مولود فرعون تحدى الاحتلال الفرنسى بـ”الكتابة” فقتلوه


أحمد إبراهيم الشريف


قبل أيام معدودة من انتهاء الاحتلال الفرنسى للجزائر الذى استمر ما يزيد عن 130عاما، كان الكاتب الجزائرى “مولود فرعون” ينتظر بشغف سطوح شمس الحرية على أرضه وبلاده لكن كان للاحتلال رأى آخر مغاير فتم اغتياله أثناء وجوده بمؤسسة تربوية مع خمسة مثقفين آخرين قتلوا جميعا وسال دمه على تراب بلد “المليون شهيد”. غلاف رواية ابن الفقير وقف “مولود فرعون” فى وجه الاستعمار الفرنسى لا يملك إلا اللغة الأدبية والتعبير عن الوجع الجزائري والمعاناة مستخدما اللغة الفرنسية فى النضال ليقول للمحتل، “أنا أناضل ضدكم بلغتكم، ولأبعدكم عن (الدروب الوعرة) التى تعشق قبائلنا أن تعيش أجمل الأيام القبائلية فيها.. أنا أناضل ضدكم ولن تمنعنى ثقافة المهجر من النطق بما تحتاجه الثقافة الجزائرية التقليدية”، إنه “مولود فرعون” الذى سقط بنيرانِ عصابة منظمة الجيش السرى الفرنسى، فى 15 مارس 1962 على أرض الجزائر.
فى كتابه “معركة الجزائر” والذى هو عبارة عن يوميات الثورة، التى كان الجزائرى “مولود فرعون” يسجلها يومًا بيوم، والذى نشر سنة 1962فى جريدة المساء المصرية فى العام نفسه الذى استشهد فيه “مولود” على يد القوات الفرنسية يقول فى إحدى يومياته: “قتل خمسة فى آيت-فراح، إنه القدر، واحد فقط حاول الهرب، ويبدو أنه قد دافع عن نفسه قبل أن يسقط، ويبدو أن هذا الشاب قدّم نفسه ضحية كى يحاول حماية هاربين آخرين.. وفى تامزاريت قتل سبعة، كما أن شابا كان مقبوضًا عليه وترك مطلق السراح فى المعسكر، فضربوه بالرصاص، بينما كان يجري لالتقاط بالونة قذفها أحدهم بقدمه وأمره أن يعيدها إليه”. 
كان للقضية الجزائرية فى صراعها مع الاستعمار الفرنسى وجه آخر أدبى وإبداعى ومن وجهها الثقافى كان “مولود فرعون” وقد صدرت له عدة نصوص بحثية وإبداعية، كان أولها “أيام قبائلية” وهو كتاب لرصد عادات وتقاليد الجزائريين الأمازيغ، وصدر عام 1954، ثم روايته التى نالت اهتمامًا عالميا، وهى رواية “ابن الفقير”، والتى قال عنها قال عنها، كتبتها على ضوء شمعة ووضعت فيها قطعة من ذاتى”، وهى تسجل ما يشبه السيرة الذاتية، بالإضافة إلى روايته الرائعة “الدروب الوعرة”، وهى من أولى الروايات التى انشغلت بقضية المسيحيين الذين يعانون من رجعية العادات والتقاليد. ورواية نجل الفقير للأديب الراحل “مولود فرعون هى أهم عمل جزائري، تهافت العديد لترجمتها إلى حوالي 25 لغة عالمية، لما تضمنته من أفكار وقيم إنسانية عظيمة. تناول الأديب فرعون فى روايته الظلم الذى عاشه الشعب الجزائري لسنوات عديدة تحت ظلام الاحتلال الفرنسى، حيث إن أحداث الرواية تدور عقب نهاية “معركة الجزائر” الشهيرة عام 1957م ، وتتناول رواية نجل الفقير مأساة الفقراء الجزائريين، ويشرح فيها كيف يتكون الطبع الحقيقى للرجل القبيلى، حيث إن الطفل الرضيع تبدأ معركته مع الحياة منذ ولادته؛ فإما أن يقاوم الحياة ليحضى بالعيش بكرامة أو أن يستسلم للحياة والفقر ويعيش بالذل والمهاناة لبقية حياته. 
اليوم السابع

شاهد أيضاً

العهدُ الآتي كتاب جديد لمحمد سناجلة يستشرف مستقبل الحياة والموت في ظل الثورة الصناعية الرابعة

(ثقافات) مستقبل الموت والطب والمرض والوظائف والغذاء والإنترنت والرواية والأدب عام 2070 العهدُ الآتي كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *