*سناء أمين
بكتاب لـ عبد الله مبروك النجّار وسالم أبو عاصي يحمل عنوان “مفاهيم يجب أن تُصحَّح”، يواصل “المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية” إصدار سلسلة كتب ضمن مشروع “تقديم إسلام تنويري”. لعلّ اللافت في عنوان العمل، هو هذه النزعة الزجرية التي تشير إليها عبارة “يجب”. يذكّرنا الكتاب بعمللـ محمد قطبصدر منتصف القرن الماضي؛ “مفاهيم ينبغي أن تصحَّح”. ومِن “ينبغي” إلى “يجب”، يوجد “انقلاب”، بين من تصدّى لمراجعة المفاهيم الحديثة ووضعها على سكّة الفكر الإسلامي، ومن يأخذ المفاهيم الإسلامية ويأتي ليُخضعها للبراديغم التنويري الذي تتبنّاه السلطة في مصر. “يبرهن” المؤلّفان في هذا العمل أن “الإسلام يحترم العقل، وهو أداة للتفكير الصحيح”، إضافة إلى الدعوة إلى خطاب التسامح وعدم التكفير، وهو خطاب لا يمكن نكران موضوعيته، إلا أنه يبدو موجّهاً إلى فئة صغيرة من المسلمين المعاصرين، على الأقل الشريحة القابلة أن تشتري كتاباً وتقرأه، وهؤلاء يبدو هذا الخطاب بالنسبة إليهم شبيهاً بإثبات زرقة السماء.
ملاحظة أخرى، تلفت القارئ قبل ولوجه المتن، وهي وجود عبارة “مراجعة وتقديم: محمد مختار جمعة – وزير الأوقاف” على الغلاف. ألا تكشف هذه المراجعة الطابع الوصائي على الكتّاب أولاً ثم القارئ؟ لعل هذه الفجاجة سبب من أسباب انخفاض سقف الفكر في فضاء مجتمع تديره آلة ثقيلة ومتضخّمة مثل الدولة المصرية.
عموماً، كانت هذه الكتب دائماً ما تدّعي التوجّه إلى المجتمع لتنويره، بينما نعرف أنها مجرّد قيام بدور ضمن أداء واجب. دور “المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية” أن يصدر كتاباً يصحّح فيه المفاهيم، وها هو قد فعل، لكن لا نظن أن شيئاً سيتغيّر.
_______
*العربي الجديد