محمد الوهيبي.. غياب رسّام الأساطير



رحل، أمس، في ألمانيا الفنان التشكيلي الفلسطيني محمد الوهيبي عن عمر الـ 68 عاماً. عاش الوهيبي معظم حياته في سورية، حيث كان أحد أبرز وجوه مشهدها التشكيلي لعقود، وهو الذي جاءها في سنوات عمره الأولى، بعد أن هُجّرت عائلته من طبريا في فلسطين؛ حيث وُلد نهاية الأربعينيات. في طفولته، عاش الوهيبي في مخيّم “خان الشيخ” للاجئين، ثم استقر في مخيم “اليرموك”. اشتغل في بداية حياته المهنية في التدريس؛ حيث برزت موهبته الفنية في التصوير، من خلال مجلات الأطفال، ثم اتجه بعد ذلك إلى عوالم الفنون الجملية من نحت ورسم زيتي. حين كان في عقده الثالث، بدأ دراسة الفن أكاديمياً. سجّل في أوائل الثمانينيات في جامعة دمشق، وتخصّص في الحفر والطباعة اليدوية ليتخرّج سنة 1984. غذّت هذه الاختصاصات رؤيته للفن التشكيلي، وتبلور منها أسلوبه الذي سيتميّز به. في أعماله، مزج الوهيبي فلسفة الحفر التي رأى فيها تراثاً تشكيليّاً قادماً من حضارات شرقية قديمة، ومنها يتّصل بالرؤية الحديثة للفن على مستوى توظيف الألوان وتوزيع الخطوط في اللوحة. عنصر آخر يبدو، في الغالب، حاضراً في مُنجز الوهيبي، وهو الذاكرة الشعبية الفلسطينية، خصوصاً من خلال تراثها التزييني الذي نجده في الحلي والوشم والنقوش الجدراية، وقد وظّف هذه العناصر لينشَط بفنه في إطار قضية اللاجئين الفلسطينيين. من هذه العناصر، نسج عالمه التشكيلي الذي انفتح فيه على سريالية خاصة به، من الصعب أن نجد ما يشبهها في أعمال معاصريه. فعل ذلك ضمن ما كان يسميه بـ “التلقائية الشكلية”. بعد خروجه الأول من فلسطين، اضطر الوهيبي إلى مغادرة سورية في 2011، بسبب الحرب، وفي رصيده 25 معرضاً، ليستقر بعدها في ألمانيا التي كانت آخر محطّاته. 

العربي الجديد

شاهد أيضاً

أول رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي

(ثقافات) أوَّل رسالة دكتوراة رقمية تفاعلية في الأدب العربي: أركيولوجيا الصورة في رحلة ابن بطوطة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *