خاص ( ثقافات )
صدر حديثاً عن منشورات المتوسط كتاب “الصراع الطبقي في سوريا – الثورة في صيرورتها” للمفكر سلامة كيلة.
المفقرون يخوضون صراعاً طبقياً ضد الطبقة المسيطرة، الطبقة التي تتسم بطابعها الريعي المافياوي، والتي تعتمد بنية سلطوية بالغة الفظاظة والعنف. رغم فوضى التنظيم لدى هؤلاء، وغياب الرؤية الفكرية الواضحة، والأحزاب التي تعبّر عنهم، كذلك النقابات واللجان والهيئات والتجمعات. هذه الوضعية الأخيرة هي التي سمحت بتغلغل أفكار ورؤى وأيديولوجيات مضادة لمصالحهم، وإلى المقدرة على إظهار الثورة في شكل أصولي سلفي «جهادي»، دون أن نتجاهل أنْ ليس كل الثورة هي كذلك، بل إن الكتل الأكبر هي لصنف آخر يتسم بالبساطة، وعدم معرفة كيف يخوض الصراع، وبالفوضوية.
بالتالي فإن المسارب التي تغرق الثورة فيها هي نتاج غياب الفعل السياسي المعبِّر عن هؤلاء المفقرين، والذي يطرح بديلهم وينظمهم من أجل تحقيقه. ومن المفترض أن هذا هو دور «نخب» ثورية (كانت تتسمى باليسار)، لكن ظهر واضحاً أنه حين نهضت الثورات كان هؤلاء قد أصبحوا جثثاً محنطة، لا حول لها ولا قوة، وليست قادرة لا على فهم ما يجري ولا على الفعل فيه.
هذا ما جعل الصراع الطبقي يتلوّن بالأسود في كلا الجبهتين، وأن يفقد هدفه الأصلي سائراً في مسارات تحبط الثورة ذاتها. لنصل إلى حالة الاستعصاء التي باتت تفترض «عملاً جراحياً» لكي ينفتح أفق الصراع الطبقي من جديد، لكن في كل الأحوال المفقرون نهضوا، والطبقة المسيطرة باتت إلى زوال.
ورغم هذا الشكل «الطائفي» الذي يظهر في الصراع فإن الصراع الطبقي هو الجوهر الذي يحكم كل ما يجري. فالقوى الطائفية المغرقة في التشدد والجهل، والتي استُجلبت من الخارج، تعتمد على بيئة «خارج التاريخ» ومهمشة حضارياً في سورية، لكنها بيئة محدودة الوجود، ومحصورة في مناطق محدَّدة (ريف حلب، واللاذقية، والبيئات المحافظة في المدن)، وليست بيئة الصراع الطبقي الحقيقي، رغم أنه ظهر أنها تُهيمن على الثورة. ورغم الدعم «الطائفي» للسلطة من قبل إيران وأتباعها فإن الأساس هو «المصالح الحيوية للدولة الإيرانية» وسياسة النظام هناك لتكريس وجوده ودوره وسيطرته على المشرق العربي في إطار محاولته أن يكون قوة عالمية. لهذا وجدنا أن السلطة والنظام في إيران يستخدمان «قوى طائفية» شيعية وسنية في الوقت ذاته، حيث تدعم واحدة السلطة وتعمل أخرى على تخريب الثورة (النصرة ثم داعش).
عن المؤلف:
سلامة كيلة: مواليد سنة 1955 في بيرزيت فلسطين، بكالوريوس في العلوم السياسية من كلية القانون والسياسة جامعة بغداد سنة 1979، ناشط سياسي في المقاومة الفلسطينية ثم في اليسار العربي. ماركسي.
يكتب في العديد من الصحف العربية منذ سنة 1981، مثل جريدة الوطن الكويتية، وجريدة السفير اللبنانية، وجريدة الحياة اللندنية والأخبار اللبنانية والشروق المصرية. والعرب اللندنية والشرق السعودية. وفي العديد من المجلات العربية مثل دراسات عربية والوحدة والطريق والنهج والفكر العربي وقضايا فكرية.
أصدر ما يقارب الـ30 كتاباً في الفكر والسياسة والاقتصاد والتاريخ. حول الماركسية وأزمة اليسار والحركة القومية، والواقع العربي والرأسمالية، وعصر النهضة والتاريخ الإسلامي، وقضايا الثورة والتنظيم.