نينار الخطيب
بشعر أحمر، ونظرات ثاقبة، وحركات راقصة تجمع بين تأثيرات ريهانا وشاكيرا… اختارت هيلي لوف مواجهة «داعش» على طريقتها. المغنيّة الكرديّة الأصل، مولودةٌ في إيران، وتحمل الجنسيّة الفنلنديّة، لكنّها تقيم حالياً في الولايات المتحدة. حديثاً، أثارت اهتماماً إعلاميّاً واسعاً، لاختيارها تصوير إحدى أغانيها في قرية خازر شمال العراق، البعيدة عن مناطق سيطرة «داعش» ما لا يزيد عن ثلاث كيلومترات. تحمل الأغنية عنوان «ثورة Revolution»، وصوّرت كدعم لمقاتلي البشمركة، بحسب تصريح صحافي لصاحبتها قالت فيه: «الأغنية دعم لقوّات البشمركة، لأنّي أعتبر نفسي فرداً منها».
بعد تصوير الشريط، تحوّلت هيلي لوف إلى ما وصفته وكالة «فرانس براس» بـ «شاكيرا الأكراد». فالمغنية التي بدأت مسيرتها بطرح أغنية بعنوان Risk It All (خاطر بكلّ شيء) العام 2014، اتسعت شهرتها بشكل كبير بعد إصدار أغنية «ثورة». منصّة «فيفو» صنّفت الأغنية بين الأكثر متابعة على «يوتيوب»، إذ أنّها حصدت نحو 1,3 مليون مشاهدة. لكنّ بعض الناشطين الأكراد قالوا لـ»السفير» إنّ هيلي لا تتمتّع بانتشار حقيقي في الأوساط الكرديّة. وقال أحدهم: «لوف مغنية عالميّة نفتخر بها، إلا أنهّا لم تتمكّن من ملامسة قلوبنا، أو التفوّق على نجوم الأغنية الكردية الحقيقية مثل أينور دوغان أو كلستان سوباري».
يُظهر كليب «ثورة» (7:19 د.) شكل الحياة قبل وبعد هجوم «داعش» على إحدى القرى، والدمار الذي تخلّفه المعارك. وبينما يتساقط القتلى والجرحى جرّاء القصف، تظهر لوف وهي ترقص وتغنّي فوق السيارات المدمّرة، أو وهي ترفع لافتة كتب عليها «أوقفوا العنف»، في وجه فوهة الدبابة. وفي لقطات أخرى، تتقدّم صفّ جنود خلال عرض عسكريّ، وتشاركهم «الرقص» بأسلوب يذكر بأغنية History لملك البوب الراحل مايكل جاكسون.
«هيلي لوف»، واسمها الحقيقي هيلان عبد الله، من مواليد إيران العام 1988، تعرّف عن نفسها بأنّها «كردية اضطرت عائلتها لمغادرة العراق هرباً من صدام حسين». انتقلت إلى فنلندا، ثمّ إلى لوس أنجليس لمتابعة مسيرتها الفنية كمغنيّة بوب. وبعد اندلاع المعارك بين الأكراد ومسلحي تنظيم «داعش» في العراق، أطلقت أغانيها المناوئة للتنظيم، وانتقلت للعيش في أربيل.
تعتمد المغنيّة زينة فاقعة الألوان، وإكسسوارات مستوحاة من الأسلحة والذخائر وذلك ما جذب نحوها اهتماماً عالميّاً، فأجرت سلسلة لقاءات متتالية مع كبرى وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، وأعدت شبكات تلفزيونية ملفات عنها، آخرها ملفّ بثّته إذاعة «بي بي سي» بعنوان «هيلي لوف مغنية كردية تقاتل تنظيم الدولة الإسلاميّة بأغانيها».
ومن العوامل المساهمة في شهرة لوف، محاكاتها للمقاتلات الكرديّات اللواتي برز دورهنّ على نطاق واسع بعد معركة عين العرب. فهي تتشبّه بهنّ إلى حدٍّ ما، لكنّها في الوقت ذاته تحاول إظهار اختلافها عنهنّ، من خلال المظهر الأنيق والجريء القريب من مظهر نجمات البوب العالميّات. ذلك ما حوّلها في فترة قصيرة إلى «أيقونة»، خصوصاً بعد انتشار أخبار عن تلقّيها تهديدات من «داعش» بتصفيتها.
لا جديد في القول إنّ بعض الظروف السياسيّة تساهم في شهرة بعض الفنانين، وقد لا يكون هناك عيب في ذلك. يبقى النظر في كيفيّة المعالجة، وما إذا كان الفنان يجيد ما هو أكثر من «الرقص فوق آلام الآخرين». وذلك يأخذنا إلى نقاش آخر، إذ يرى بعضهم أنّ أغاني هيلي لوف نوع من أنواع المقاومة لثقافة التطرّف الداعشيّة. الأكيد أنّ هيلان عبد الله تعرف كيف تثير جدلاً من حولها، كما حصل في شريطها المصّور الأوّل «خاطر بكلّ شيء»، حين ظهرت بوشم على كتفها يحمل اسم «الحسين»، بجانب وشم آخر لرمز المثلث المقلوب المرتبط بالماسونيّة. الأكيد أيضاً أنّها تقدّم القضية الكردية بلغة وأسلوب يناسبان المزاج العالمي، من دون أن تقترب من التقاليد الكردية الحقيقيّة، أو تحاول تصديرها إلى العالم.
السفير