آديل مغنية بريطانية تبتعد وتعود إلى القمة حينما تشاء




فادي بعاج

عمان – يلقبها البعض من عشاقها العرب بـ”أم كلثوم الأجنبية”، فلديها من الموهبة الكثير الذي لم يصل إليه أحد، سواء كان من سبقها أومن يحاول اللحاق بها، حيث تتشارك مع الراحلة كوكب الشرق أم كلثوم في صفات عدة، منها الرصانة بالأداء على المسرح، والصوت الذي يمكن وصفه بالألماسي، والجسم الممتلئ، وأغانٍ لا يمكن التنبؤ لها بغير الخلود طويلا جدا، لمعت بسرعة كبيرة في عالم الفن، فهي لم تذق طعم الفشل الفني حتى الآن.

منذ صدور أول ألبوم لها في 2008 حققت نجاحا ساحقا وجذبت الأنظار إليها، ومع مرور الوقت وبالرغم من كون اسمها فرنسيا، إلا أنها أصبحت نجمة بريطانية مشهورة ليس في بلدها فقط ولكن في العالم كله، هي آديل التي احتفلت في شهر مايو الماضي بعيد ميلادها السابع والعشرين، بدأ عشقها للغناء مبكرا منذ طفولتها.
وحصدت أهم الجوائز الغنائية وحطمت الأرقام القياسية في مسابقات الأغنيات الكبرى ومبيعات الألبومات، بالرغم من صغر عمرها وسنواتها القليلة في عالم الموسيقى، وبالرغم من وزنها الزائد وعدم تمتعها بصورة نجمات الغناء والاستعراض اللاتي يحتللن القمة على الساحة حاليا، وصلت آديل إلى مستوى النجاح والشهرة ذاته كـبيونسيه ومادونا وريهانا، اعتمادا على قوة صوتها وروعة أدائها وموهبتها في كتابة وتلحين أغنياتها، وليس بشكلها أو استعراضاتها.

أعادت آديل للأذهان صورة كثير من المغنيات الأميركيات السمراوات اللاتي اشتهرن بقوة وجمال الصوت، وأيضا السمنة، وعلى رأسهن أريتا فرانكلين وكوين لطيفة، فالمغنية البريطانية قررت أن تحذو حذوهن وتبتعد عن الصورة النمطية لنجمات الغناء اليوم اللاتي يُجدن الرقص ويحافظن على لياقتهن، معتبرة صوتها مفتاحها نحو النجومية، وأسلوبها في الغناء طريقها نحو أذن المستمع، وبالفعل حققت نجاحات كالتي حققها “البيتلز” أعرق الفرق البريطانية، وذلك بعد سنوات قليلة من احتراف الغناء، واحتلت المرتبة التاسعة في قائمة أغنى النجمات دون سن الثلاثين.
معاناة الطفولة
ولدت آديل لوري بلو أدكنز في العام 1988 بمدينة توتنهام الإنكليزية، وتنقلت في طفولتها كثيراً، حيث كانت والدتها تربّيها بمفردها بعد اختفاء والدها، لذا حملت آديل لقب عائلة والدتها، وعانت من طفولة صعبة بسبب تغيّر الأماكن التي سكنت بها مع والدتها وفقا للعمل الذي كانت تحصل عليه الأم، كان الغناء الأمر الوحيد الذي يجعلها تحتمل حياتها الصعبة، فكانت في كل مرحلة عمرية ترتبط بتنوع غنائي، آديل التي بدأت الغناء في عمر الرابعة كان لفريق “سبايس غيرلز” تأثير كبير على تكوينها الفني كما تقول دائما في مقابلاتها الصحفية.
في سن الرابعة عشرة تحولت إلى نمط موسيقى “آر . بي” حيث تأثرت بكل من الراحلة ألايا وفريق دستنيزتشايلد والنجمة ماري جي بلايدج، في تلك المرحلة أيضا بدأت آديل تتابع نجمات الجاز الأميركيات مثل إيتا جيمس وإلاّ فيتزجيرالد، وكانت تستمع لأغنياتهن ساعة كل ليلة وتدرّب صوتها على تقليد أدائهن.
في العام 2006 تخرجت آديل من مدرسة بريت للفنون المسرحية والتكنولوجيا، وبدأت تفكّر في احتراف الغناء، خصوصا وأن المغنية ليونا لويس كانت من بين زميلاتها في الصف، ولكنها لم تعتمد على الوسائل التقليدية لاختيار المواهب الفنية، فاكتشافها وتعاقدها مع شركة “إكس. إل” للإنتاج كان عقب عرض أحد أصدقائها لثلاثة تسجيلات صوتيّة لها على موقع “ماي سبايس” في العام 2006، وبالفعل ظهرت أولى أغنياتها الفردية “أصل المجد” في أكتوبر2007 وفُسح المجال أمامها لإنتاج أول ألبوماتها الغنائية لتبدأ احترافها الفعلي بعد سنة واحدة.
آديل صاحبة الألبوم الأول في القرن 21
اشتهرت آديل مع إطلاق أول ألبوم لها، الذي حمل عنوان “19”، والذي كتبت بنفسها معظم أغانيه، ليحقق مبيعات تجاوزت 6.5 مليون نسخة بجميع أنحاء العالم، وحل الألبوم في المرتبة الأولى في أول أسبوع من إصداره، وقبل الألبوم بأسبوعين طرحت آديل أغنية وصلت إلى المرتبة الثانية في بريطانيا.
أما ثاني ألبوماتها “21”، الذي طرحته عام 2011، فقد حل في المركز الأول في 28 دولة حول العالم بمبيعات وصلت إلى 208000 من النسخ في أول أسبوع، ومع مرور الوقت وصلت مبيعاته إلى 26 مليون نسخة، وكان أكثر الألبومات مبيعا خلال القرن الحادي والعشرين في بريطانيا، ورابع أكثر الألبومات مبيعا في تاريخ بريطانيا.
نالت آديل نصيبا كبيرا من الجوائز، فبعد أول ألبوم نالت جائزة “أفضل فنان جديد” عام 2009، وفي 2010 ترشحت لجائزة الغرامي عن أفضل أداء صوتي لأنثى، وفي غرامي 2012 حصلت على ست جوائز من ضمنها أفضل ألبوم في السنة، وفي ديسمبر 2012 حصلت آديل على لقب “فنان السنة”، وتوج ألبومها بـ”ألبوم السنة”.
استمرت في نيل الجوائز، ففي بداية عام 2013 فازت بجائزة الجولدن غلوب عن “أفضل أغنية أصلية”، وفازت بنفس الجائزة في حفل توزيع جوائز الأوسكار الـ85، وفي الغرامي 2013 فازت بجائزة واحدة عن فئة “أفضل أداء منفرد” كما مُنحت آديل رتبة عضو في الإمبراطورية البريطانية لإسهاماتها في مجال الموسيقى، وقام ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز بتكريمها عن مجمل أعمالها الغنائية.
فاجأت آديل جمهورها في لقاء تلفزيوني عبر قناة بي بي سي، بكشفها عن فترة من حياتها، عاشت فيها تحت تأثير تعاطي الكحول، ما أثّر سلبا في طريقة غنائها وفي حياتها بشكل عام، حيث اعترفت بأنها فقدت السيطرة على حسابها الخاص، في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، مع بداية حياتها الفنية، حين غرّدت رسائل غير لائقة، وهي ثملة.
وأضافت النجمة البريطانية في اللقاء ذاته أنها كانت ممنوعة من استخدام “تويتر” من قبل مدير أعمالها، لأنها كانت تغرد تحت تأثير الكحول بطريقة غريبة جدا، بالإضافة إلى استخدامها عبارات لم يكن يفهمها أحد، ما أوقعها في عدد كبير من المشكلات، ولذا اتجهت إدارة أعمالها إلى منعها من استعمال السوشيال ميديا.
تحدثت آديل عن تحسّن حالها بعد التقليل من تناولها الكحول في الفترة الأخيرة، إذ وصفت الإفراط في تناول الكحول بالتعذيب في حد ذاته، خصوصا بوجود الأولاد، وهي الأم والنجمة التي تعود إلى الغناء بعد 3 سنوات من الانتظار والابتعاد عن الساحة، اللقاء كان بعد يومين من إطلاق أغنيتها الأخيرة “مرحبا”.
آديل مقلّة جدا في لقاءاتها الإعلامية، حيث كان أشهرها على الإطلاق ظهورها في برنامج “ساترداي نايت لايف” الذي قدم لها دفعة قوية لتحقيق النجاح في الولايات المتحدة، حيث حصلت الحلقة على أفضل معدل مشاهدة منذ 14 سنة في تاريخ البرنامج بـ17 مليون مشاهد، وغنت آديل خلال الحلقة أغنيتين هما “مطاردة الأرصفة” و”الكتف البارد”، وفي اليوم التالي تصدّر ألبومها الأول “19” قائمة “آيتونز” لأفضل الألبومات ووصل إلى المرتبة الخامسة على موقع أمازون، بينما صعدت أغنية “مطاردة الأرصفة” إلى أفضل 25 أغنية في الولايات المتحدة الأميركية.
“مرحبا ” الأغنية التي تشغل العالم
آديل قادرة على أن تمتلك العالم بصوتها مهما غابت عنه، وهذا ما أكدته مؤخرا منذ حوالي الثلاثة أسابيع حين أصدرت التحفة الفنية الجديدة “مرحبا”، فبعد انقطاع دام لثلاث سنوات عن الساحة الفنية، ومنذ أن قدمت أغنية “السماء الكامل” التي استطاعت أن تحصد من خلالها العديد من الجوائز أهمها أوسكار أفضل أغنية وهي الجائزة التي يلهث وراءها مطربو العالم، فإن آديل حصدتها بمنتهى السهولة دون أن تقصد أو تخطط، فملامح الفرحة وعدم الاستغراب التي ظهرت على وجهها وقت الإعلان عن الجائزة أكبر دليل على ذلك.
وتأتي الخطوة التي اتخذتها آديل للخلف قليلا، مخالفة لتوقعات الكثيرين، بأن تهتم أكثر بأعمالها الفنية وأن تحافظ على المكانة الكبيرة التي اتخذتها في مطلع العام 2013، فبعد أن أصبحت خلال أيام قليلة الحنجرة القوية بين المطربات البريطانيات، اختارت النجمة البريطانية أن تلتقط أنفاسها ولا تركض وراء النجومية، وأن تركز في حياتها العاطفية حين قررت أن ترتبط بصديقها سايمون كونيكى وتهتم أكثر بالعناية بطفلها الذى أنجبته في 2012، وألا تنشغل بالنجومية على حساب حياتها العائلية.
تعاون مع مخرج مصري
خطوات آديل دائما تحمل النجاح فهي قادرة على التخطيط للنجاح الساحق بالفطرة، وهذا ما جعل أغنية “مرحبا” تحصد 69.034.918 مستمعا في 4 أيام فقط، وحظي الفيديو الخاص بالأغنية بأكثر من 403 مليون مشاهدة على موقع “يوتيوب” منذ 22 من الشهر الماضي وحتى لحظة كتابة هذه المقالة، كما أصدر الموقع بيانا يقول فيه إن أغنية آديل حطمت كل الأرقام القياسية الخاصة بعام 2015 من جانب عدد المشاهدات الهائل.
أغنية “هيلو” أو “مرحبا” تعدّ أول تعاون بين المغنية البريطانية والمخرج الكندي ذي الأصول المصرية كزافييه دولان، مخرج فيلم “مامي”، الحائز على جائزة لجنة التحكيم بمهرجان كان السينمائي 2014، وهو ابن المغنّي مانويل تادروس، الذي ولد بالقاهرة وعاش في كندا بعد أن هاجرت عائلته من مصر.
تم تصوير الأغنية بواسطة كاميرات “آي ماكس” التي تستخدم للمرة الأولى في تصوير فيديو كليب غنائي، واختار المخرج إحدى غابات كندا الساحرة لتكون مكانا للتصوير، وقد قال إنه فور سماعه للأغنية تخيّل مشاهد الكليب كلها في عقله وكأنها كانت جاهزة مسبقا.
أثّر الكليب في عدد من مشاهير هوليوود الذين نشروا الأغنية عبر حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل، وكتبوا كلمات ونشروا صورا لهم بعيون باكية، توضح مدى تأثّرهم بالأغنية الجديدة التي وصفوها بالرائعة.
_______
*العرب

شاهد أيضاً

“أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني

(ثقافات) “أثر على أثر” معرض لمفاضلة في المتحف الوطني برعاية العين د. مصطفى حمارنة ينظم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *