روبرت مكي: القصة الجيدة هي القصة التي ترويها بشكل جيد


فرانك موو / ترجمة: ميادة خليل


التقيت به في لندن حيث كان يحاضر في ندوة عن الكتابة الابداعية لمدة أربعة أيام. روبرت مكي (71 عاماً) أمريكي من أصل أيرلندي، نشأته كانت في ديترويت، حيث عمل والده في شركة جنرال موتورز. كان ممثلاً، مخرجاً، مصححاً للنصوص ومنذ عشرين سنة مدرباً للكتابة الابداعية وندواته ” قصة” حظيت بشعبية كبيرة حيث طورها مكي منذ أن كان أستاذاً في جامعة ساوث كاليفورنيا. مكي هو صاحب كتاب ” القصة: الفكرة، البنية، الاسلوب ومبادئ كتابة السيناريو” والذي على أساسه يقوم موضوع ندواته. بالنسبة للكثيرين من كتّاب السيناريو في هوليوود يعتبر مكي مصدر إلهام لهم.
يعتقد مكي أن القصة الجيدة هي القصة التي ترويها بشكل جيد. “القصة هي القصة، مهما كانت الطريقة التي تستخدمها في الكتابة.”
تحت سطح كل قصة يوجد بناء سردي، يفاجئك باستمرار، أي أن القصص الجيدة هي التي تمنح القارئ تجربة شعورية. ” أقدم قصة عرفناها هي ملحمة كلكامش” يقول مكي، “كتبت باللغة المسمارية على لوح طيني، وبعد ذلك جاءت قرون من القصص، من هنا تبني نفسك ككاتب”. أسحب الكلمات من القصة الجيدة وما يتبقى هو البنية السردية. ” هذه البنية أزلية وبسيطة بشكل مدهش”. أحد أهم المبادئ التي تقوم عليها هي التغيير. العلاقات الديناميكية بين ثلاث شخصيات مهمة على الأقل في القصة، الحبكة، الاختيارات، الذروة، الفجوة بين النية وردة الفعل، في عالم مكي هي معركة مستمرة. “القصة هي استعارة للحياة. التغيير ضرورة في الحياة، الشيء ذاته يصح على القصة.”
كل مشهد جيد يتم بناؤه وفقاً للتغيير. كل مشهد جيد يتضمن نقطة تحول. يشير الى القيم المهمة في الشخصية، وفي الوقت المناسب يقدم الكاتب الأحداث. أذا وجد تفصيلاً غير ضروري، يشطبه فوراً. المشاهد تُشكل تسلسل فصول القصة، وهي أيضاً تتم تبعاً للتغيير. الفصول تشكل الأحداث وهي عن التغيير “وخاصة في الرواية” يقول مكي “التفرعات أو المنعطفات في القصة لا يتم ملؤها بالأحداث المثيرة، بقايا اليوم” لــ كازوو ايشيغيرو، على سبيل المثال، كانت التفرعات عقداً شخصية داخلية. الشخصيات كانت تبحث عن المعنى. وعن التغيير ايضاً”. هذه الرؤية وضعها في نظام مترابط كتبه في كتابه “القصة”. “ككاتب عليك أن تثري حياة قراءك. القصة الجيدة هي التي تجعل القارئ يكتشف نفسه. القصة الجيدة خاصة وعالمية في نفس الوقت. هي من والى الناس. وهذا ما تستطيع كتابته إذا شعرت بالعالم من حولك.”
في عالم مليء بالأكاذيب والكاذبين يعتقد مكي أن على الكاتب أن يكتب بصدق قدر استطاعته. ككاتب عليك واجب واحد وهو أن تروي القصة بشكل جيد. “افلاطون أراد التخلص من كل شعراء وكتّاب أثينا. كان خائفاً من قصصهم، من المشاعر التي تثيرها القصص لدى الناس. السلطة تخشى المشاعر دائماً.” وردّاً على نقد وجهه له كاتب السيناريو جو ايسترهاز حيث قال إذا كان مكي يعرف كل شيء عن كتابة السيناريو لماذا لم نقرأ سيناريو بأسمه. “الكتابة حرفة، لكن هناك صياغة الفكرة. أنفق وقتاً طويلاً على ذلك”. نهج القصة يشبه كثيراً نهج كتابة السيناريو في أفلام هوليوود. لكن هل طريقته ملائمة للروايات؟، يجيب مكي: ” القوانين الأساسية متشابهة. في الرواية تتقمص شخصية البطل. هذا يمنح أمكانية رائعة في تكثيف أو تمديد الزمن. لكن المنعطف الرئيسي، فكرة الرواية، يبقى متشابهاً.”
وعن مهمة النقد في القصة يقول مكي: “الناس يخشون الاختيار. هم يرون البطل يناضل مع اختياره. وهذا يخلق علاقة عميقة، تقريباً صوفية بين الشخصية والقارئ.”
وأخيراً، مع نصائح روبرت مكي:
شاهد المسلسلات التلفزيونية مثل (ستة أقدام تحت الأرض، الممرضة جاكي، السوبرانوز)، هذه الأيام سيناريو المسلسلات مكتوب بشكل جيد.
تعلم الكتابة يحتاج على الأقل الى عشر سنوات من العمل الشاق، عشر سنوات من النجاح والفشل.
تقمص الشخصيات التي تكتب عنها.
إعادة الكتابة لا يعني إعادة صياغة النص، إعادة الكتابة يعني ببساطة تبديل المشهد بآخر جيد، 90 % مما تكتبه، وما يكتبه كل كاتب، سيء جداً.
لا شيء مما قلته قانون، هي مبادئ شكلية فحسب.
الكتابة ليست علم الفضاء. لا، الكتابة أصعب من ذلك. دَرّست أشخاص يعملون في ناسا أكدوا لي هذا الكلام.
المنطق في قصتك ليس هو المهم. الخيال هو المشكلة. تستطيع في أي وقت مراجعة قصتك وجعلها أكثر منطقية. وهذا هو الفرق بين القصة والحياة الحقيقية.
الكتابة ليست هواية، الكتابة إبداع، وعليك أن تجازف بكل شيء.
المصدر: Schrijven Magazine
________
*مدونة أصوات للمترجمة ميادة خليل. 

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *