*عمرو العامري *
عبدالله ساعد كاتب قصة هادئ جدا.. خلوق جدا مظلوم جدا لا يحب تسويق نفسه وتغفل عنه المناشط الثقافية التي تقوم في الغالب على العلاقات في المقام الأول.
عبدالله ساعد يقيم في جدة لكنه لم يعتل أيا من منابرها الثقافية ببساطة لأنه لم يدع.
أصدر مجموعة قصصية «شيئا من تقاسيم وجهها في العام 2011.. أتبعها بمجموعة ثانية «يمضي وحيدا نحو الشمال» في العام 2014 وفي العام 2015 أصدر مجموعته الثالثة «ليل القرى.. وطيف كاثرين» ولديه ثلاث مجموعات جاهزة للطبع.
كما في حياته هو كذلك في نصوصه حيث يكتب بنسق هادئ جدا مبتعدا عن التفاصيل الكثيرة وعن الكلمات والجمل الوعظية أو تلك المحملة بالدلالات والإيحاءات أي أنه يكتب النص بمستوى واحد.
عبدالله يراوح في نصوصه سواء في مجموعته الأخيرة أو مجموعتيه السابقتين بين القرية والمدينة.. ويكاد يكتب نصا عن القرية وآخر عن المدينة في جدلية تشي بشخصيته وشخصية مجايليه الموزعين بين القرية والمدينة.
نصوص عبدالله ساعد القروية أكثر إقناعا.. أكثر حضورا وأكثر وصولا للمتلقي لأن عبدالله ببساطة لا يكتبها.. هو فقط ينقلها كما هي من الذاكرة.. الذاكرة التي احتفظت طويلا بذلك الفردوس الذي عاش عبدالله جزءا منه كما عاشه الكثيرون الذين ولدوا في القرى ثم اضطرتهم ظروف العيش والحياة إلى الهجرة نحو المدن لكنهم ظلوا على الدوام مسكونين بهاجس القرى رغم أن العوالم التي يعيدهم الحنين إليها كل مرة ما عادت.. ولم تبق سوى في ذاكرتهم.
نصوص المجموعة التي تبلغ أربعة عشر نصا، نصوص قصيرة، عدا نص طيف كاثرين المتوسط وهكذا هو عبدالله يحاول الاختزال مزيحا الكثير من المشاهد غير الضرورية ومعتمدا على تكثيف المشاعر أو المنولوج الداخلي وفي الوقت ذاته يحترم القارئ معتمدا على وعيه واستنتاجاته باعتبار القارئ الواعي يعي ما وراء الكلمات.
ليل القرى الصادرة عن نادي تبوك ودار الانتشار العربي تقع في سبع وسبعين صفحة من الحجم المتوسط شكلت لي إضافة جميلة وإضافة إلى المشهد القصصي والثقافي في المملكة، حتى وإن ظل عبدالله ساعد بعيدا عن المنابر وعن التسويق الذي لا يجيده.
_______
*عكاظ