خاص ( ثقافات )
يضم هذا الكتاب الذي يقع في 456 صفحة من القطع الكبير حوارات الشاعر اللبناني خليل حاوي (1919-1982)، أحد أبرز روّاد حركة الشعر العربي الحديث، المنشورة في صحف ومجلات صدرت بلبنان وبدول عربية أخرى خلال عقدي الستينيات والسبعينيات وأوائل الثمانينيات، كان الشاعر نفسُه قد جمع قصاصاتها. وتتضمن الصفحات الخمسين الأولى منه مقدمة ودراسة بعنوان: “خليل حاوي: الشاعر-الناقد”، وضعتها المؤلفة وكانت تلميذة خليل حاوي لمدة اثنتي عشرة سنة في الجامعة الأميركية في بيروت.
أدرجت المؤلفة الحوارات وعددها ثلاثة وستون حوارًا، في ثلاثة أجزاء تحت عناوين: “حوارات الستينيّات”، و”حوارات السبعينيّات”، و”الثمانينيّات: حصاد مسيرة إبداع شعريّ وعطاء فكريّ”. ويضمّ كلٌّ من الجزأين الأول والثاني، ستة فصول مقسّمة حسب السنوات التي نُشرت فيها الحوارات، فيما يضم الجزء الثالث مداخلات حاوي في ندوة لمجلّة الفكر العربي عام 1980، ووثيقة أعدّها حول تجربته الشعريّة والفكريّة للمشاركة في ندوة عام 1981 تستعرض خلاصة ما انتهى إليه من موقف في قضايا الشعر والنقد والثقافة. ووضعت في الهامش اسم الصحيفة أو المجلّة وتاريخ صدورها ومكانه واسم المحاوِر ورقم العدد ورقم الصفحة وكذلك أسماء الأعلام الغربيين الوارد ذكرهم في الحوارات بالحرف اللاتيني وتاريخ ولادة كلّ منهم ووفاته لتحديد الإطار الزمني الذي عاشوا فيه، وأضافت هوامش بتفاصيل وجدت أنها توفّر معلومات ذات دلالة، ووضعت في آخر الكتاب ثبتًا بالمقابلات والندوات الواردة في الكتاب.
إن حوارات خليل حاوي وثيقة نقديّة وعلميّة لا غنى عنها للباحثين في شؤون الأدب والشعر والنقد والفكر العربي والمقارن تشكّل عصارة التجربة الفنّية والتأمّل الفكري لرائد فذّ من روّاد الشعر العربيّ الحديث. وهي مصدر أوّليّ ووثيقة أساسيّة حول تجربته الشعريّة وحول فلسفة حركة الشعر العربي الحديث والمشهد الثقافيّ العربيّ في ستينيّات القرن العشرين وسبعينيّاته. وليست تلك الحوارات مجرّد سجلّ تاريخيّ يختصّ بزمن مضى وانقضى، بل هي في جانب كبير منها بنت الساعة التي نحياها اليوم. فقد استطاع حاوي بحدس الشاعر الرائي وثقافة الناقد المتمرّس وتأمل المفكّر الحصيف أن يكشف عديد الآفات التي تعاني منها الأمة العربية في حياتها الثقافية والاجتماعية والتربوية والسياسية الراهنة. ولعل ما دعاه في حوار له في أواخر العقد السابع من القرن الماضي بالارتداد إلى “سلفية غاشمة تستمدّ قوّتها وسيطرتها من مصادر تكاد تكون بجملتها غير مشروعة”، محدّدا استخدام المال والإفادة من وسائل الإعلام سبيلا “لترسيخ تلك السلفية”، يشكّل مثالا على تلك الرؤيا الثاقبة التي ترى إلى المستقبل، ووطنُنا العربي اليوم يعاني ما يعانيه من ذلك الارتداد السلفي المرَضي الذي يهدّد كيانه.من هنا فإن الكتاب لا يعني الباحث المختص فحسب، بل كلَّ قارئ معنيّ بالمشهد الثقافي العربي في القرن العشرين وانعكاساته على حياتنا الثقافية والاجتماعية والسياسية الراهنة.
لوحة الغلاف: لشارلز ن. وايت، بورتريه لخليل حاوي من مقتنيات كلية بمبروك بجامعة كيمبريدج وبإذن كريم من الكلية.
في قضايا الشعر والنقد والثقافة.. حوارات خليل حاوي
إعداد وتحرير وتقديم: د. ريتا عوض
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر (آب/أغسطس 2015)