في يومه العالمي.. الكتاب العربي ما زال أسير واقع صعب


*عبدالله مكسور


مرّ كريما سريعا دون توقُّف، كسائر الأيام التي تتعاقب مليئة بالدم في الكثير من بلدان المشرق العربي، في الثالث والعشرين من أبريل من كل عام يحتفل العالم بمبادرة من اليونسكو باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، هذه الفكرة التي انطلقت
في عام 1995 لتشجيع القراءة ودعم الكُتّاب والكِتاب على حد سواء، ورغم عالميّتها إلا أنها لم تجد مكانا طبيعيا لها في بلادنا العربية.
لا يخفى على أحد الواقع الثقافي المتردي –عربيا- والذي سيؤثر في المستقبل القريب على هويّة العرب ككل، إن لم يتم تدارك ذلك من خلال خطط استراتيجية تضع الأمور في نصابها ولا تكتفي فقط بالإشهار الثقافي الذي يقوم على الإعلام في معارض الكتب العربية التي يمرُّ المشاركون فيها بذات العناوين في كل أروقة مراكز المعارض في العواصم التي تقيم هذه المناسبة السنوية، بدءا من عَمَّان وانتهاء في بيروت مرورا بالقاهرة والدار البيضاء وأبوظبي والشارقة والخرطوم والكويت ومسقط والجزائر والدوحة والمنامة.
الواقع الثقافي العربي الذي يحاول البعض منا أن يجعله نتيجة للواقع السياسي والاقتصادي المترديين أيضا ما هو إلا حلقة في سلسلة كبيرة اشتغلَت عليها الأمم لتكوّن أرضية صلبة في بناء المجتمعات الساعية إلى النهوض، وبعيدا عن السياسة والاقتصاد تطالعنا تقارير المعرفة الأممية الصادمة التي تكشف حال القراءة في الوطن العربي مقارنة مع مثيلاتها بين الأمم الأخرى.
اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف يحمل بين طيّاته عنوانين رئيسيين هما الكِتاب والمؤلِّف، فأتذكّر الآن الأحاديث التي كانت تجري كل عام على هامش بعض معارض الكتب العربية، حيث يبدأ الناشرون بالشكوى من قلة الدعم وعدم اكتراث الجمهور المتوافد بالكُتب المعروضة، فضلا عن شكواهم التي لا تتوقف من الخسارات المالية التي يتلقونها جرّاء مشاركاتهم في هذه المناسبات الثقافية، هل المشكلة في الجمهور أم في دور النشر ذاتها؟.
القطب الثاني في هذا اليوم هو المؤلف، وحديثي هنا ليست شكوى ذاتية إطلاقا، إنها قراءة من معرفة خاصة جدا بأحوال المؤلفين في الوطن العربي الذي قامت حضاراته المتعاقبة على الثقافة بوصفها حاضنة للعلوم والأديان معا، فهل تعلم عزيزي القارئ أنّ المؤلف في الوطن العربي لا يتقاضى فلسا واحدا عن أعماله التي تُباع إلا في حالات نادرة جدا يُمكِن أن يُحصيها بسهولة أيُّ باحثٍ في هذا المجال، وهل تعلم أيضا أن الكاتب العربي يضطر في الكثير من الأحيان لأن يستدين كي يُكمِل الاتفاق مع دار النشر التي تفرض في عقدِها مبلغا من المال مقابل طبع الكتاب وتوزيعه، وهل تعلم أن الكاتب العربي لا يعلم كم نسخة بيعَت من إصداراتِه أو كُتُبِه بالمُطلَق، ولا أذيع سرّا إن قلت إن الكثير من الكتّاب يشتغل بالتسويق لمؤلفاتهم أيضا في ظل عدم وجود خطط ترويجية واضحة لدى دور النشر العربية، ولكُم أن تقارنوا واقع حال أي كاتب عربي بنظيره في بلدان أخرى، وأعني هنا الذين أخذوا من مهنة الكتابة بابا للرزق.
واقع المؤلِّف “بكسر اللام” والمؤلَّف “بفتح اللام” يكاد أن يكون متطابقا من حيث الإهمال، طبعا هناك بعض المشاريع الخاصة جدا في تعاطيها مع الثقافة وهي تملك رسالة متكاملة للنهوض بهذا الواقع الصعب، لكن يدا واحدة لا تصفّق في ظل الغوغاء المنتشرة في كل مكان.
الإشتغال الثقافي ليس تجارة، وعندما نطمح لتحقيق النهوض الذي يتحدّث عنه الجميع في كل المناسبات، على المؤسسات أن تشتغل على خطوط عديدة للاهتمام بالمؤلّف والمؤلَّف في منظومة متكاملة، هذه المنظومة يمثّل الجمهور المتلقي للعمل الأدبي عقدة مهمة فيها، وحتى ذلك الحين كل عام والكتاب نحن بخير!.
_________
*العرب

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *