> نحن نعمل من أجل أبنائنا، وهم يستحقون أن يحيوا حياة كريمة، والأجيال القادمة هي التي ستجني ثمار ما نعمل، لقد تم عمل مشروع الألف كتاب، والذي أحياه مرة ثانية د. جابر عصفور، وتم إنشاء المركز القومي للترجمة، ومع ذلك المجلس الأعلي للثقافة هو بيت المثقفين، لأنه يقوم بدور فعال من أجل نشر الثقافة، من خلال الشعب واللجان، وندوات المجلس، والكتب التي تصدرها الوزارة، والمنح التي تمنحها الوزارة للمثقفين، وجوائز الدولة.
> ما التحديات التي تواجهك داخل المجلس؟
>> أحاول أن أنشر الثقافة بخطط أبعد من الكتب والندوات، فالثقافة تتضمن فنونا وآدابا، وعلوما اجتماعية. التحديات كبيرة، والبلاد تمر بظروف صعبة، وخاصة خلال خمس السنوات الماضية، وانعكس هذا على عدم استقرار المسؤولين في الوزارة وتغييرهم على فترات قصيرة، أدى إلى تخبط وغياب الرؤية، وبالتالي عدم وجود استراتيجية واضحة تعمل عليها القيادات، لقد فوجئت بتحديات هائلة تواجهني، وكان علي أن أبدأ من الصفر، وإعادة الهيكلة الإدارية، وإعطاء العاملين دورات متخصصة، ووضع برنامج تدريب لهم، وهذا سوف يستغرق وقتا.
> في أحد المؤتمرات قلت إن مصر تعاني منذ عقدين من تقييد حرية التعبير، في رأيك هل أصبحنا أكثر حرية؟
>> ليس هناك عدم حرية مطلقة، ولكنها تتوقف على قبول الرأي الآخر، لقد تقدمنا كثيراً عن تلك العقود، ونحن في طريقنا للأفضل، فإن حرية الرأي هي المدخل الأساسي لتكوين التركيبة الإنسانية، وحرية الرأي من أهم القضايا التي تشغل المجتمع، وأن الدستور المصري ينص على حرية الرأي والتعبير.
> ما المؤتمرات التي ستقام في الفترة القادمة بالمجلس؟
>> لدينا عدد كبير من الندوات، بالإضافة إلى أن أمانة المجلس تعد لعقد مؤتمر دولي كبير، من أهم أهدافه تحديث الخطاب الثقافي، كما سيناقش المؤتمر العلاقة بين التعليم والمجتمع والثقافة، وما هي الصناعات الثقافية، وما هي أكثر المدن احتياجا للثقافة، وكيف نضاعف المنتج الثقافي، وكيف يكون له مردود ثقافي، والمؤتمر فرصة لطرح الأفكار، لأن هناك دولا سيتم دعوتها من الخارج، وسيركز على محاور المجتمع والتعليم والثقافة، وتطوير الصناعات الثقافية، من أفلام مصورة وكتب وصناعات يدوية، بالإضافة إلى أنه سوف ينظم المجلس ندوة حول الثقافة الأفريقية، ونعد لمؤتمر يشارك فيه مثقفو القارة السمراء في العام القادم.
> هناك شكاوي من بعض المثقفين من التهميش، ما رأيك؟
>> كل قطاعات المجلس تعمل على المثقف فكيف يكون المثقفون مهمشين، إن الهدف الأساسي للمؤسسات الثقافية هو نشر الثقافة والتواصل مع المثقفين، ويجب أن نهتم بثقافة الإنسان كقوة بشرية، ونبدأ بالتعليم، وهناك بعض المثقفين مثل المترجمين على سبيل المثال، الذين لم يدرك الناس أهميتهم، وأنا مترجمة أي مثقفة مثلهم وأدرك ما يعانيه المترجم، ويشعر فعلاً بالتهميش، رغم أنه جسر للتواصل بين الشعوب، ومصر على مر العصور منذ عصر التنوير والأديب طه حسين.
> ما دور المجلس في معرض الكتاب؟
>> معرض القاهرة الدولي للكتاب شاركت فيه وزارة الثقافة، وعرضت فيه 60 عنوان كتاب جديد ونجح وخاصة سور الأزبكية، فما زالت وزارة الثقافة هي صمام الأمان للمواطن المصري وتمده بأسعار كتب زهيدة، وبخصم يصل إلى 70%، كما نجحت مبادرة رغيف وكتاب، التي اشتركت فيها كل قطاعات الوزارة، ولم تعمل القطاعات في جزر منعزلة، ولكن البلد يمر منذ سنوات بظروف صعبة، كما نظم المعرض ندوات متنوعة، واحتفل بأدباء رحلوا عن عالمنا.
> هل يوجد بروتوكول تعاون بين الوزارات الأخرى والمجلس الأعلى؟
>> فعلاً هناك 17 بروتوكولا عقدها د. جابر عصفور للربط بين وزارة الثقافة والوزارات الأخري، ونحن نعمل حالياً على تفعيل هذه البروتوكولات من خلال مخاطبة الوزارات، حتى يتم تحسين الثروة البشرية.
> ما مدى التعاون بين المستشارين الثقافيين في الدول العربية والأجنبية، والمجلس الأعلي للثقافة؟
>> هذا موضوع يخص وزارة التعليم العالي، وكيل أول الوزارة هو المعني بهذا، والمفروض أن كل مستشار ثقافي قبل نهاية شهر يونيو من كل عام يضع خطة موازنة الأنشطة، وتنظيم ندوات وفعاليات للكتب المصرية المترجمة للأدباء المصريين.
> ماذا يقدم المجلس للطفل؟
>> يتم عمل معارض وأنشطة مستدامة للأطفال في بعض المناطق مثل السيدة زينب، كما تهتم اللجان بمناقشة قضايا الطفل في مصر، لقد نظمت لجنة علم النفس مؤتمرا مع جامعة القاهرة، بالتعاون مع المجلس القومي للثقافة، وناقشوا مشكلة إعاقة الطفل والاكتشاف المبكر لها، ودمجهم في المجتمع، ويبذل المركز القومي لثقافة للطفل مجهوداً كبيراً لتنفيذ توصيات اللجان.
> ما الدور الذي يؤديه المجلس من أجل النهوض بالمرأة وتوعيتها ثقافياً خاصة في المناطق الريفية؟
>> قصور الثقافة هي اللاعب الرئيسي في نشر الوعي والتعليم لدى النساء في المناطق النائية والريفية، كما ينظم المجلس قوافل التنوير التي تصل إلى هذه المناطق لتوعية المواطنين، ولا نغفل وسائل الإعلام.
> يتردد في الأروقة أن هناك توجها لإلغاء مهرجان سينما الأطفال الدولي؟
>> لا توجد أزمة، والمشكلة أنه على مدار 22 عاماً، يتم تنظيم هذا المهرجان، ولكن للأسف مصر تعقده سنوياً وتستضيف الدول المشاركة، ولكنها لم تنتج أفلاما للمشاركة فيه على مدار 22 عاماً، والسؤال هل هذا يليق بمصر؟ فليس لدينا أفلام نشارك بها وهذه كارثة، ولكننا لم نلغ المهرجان، ولكنه سينظم كل سنتين بدلاً من كل سنة، حتى تستطيع مصر إنتاج أفلام أطفال، وتشارك في المهرجان، وفعلاً تم رفع هذا الاقتراح لوزير الثقافة، وطلب دراسة، ووافق على الاقتراح، وهو عمل مسابقة لإنتاج أفضل فيلمين مصريين، والعام القادم سوف نشارك بالفيلمين في المسابقة، وسوف تدعم الوزارة هذا الإنتاج.
> ما القضايا التي تشغلك في الوقت الراهن؟
>> أكثر ما يشغلني هو الشباب والطفل، وعلى الشباب إدراك أهمية الانتماء لمصر، وعليهم قبول الأخر، أي آخر، والعيش معاً، وتكون هناك أرضية مشتركة، وأتمنى تكاتف وزارة الثقافة مع جميع الوزارات.
> تلقى المجلس الأعمال الأدبية لترشيحها لجوائز الدولة، هل سيكون للشباب نصيب أكبر، خاصة أنه يتردد في الأروقة أن بعض الاختيارات تشوبها المحاباة؟
>> لا، بل يتم اختيار الأعمال من خلال لجنة تتضمن نخبة من خيرة مثقفي وعلماء مصر الأجلاء، ولم تشبها أي محاباة.
> كيف ينهض المجلس باللغة العربية؟
>> من المعروف أن أي شعب تكمن هويته في لغته، وأنا أنحاز للغتي العربية، فهي هويتي، لذلك حرصت على تنظيم ندوات ومؤتمرات بالتعاون مع الكليات والمراكز البحثية المعنية باللغة العربية، بالإضافة إلى أن المجلس نظم مسابقة بعنوان” ثقافة الاختلاف وقبول الآخر، تضمنت جوائز وأبحاثا علمية.
> هل المجلس يهتم بالنخب الثقافية فقط، والبعض يرى أن المؤتمرات والندوات مجرد كلام في الهواء؟
>> لا، المجلس يهتم بالأدباء الشباب كما يهتم بكبار الأدباء، جنباً إلى جنب، وينحاز إلى النخبة الثقافية، ولم يقتصر دوره على الندوات والمؤتمرات فقط، بل يهدف أيضاًً إلى النزول إلى الشارع، والطبقة المتوسطة والشباب، ونتعاون مع مراكز الشباب والأندية والجامعات، بالإضافة إلى وصول القوافل الثقافية للأقاليم والنجوع.
> ما أهم أعمالك المترجمة؟
>> أهم أعمالي المترجمة: كتاب الجمهورية العالمية للآداب “لباسكال كازانوفا”، والولع بمصر والحلم “لأحمد يوسف”، وبونابرت في الشرق الإسلامي “لأحمد يوسف”، وذكريات مصر الجديدة “إعداد المركز الفرنسي”، وكتاب رحالة وكتاب مصريون إلى فرنسا “د. أنور لوقا”، بالإضافة إلى معجم المصطلحات السياسية، ورواية “لجورج صاند”.
الأخبار.