خاص ( ثقافات )
الفجيرة – اقتبس الفنان المونودرامي التونسي محمد الزبيدي أمثولة تراثية من أعماق المجتمع التونسي وصاغها صياغة فنية أدائية رائعة في عرضه الذي شهده مسرح بيت المونودراما بدبا. كنت شاهداً على تلك الفرجة التراثية التي مازجت بين المحكي الشعبي وفنون الغناء والشعر الشعبي التونسي والسرديات والأداء التمثيلي الرفيع فكان لا بد من تسجيل بعض الكلمات في حق العرض وهذا الفنان مبدع العرض.
أصل الحكاية
هي قصة حب بين يتيم الأب والأم (خالد) وابنة خالته (خديجة) يعود أصل الحكاية إلى ميعة الصبا وشرخ الشباب.. إذ ترعرعت بذرة الحب بينهما حتى قبل أن يعرفا للحب تعريفاً ومصطلحاً.. تكبر مع قصتهما شجرة الخوخ التي زرعا بذرتها في حوش الدار.. ولكن قصة الصغيرين تصطدم بزوج الخالة بعد انكشاف حبهما وأكلهما ثمرة الخوخ فيطردان من جنة الحب.
تقنيات الأداء
توسل الفنان التونسي محمد الزبيدي عدة تقنيات لإيصال جماليات الحكاية، أهمها الصوت البشري أعظم قيثارة تعبر عن المشاعر والأحلام وقد ساهمت الصيغة السردية للحكاية الشعبية بالعامية التونسية سواء بالشعر المقفى أو الأمثال أو الحكم الشعبية كما استخدم الفنان “الدف أو الطار” لغناء بعض المقاطع التي تضمنها نص الحكاية ورغم أن ديكور العرض وفنياته كانت في أضيق الحدود إلا أن الممثل استطاع بتنويع الأصوات وألوان الأداء أن يعوض الفنيات الأخرى المفقودة سواء على مستوى الإضاءة أو السينوغرافيا.
قوالبهم وتراثنا
كثيراً ما يحاكم نقاد الدراما العروض الفنية العربية التراثية بقوانين المسرح الغربي وهي مقارنة ظالمة وغير دقيقة فليس مطلوباً من فنان عاش في بيئة عربية وبمصادر تراثية غنية أن يتطابق ومفاهيم المسرح الأوروبي بل يظل التحدي قائماً أمام الفنان لينتج رؤيته وعالمه بشكل مستقل وهذا ما نجح فيه الحكواتي التونسي محمد الزبيدي.
القمر وسيطاً ومخلّصاً
جزء من سحرية الحكاية الشعبية أنها تنتج حلولاً غير متوقعة!! وعندما تفاقمت أزمة العاشقين في الحكاية التونسية كان القمر حاضراً منقذاً ومخلصاً للعاشقين ونقلهما معاً إلى جنة اللّقاء بعد أن مثلت لهما الأرض جنة الحرمان.. هذه الحلول رغم خياليتها إلا أنها وبلا شك هي ما يكسب الحكاية الشعبية ألقها ويبعث الدهشة والمتعة عند الجمهور وهذا ما خلصت إليه رؤية الحكواتي وأكدته ببراعة واقتدار.