على عتبات جياكوميتي




رؤيا سعد*


خاص ( ثقافات )

تتصف أعمال جياكوميتي بين (1952-1966) والتي شهدت تحوُّلاً جديدًا مختلفاً عن سابقيه. شخصياته المنحوتة أصبحت تسمن تدريجياً وتأخذ حجمًا أكبر، من دون أن يكون لذلك علاقة بالجسد نفسه، بل بمنهج عمل الفنان. وفعلاً، نلاحظ أن منحوتات هذه المرحلة تحمل علامات أصابعه وآثار سكِّينه، وبالتالي تتجلى فيها بوضوح سيرورة الابتكار المعتمَدة. وفي الأعمال الأخيرة، كالتماثيل النصفية التي خصَّ بها جياكوميتي أخاه النحات دييغو وزوجته آنيت وصديقه إيلي لوتار، كان لدييغو الأخ الأصغر من ألبرتو بسنة الأثر البالغ على مسيرة ألبرتو، فهو امتهن التشكيل كحرفة أغلب منحوتاته تميزت بالاهتمام بالحيوان، وأشهر تمثال له هو “النعامة”، وكما ترين أمامه منحوتات لحيوانات أليفة كان يحب أن يبرز دور الحيوانات في الطبيعة التي ترمز إلى القوة، إلى القوة والجمال مثل رؤساء الأسود والذئاب والخيول.

اهتم جياكوميتي بالديكور كالمقاعد والطاولات البرونزية والحجرية والخشبية فهذه المرحلة التي شارك بها دييغو أخاه البرتو كانت مرحلة تتسم بالنضج والغزارة في الإنتاج حيث إن أغلب أعمال جاكوميتي تتميّز بسطوحٍ غير منتظَمة تعجُّ بالأخاديد، نستنتج تركيز الفنان على أهمية الرؤية الفنية التي تحدِّد وحدها شروط أو سيرورة أي عملٍ فني.

يتبيّن لنا ايضا أن جياكوميتي النحّات كان أيضًا طوال حياته رسّامًا أصيلاً ومعروفًا. فقط في بعض مراحل إبداعه الرئيسة التي بحث خلالها عن زوايا للرؤية، أي في نهاية العشرينيات والنصف الثاني من الثلاثينيات، انحسرت ممارسته لفنَّي الرسم والتلوين لمصلحة فن النحت. وتتصف لوحاته التي أنجزها الفنان في مرحلة النضج بألوانٍ رمادية وبأسلوبه النحتي و«الرسومي» المعهود، عالمًا طَيْفيًّا مجرّدًا من الأوهام. علاوة على المحفورات والرسوم المطبوعة التي تعكس مهارات جياكوميتي العالية في ممارسة هاتين التقنيتين أيضًا، علمًا أن إسهامه الأكبر في ميدان الفن يبقى التقاطه، بمنحوتاته الشهيرة، صورة وجودية دقيقة للكائن البشري.
‫‬
*تشكيلية عراقية.

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *