*تحرير:ميريدث ماران/ قراءة: خلود الفلاح
خاص ( ثقافات )
لماذا يكتب الكتُاب؟ سؤال يجيب عنه عشرون كاتباً من مختلف أنحاء العالم تتعدد دوافع الكتابة لديهم، السؤال طرح ضمن كتاب “لماذا نكتب؟: عشرون من الكتُاب يجيبون على أسئلة الكتابة”، صدر عن الدار العربية للعلوم ناشرون_ الطبعة الثانية_2014، تحرير: ميريدث ماران، مراجعة وتحقيق بثينة العيسى. ترجمة مجموعة من المترجمين الشباب العرب، وهم: أحمد بن عايدة، أحمد العلي، أسماء الدوسري، صلاح الصالح، ريوف خالد العتيبي، سامي داوود، غيد الجار الله، مصطفى عبد ربه، ناصر البريكي، هند الدخيل الله، هيفاء القحطاني. الذين تنازلوا عن أتعابهم المالية لتمويل مشاريع تعليم الأطفال المحرومين في العالم، متمنين أن يساهم هذا الكتاب بشكل ملموس في ترميم الإنسان والحد من القبح، وإضافة الجمال إلى هذا العالم، وهنا تضيف الكاتبة بثينة العيسى: نأمل أن يساعد هذا الكتاب عزيزنا الكاتب العربي في الارتحال داخل غابة الكتابة ببهجة أكثر، وألم أقل، عثرت بكتاب “لماذا نكتب” في سبتمبر 2013، وكنت بصدد انتخاب بعض الاقتباسات المتعلقة بنصائح الكتابة لترجمتها، لولا أن الاقتباس لم يكن كافياً. شعرت بأنني أمام مادة غنية بالتجارب وينبغي التعامل معها باحترام يليق بعمق التجربة، يبدو أن العالم مليء بعشاق الأدب المخلصين، الذين ينخرطون في مشاريع لا تدر عليهم إلا مزيداً من المحبة صوب هذا الفن الرائع، فن الكتابة. وكانت الدهشة الحقيقية هي ولادة هذا الكتاب خلال أشهر معدودة، بجهود جماعية، مجانية، تطوعية ومتحمسة، إلى درجة إنجاز كتاب تكوين الأول، متناولاً أكثر أسئلة الكتابة على الإطلاق، سؤال الـ”لماذا”.
الكتاب يعد أول إصدار لمشروع “تكوين” للكتابة الإبداعية الذي يؤمن مؤسسوه في تعريفهم للمشروع: “بأن عملية الفن هي امتداد لقصة الخلق الأولى؛ الخلق الإلهي. ونؤمن بأن النزعة التعبيرية الخلاقة، متمثلة في الكتابة الإبداعية خصوصاً، وأشكال الفن الأخرى عموماً، هي أجمل ملكاتنا الإنسانية جمالاً وجدارة بالاحتفاء. هذا المشروع، بكل بساطته وإمكانياته، هو محاولة للاحتفاء بالإنسان الجميل، الإنسان الخلاق، الإنسان الكاتب. أصبح واضحاً لديك الآن، أن الغرض من تدشين تكوين هو في النهاية إلهامك أنت. نعم، أنت. لأن ما تكتبه، ما ستكتبه، يمكن أن يجعل العالم مكاناً أجمل، وهو هدفنا من الأمر برمّته. نحن نعوّل عليك، أيها الكاتب”.
يقول محرر الكتاب ميريدث ماران: الكتاب المشمولون هنا “العشرون” ألفوا كتباً تباع بأرقام تجعل الناشرين يرسلون إليهم وروداً وطبعات أولى لكتبهم بغلاف جلدي، والأهم عقود كتب جديدة. إنهم مؤلفون تُمتدح كتبهم بشكل منتظم، وتدان أحياناً، ولكن نادراً ما يتم تجاهلها من قبل النقاد المهمين والمطبوعات. الكتُاب العشرون حصلوا بالضبط على ما يريده أي كاتب. حرية إبداعية كاملة ولا شيء يقلقون بشأنه.
ويضيف مبريدث ماران: يعترف الكتُاب العشرون هنا بأنهم لم يسألوا سؤال الـ”لماذا؟” من قبل. لذلك هم متحمسون للإجابة، فتقول إيزابيل الليندي: “أحتاج أن أروي قصة، إنه هاجس. كل قصة هي بذرة في داخلي”.
وتجيب آن باتشيت: “أكتب لأنني، أقسم بالله، لا أعرف كيف أقوم بأي شيء آخر”. ويؤكد جين سمايلي “للبحث في الأمور التي تثير فضوله”. أما غيش جين فتعترف: “الكتابة هي جزء جوهري من وجودي في هذا العالم، فالأكل والنوم والكتابة أمور تسير جنباً إلى جنب. إنني لا أفكر لماذا أكتب أكثر مما أفكر، لماذا أتنفس، غياب الكتابة أمر سيئ تماماً كما هو عدم التنفس”.
في نهاية كل شهادة إبداعية عن الكتابة وتأثيرها في الحياة يقدم الكتُاب العشرون نصيحة للكتُاب الجدد، فهذا ديفيد بالداتشي والذي اختير العام 2011، ضمن مشاهير كُتاب الجريمة العالميين يقول: “مهما كان النوع الأدبي الذي تكتبه، تآلف مع كل ما يستجد فيه. الشيء الذي أثار القارئ قبل عشر سنوات ليس بالضرورة ما يثيره اليوم. انظر إلى المنافسين”.
أما الروائية جينيفر إيغان فتقول: “يمكنك أن تكتب بانتظام، إذا رغبت أن تكتب برداءة. لا يمكن أن تكتب جيداً وبانتظام. على المرء أن يتقبل الكتابة الركيكة كوسيلة تتيح له الكتابة الجيدة”.
وتأتي نصيحة الكاتب جيمس فري رد على رفض العديد من دور النشر في بداياته نشر روايته “مليون قطعة صغيرة” قبل موافقة إحدى دور النشر على نشرها ومنذ ذلك الحين باع الكتاب أكثر من سبعة ملايين نسخة حول العالم، ونصيحته هي: “شكراً للكتب الإلكترونية، ليس للناشر أهمية بعد وجودها. تستطيع أن تنشر كتبك بنفسك إن أردت”.
وتتمحور نصيحة الروائية ماري كار حول: “أغلب الكتاب العظماء يعانون، وليس لديهم أية فكرة إلى أي مدى هم رائعون. غالباً الكتاب السيئون واثقون جداً”.
الكتاب يمثل قراءة استكشافية في حياة كتاب مشاهير أحببنا كتبهم وعشنا تفاصيل أحداثها، سعدنا كقراء بالبحث دون كلل عن أعمالهم وسيرهم الحياتية، كُتاب كانت الكتابة ملاذاً لهم ضد قبح العالم.
* شاعرة وإعلامية ليبية