من يزوّر كتابًا يزوّر تاريخ أمة


منة الله الأبيض


“من استحلّ تزوير كتاب، استحلّ تزوير وثيقة رسمية، وقد يزوّر تاريخ أمة”. بتلك العبارة، علق الدكتور عبد الواحد النبوي، وزير الثقافة المصري على أزمة “علي المولى”، أو “روبن هود” بحسب وصف محرر صحيفة القاهرة (التي تصدرها وزارة الثقافة، وأجرت حوارًا معه)، أو “لص الكتب” بحسب وصف الناشرين. 
وقد أثار الحوار الذي أجرته “القاهرة” مع علي المولى، قرصان الكتب وخبير تزويرها ونشرها وتوزيعها على شبكة الإنترنت، الجدل بشكل كبير، خصوصًا أن البعض رأى أن الصحيفة تقدمه بصورة المغامر أو البطل أو المقدم على فعل شيء له قيمة، في حين وصفه الناشرون بأنه “مجرد لص يضرب صناعة النشر في مقتل”. 
هي إشكالية مُعقدة، أطرافها “الناشر” و”القارئ” و”الدولة”. ويبدو أن قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، الذي وصفه رئيس اتحاد الناشرين المهندس عادل المصري في حوار سابق أجرته معه “بوابة الأهرام” بأنه قانون “غير مجد”، يبدو أنه لا يحمي حق ناشر، ولا يحفظ حرمة كتاب. 
وأضاف الدكتور عبدالواحد النبوي، وزير الثقافة، في تصريحه لــ”بوابة الأهرام”، أنه تابع الأمر بعناية، وطالب رئيس تحرير جريدة “القاهرة” الكاتب الصحفي سيد محمود، بأن يبحث ملابسات الموضوع، لمعرفة تفاصيل إجراء الحوار، مستنكرًا فعل التزوير، ومعتبرًا أن من يزور كتابا فإنه يهدر قانون حماية الملكية الفكرية، ويعصف بحقوق الناشرين والمؤلفين. 
وقد زوّر علي المولى ما يقرب من 100 ألف كتاب، واعتبر النبوي أن من يستحل تزوير كتاب، يستحل تزوير وثيقة رسمية، ويُزّور تاريخ أمة، حتى وإن كانت النوايا حميدة، كما بادر بتأييد أية مبادرة يقوم بها اتحاد الناشرين المصريين، لمواجهة التزوير وقرصنه الكتب. 
وبحسب قول الناشر وائل الملا، مدير دار “مصر العربية”، فإن الدولة لا تقدم دعمًا كافيًا لدور النشر، كما أن الدولة تدخل منافسًا للناشر في ترجمة الأعمال، فتُضيع عليه فرصًا، فبجانب تخليها عن شراء نشر الإصدارات الجديدة للدور، كبعض الدول العربية، التي تدعم دور النشر بشراء إصداراتهم، فإنها تفرض عبئًا ضريبيًا عليهم. 
وقد أثارت حفيظة بعض المثقفين وأغلبية الناشرين ردود “علي المولى”، صاحب منتدى مكتبة الإسكندرية، في حوار صحيفة “القاهرة”، حيث استهان فيه بحقوق الملكية الفكرية، مبررًا أفعاله بأن قاعدة عريضة من القراء قد تشكلت بفضل الكتب المزورة إلكترونيًا، كما أن الكتب المزورة زادت التعريف بالكتّاب، ومنحتهم شهرة عريضة، بحد قوله. 
من جهته، ناشد المهندس عادل المصري، رئيس اتحاد الناشرين، الدكتور عبدالواحد النبوي وزير الثقافة للتدخل، باعتبار أن جريدة “القاهرة” تابعة لوزارة الثقافة، واستنكر المصري الحوار الذي أجراه المحرر مادحًا “علي المولي” بوصفه “روبن هود المحبوب”، مشيرًا إلى أن الاتحاد ليس ضد إجراء حوار معه، وإنما ضد “التمجيد” و”المدح”. 
و”روبن هود”، لمن لا يعرفه، هو شخصية إنجليزية فلكلورية أسطورية، يظهر فيها شجاعا ومغوارا، إلا أنه طائش وخارج عن القانون، يحارب الظلم ويسرق الأغنياء من أجل إطعام الفقراء. و”علي المولي”، من ثم، طائش وخارج عن القانون فيما يخص الكتب وحقوق الملكية الفكرية، يسرق “الناشرين” الأغنياء، ويطعم “القراء” الفقراء، بحد المعقولية، وفق وجهة نظر المحرر. 
وواصل عادل المصري توعده لـ”علي المولي” باتخاذ إجراء قانوني ضده، بخاصه أنه قد اعترف في الحوار بأنه قام بسرقة الكُتّاب والناشرين على حد سواء، إضافة إلى ذلك سيطالب المصري المؤلفين بتقديم شكاوى ضده.
بوابة الأهرام

شاهد أيضاً

ليتني بعض ما يتمنى المدى

(ثقافات) ليتني بعض ما يتمنى المدى أحمد عمر زعبار اعلامي وشاعر تونسي مقيم في لندن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *