*غسان خروب
نحو حكاية جيولوجية يأخذنا المخرج رواد بوثج في فيلمه النرويجي «الموجة» (Wave) ليقدم لنا رؤية عامة عن بيئتها الجيولوجية، والأخطار التي تهدد النرويج، ليأتي الفيلم بجرعة إثارة غير مشبعة، ومشاهد مؤثرة ولقطات سبق لكثير من الأفلام الأميركية تقديمها في الأعمال التي تتناول الكوارث.
كما في فيلم «2012» للمخرج رولان إيميريش، والذي توقع نهاية العالم في 2012، وفيلم «إمبوسيبل» (The Impossible) للمخرج خوان انطونيو بايونا الذي يستوحي حبكته من التسونامي المدمر الذي ضرب جنوب شرق آسيا في 2004، وغيرها.
أحداث فيلم «الموجة» مستوحاة من واقعة حقيقية للعالم الجيولوجي النرويجي كريستيان الذي يجسد دوره الممثل كريستوف جونر، حيث دأب هذا العالم على دراسة البيئة الجيولوجية لممر اكنست المائي والذي يخترق جبال النرويج، لتتركز الأحداث في مدينة «جيرارنجر» والتي تعد من المناطق السياحية النرويجية المهمة، وسبق لها التعرض إلى موجات مائية ضخمة تشبه ظاهرة التسونامي لتخلف وراءها مئات الضحايا ومشاهد خراب مرعبة.
حكاية كريستان مع هذه الموجات تشبه إلى حد كبير ما تابعناه سابقاً في أفلام هوليوودية عالجت الظاهرة ذاتها، حيث دائماً ما يتم التشكيك في توقعات العلماء وإدراجها تحت إطار الخيال أو الشكوك.
مشاهد وثائقية
المخرج افتتح فيلمه بمشاهد وثائقية حملت جرعة معلوماتية كثيفة، حول طبيعة الوضع الجيولوجي في تلك المنطقة، وجاء معظمها على شكل تغطية إخبارية شاملة لما حدث في سنوات ماضية، ومحذرة من انهيارات جديدة تنذر بحدوث كارثة جديدة.
وسرعان ما ينتقل بنا إلى أحداث فيلمه ليعرفنا على كريستيان وزوجته «ايده» وابنه «سوندر» وابنته «جوليا»، لنشعر مع تسارع الأحداث مدى ارتباط كريستيان بهذه الظاهرة، وتخوفه من وقوع الكارثة في أي وقت، رغم أنه كان يهم بالرحيل عن المدينة، بحثاً عن حياة جديدة، وهو ما لا يتسنى له قبل وقوع الكارثة.
الفيلم يمكن تقسيمه إلى جزأين، الأول والذي يطلعنا على طبيعة البيئة، وتحركات الطبقات الصخرية، وتوقعات العلماء، كما نتعرف عبر إيقاعه الهادئ على طبيعة علاقة كريستيان مع عائلته، حيث يقف مع زوجته على حافة الانفصال، في وقت نشعر فيه بجفاء واضح بين الأب والابن، تقابلها علاقة جميلة مع البنت.
أما الجزء الثاني ففيه يتحول إيقاع الفيلم تماماً، ليصبح أكثر إثارة، مع بدء الانهيارات الصخرية، التي تحدث موجه مائية عاتية يصل ارتفاعها لنحو 85 متراً، تدمر كل ما في طريقها، والتي يقدمها المخرج بصورة ترفع «ادرينالين» الجسم، لنبدأ بتوقع ما يمكن أن يحدث.
حرفية عالية
لعل أكثر المشاهد جمالية في الفيلم، تلك التي ارتبطت مباشرة بالموجة العاتية، والتي نفذت بحرفية عالية، مزجت فيها التقنيات والمؤثرات الصوتية والبصرية بطريقة لا تقل عن ما تقدمه استوديوهات هوليوود في أفلامها، وهي ما ساهمت في تقديم وجبة إثارة جميلة لجمهور الفيلم، ولكنها جاءت منقوصة، حيث تشعر بأن إيقاع الفيلم أخذ يهدأ بمجرد بدء انحسار الموجة.
لتأتي المشاهد التالية في إطار البحث عن ناجين، والوقوف على مستوى الخراب، ليأخذنا المخرج في هذا السياق، نحو زوجة كريستيان وابنه اللذين يجدان نفسيهما محاصرين في قبو فندق جيرارنجر، وسط بركة مياه منسوبها أخذ بالارتفاع، ليرفع إثارة المشهد في محاولة «كريستيان» العثور عليهما، وإنقاذهما.
وهنا يبدو أن المخرج فضل اللعب على وتر الأعصاب كثيراً، بوضع فرضية «موت» كريستيان لبعض الوقت، وإعادته إلى الحياة مجدداً بعد محاولات الإنعاش الحثيثة التي تقوم بها زوجته وابنه، لدرجة يصلان فيها إلى اليأس، في مشهد إنساني جميل.
أداء لافت يسجل للطفلة ايدث هانغينروب ساندي التي جسدت شخصية «جوليا»، حيث تمكنت بملامحها من التعبير عن لحظات الخوف واليأس وفقدان الأمل، والتي سرعان ما تحولت إلى فرح لافت بعد لقائها مجدداً مع عائلتها.
بطاقة
الفيلم من بطولة كريستوف جونر، توماس بو لارسين، اني داخل تروب، جوناس هوف اوفتيبرو وآخرين.
________
*البيان