محمود الدسوقي*
لا يتحدث التاريخ كثيراً، ولو بصيغة التعاطف مع أبناء وبنات كليوباترا السابعة من زوجها مارك أنطونيو، بعد واقعة انتحارها أو موتها أو اختفائها من الحياه وهزيمتها على أيدي الرومان.
كما أن التاريخ لا يتحدث عن كليوباترا الأم، رغم إنجابها البنات والبنين، ورغم احتفاء المصريين آنذاك برسومات تظهرها مع أبنائها على المعابد، حيث تم وضعها بالقرب من الإلهة المصرية حتحور، إلهة العشق والجمال عند الفراعنة في معبد دندرة بقنا، وهي تقوم بأفعال الأمومة مع وليدها.
حكام روما، أعداء كليوباترا ومصر في ذلك الوقت، كتبوا على عملاتهم التذكارية عبارة “سقطت مصر” وهي الجملة التي لم تكتب لأية دولة أخرى، كما يؤكد المؤرخون، ومن ثم كان الأقوياء في دولة الرومان ومن صاغوا التاريخ أكثر تعمدا، ليس في تشويه صورتها ووصفها في بعض الأحيان كعاهرة، ولكن في عدم الحديث عن أبنائها وبناتها، ومنهم ابنتها كليوباترا سيليني، التي ولدت في الإسكندرية ودفنت في الجزائر.
يقول الأثري الدكتور أحمد صالح لـ”بوابة الأهرام”، إنه في عام 40 قبل الميلاد ولدت ابنة كليوباترا السابعة من زوجها مارك أنطونيو، لافتاً إلى أنه كان لها شقيقان آخران، وهما ألكسندر هليوس وبطليموس فيلادلفوس، مضيفاً أنه عندما انتحر أبوها وأمها كان الأشقاء مختبئين في الأقصر مع خادمة أمينة لأمهم، وعندما جاء أوكتافيوس، الذي يلقب بالإمبراطور أغسطس، أخذهم معه إلى روما وأعطاهما لأخته أوكتافيا (زوجة مارك أنطونيو وضرة كليوباترا).
يؤكد صالح أن التاريخ لا يتحدث عن مصير شقيقيها، وربما ماتا بعد وصولهما روما بسبب مرض ما، أما هي فقد تربت في بيت أوكتافيا، وعندما بلغت سن الخامسة عشرة قامت أوكتافيا بتزويج كليوباترا سليني من جوبا الثاني، الذي كان هو الآخر أسيراً في روما.
القوة العظمى المتوحشة في العالم آنذاك، الإمبراطورية الرومانية، كانت تجبر كل من يقف ضدها على أن تأخذ أبناءه كأسرى، هكذا فعلت مع جوبا الثاني، الذي كان من قدره أن يكون صورة من كليوباترا أسيراً، وهكذا فعلت حتى في عصورها المتأخرة، مع والد ملك قرطاج هينبعل، الذي تم أخذه كأسير وهو طفل بعد هزيمة والده، ثم قيامه بإعلان الحرب ضد الرومان وهروبه بعد هزيمته وانتحاره.
يضيف صالح أن كليوباترا تزوجت من ملك نوميديا جايوس يوليوس جوبا، أو جوبا الثاني، وكان أبوه قد انتحر إثر هزيمته من الرومان، وأخذ الطفل أسيراً في روما، وأنجبت منه ابناً وحيداً اسمه بطليموس، وتولى الحكم بعد وفاة أبيه، وأضاف أن كليوباترا سليني ساعدت زوجها في ازدهار مملكته نوميديا، التي كانت تضم الجزائر وتونس وموريتانيا حالياً، لافتاً إلى أنه تم سك العملات باسمها.
وأوضح صالح أن المؤرخين يختلفون حول نشوب خلافات بين الزوجين بسبب زواجه بأخرى، وأنها أصرت على أن يطلق الملك الزوجة الأخرى، لافتاً إلى أنه رغم ذلك فهي عاشت كملكة وماتت عام 6 قبل الميلاد، ودفنت بمقبرة زوجها بالجزائر.
ــــــ
* الأهرام.