محمد الحمامصي
يضم هذا الكتاب “شهادتي للتاريخ.. رؤيتي للمستقبل” للكاتب والقاص محمد خليل مجموعة من المقالات التي كتب معظمها في الفترة ما بين ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 و30 يونيو/حزيران 2013 مضافا إليها مقالات أخرى كتبها في فترات مختلفة من الثمانينيات والتسعينيات، ليكتمل إطار تاريخي يضع فيه الكاتب الذي عاصر ملكا ـ الملك فاروق و7 رؤساء ـ محمد نجيب وعبدالناصر والسادات ومبارك ومحمد مرسي وعدلي منصور وأخيرا عبدالفتاح السيسي ـ رؤية لمستقبل مصر انطلاقا من مسيرتها عقب ثورة 1952، حيث يتوقف عند الثقافة والفكر والاقتصاد والأوضاع الاجتماعية، محاولا الكشف عن الثغرات القاتلة التي تنخر في أساسيات بنية الأمة المصرية وطرق وسبل علاجها وفقا لرؤيته المتماسة مع الواقع المعاش وما يتخلله من مشكلات كبرى.
يقول الكاتب في إطار حديثه عن مدينة المنصورة أن وجود الأعداد الكبيرة من الإخوان المسلمين في مدينة المنصورة خاصة ومحافظة الدقهلية عامة يرجع لأسباب كثيرة لم تستطع الحكومات مواجهتها أولها الفقر، وثانيها البطالة الكبيرة بين أعداد كبييرة من خريجي الجامعات وغيرها مما يعني صلاحية التربة للاختراق بالأموال لتعويض نقص الحاجات الأسرية والمنطق في هذه الظروف هو: الضرورات تبيح المحظورات، ومنطق الساعين للسلطة ـ اللي تغلبه إلعب به ـ من ثم بالوفرة المالية عند هذه القيادات من التيارات التي تدعي العمل تحت راية الاسلام استطاعوا غزو أدمغة هؤلاء الناس عن طريق بعض الجمعيات وجعلوهم ينصاعون لتوجهاتهم.
وفي المنصورة بعض من الزوايا والمساجد ترعى هذه النماذج المتطرفة باستضافتهم أصحاب الفكر المتطرف، لكن المنصورة لن تنسى للجماعة الاخوانية هذه الليلة السوداء التي روعت فيها أهل المدينة بطيشها السياسي ونزقها الفكري وشططها الديني وكانت سببا في الخراب والدمار الذي طال بعض المساجد والمباني الأثرية والثقافية والأمنية والاقتصادية والخدمية والتجارية بل والبيوت.. ومن ثم أرى ضرورة وضع برنامج دقيق للتعامل معهم داخل السجون وخارجها حتى نخرج بهم آمنين من حالة التهويم الفكري والطيش العبث السياسي الذيي وضعوا فيه أنفسهم وأسرهم ومجتمعهم فيه.. لكي ننجو بأبنائنا من الهلال والدمار الذي تريده أميركا لنا من أجل عيون سيدتها الغاطسة في حلم اسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل”.
وفي مقاله “خطوة على طريق التكامل الشامل” يتناول الكاتب أهمية التكامل بين شعبي مصر والسودان بل والمنطقة العربية والإسلامية والتي نجحت قوى الغرب وإسرائيل في إفشالها لصالح الهيمنة الإسرائيلية الأميركية وبعض دول أوروبا الغربية، وهو ما يحاول النظام السياسي المصري الآن التأكيد عليه ووضعه موضع التنفيذ.
أما مقال “تاريخ الثقافة الجماهيرية وحاجتنا إلى ثقافة جديدة” فيناقش أهمية الدور الثقافي لأجهزة الثقافة الشعبية ودورها بصفة عامة في نشر التوعية الثقافية بأهمية الوعي السياسي الذي هو الطريق الذهبي للوعي الاقتصادي والتنمية المجتمعية، وهو ما يترجمه النداء الذي وجهه الكاتب للرئيس عبدالفتاح السيسي بعنوان “الثقافة يا سيادة الرئيس”، وفيه يقول الكاتب “وزير الثقافة في مثل الظروف التي نكابدها ـ يا سيادة الرئيس ـ أهم وأخطر الوزراء فعلى كاهله يحمل مهمة تعديل الأدمغة التي تشربت ثقافة الجماعات الارهابية التي سيطرت عليها بمفاهيم خاطئة تماما أضرت بالاسلام والمسلمين وتسير ضد سنن الحياة التي أودعها الله في كونه وخلقه من تقدم علمي في كل شئون الحياة. يا سيادة الرئيس قلت وسأظل أقول إن القضاء على الأمية لن يتم إلا باستراتيجية طويلة المدى بمعنى أن نهتم بالقضاء على الأمية من المنبع”.
وأكد في المقال ذاته أنه إذا كانت وزارة الدفاع منوط بها حماية الحدود فوزارة الثقافة منوط بها حماية العقول.
ورأى محمد خليل ضرورة إعادة النظر في كل الموروث الفني والقيام بإعادة فرز تاريخ السينما والمسرح والأغنية وغيرها، حيث إن هذه المواد الفنية ساهمت بشكل أساسي في تشكيل وبناء عقول ووجدان أعداد كبيرة من هذا الجيل الذي أفرز أعدادا كبيرة الشباب الذي كان يفرز ثقافته فرزا مكنه من إحداث أهم ثورة في تاريخ مصر الحديث بل وفي القرنين السابقين.. نحن في حاجة إلى كيان ثقافي يدرس الواقع الثقافي والفني الآن ويضع روشتة علاج للثقافة المصرية والعربية وخارطة طريق ثقافي تقودنا إلى استمرار الثورة الصحوة، وليست العبرة بتغيير المسميات.. هيئة أو مؤسسة أو وزارة أو ثقافة جماهيرية ولكن العبرة بالناتج الحقيقي للمتعطشين للثقافة الجادة الحقيقية التي تبني ولا تهدم.
ويؤكد على مطلب التغيير الثقافي تغييرا جذريا يبدأ بفرز المواد الثقافية في كل دواليب الميديا وحتى يتم ذلك لا بد أن تكون لدينا رؤية حقيقية لمستقبل هذه الأمة.
يذكر أن الكتاب صدر ضمن سلسلة كتاب شباب مصر التي يصدرها حزب شباب مصر برئاسة د. أحمد عبدالهادي والذي قدم لهذا الكتاب مؤكدا أنه وثيقة مهمة تكشف الكثير من الزوايا والتصورات الجديدة انطلاقا من قراءة الماضي والاستفادة من دروسه نحو آفاق ورؤى متجددة للآني والمستقبلي.
ميدل ايست أونلاين